الولادة المكرّمة في الكعبة المعظّمة - الصفحه 23

حياة علي عليه السّلام يوم للشرك أو الوثنية، بل ولد في الإسلام دفعة واحدة وإلى الأبد، فكان مثار دهشة أبدية، أن يولد علي عليه السّلام مسلماً في زمن الجاهلية.
حينما بلغ الوليد العاشرة كان الوحي قد أمر الرسول صلّى الله عليه و آله بالدعوة، فكان علي عليه السّلام ربيب الوحي وغرسة النبوة، يرى نور الوحي والرسالة، ويشمّ ريح النبوة، ويسبق الناس الى الإيمان بالواحد الأحد والتصديق بالنبي الخاتم صلّى الله عليه و آله ، والتقدّم الى محراب الصلاة مع ابن عمّه المبعوث رحمة الى العالمين.
قال أمير المؤمنين عليه السّلام في خطبته القاصعة: «ولقد كان يجاور في كلّ سنةٍ بحِراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله صلّى الله عليه و آله وخديجة، وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشمّ ريح النبوّة، ولقد سمعت رنّة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلّى الله عليه و آله فقلت: يا رسول الله، ما هذه الرنّة؟ فقال: هذا الشيطان قد أيس من عبادته، إنّك تسمع ما أسمع، وترى ما أرى، إلا أنّك لست بنبيّ، ولكنّك لوزير، وإنّك لعلى خير..»۱.وقال عليه السّلام : «أنا عبدالله وأخو رسول الله، وأنا الصدّيق الأكبر، لا يقولها بعدي إلا كاذب، صلّيت قبل الناس بسبع سنين قبل أن يعبده أحدٌ من هذه الأمّة»۲.
هذه إذن هي خصوصية الزمان الذي ولد فيه أمير المؤمنين عليه السّلام وتربّى وعاش فتوّته .
أمّا تفرّده بفضل المكان، فقد ولد عليه السّلام في الكعبة المعظّمة ـ بيت الله الذي رفع قواعده أبوه إبراهيم عليه السّلام ـ بطريقة إعجازية متلبّسة بالأسرار بما اشتملت عليه من انشقاق جدار البيت، ودخول فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين عليه السّلام في جوف الكعبة، ومن ثمّ التآم موضع الشقّ، وبقائها في البيت ثلاثة أيّام تأكل من طعام

1.نهج البلاغة / صبحي الصالح: ۳۰۱ / خ ۱۹۲.

2.المستدرك على الصحيحين / الحاكم۳: ۱۱۱ ـ ۱۱۲.

الصفحه من 62