الولادة المكرّمة في الكعبة المعظّمة - الصفحه 25

مُثلى للبشر بعد النبي صلّى الله عليه و آله في مسيرهم نحو مدارج الكمال في العلم والمعرفة ومكارم الأخلاق، وهو من النبي صلّى الله عليه و آله بمنزلة هارون من موسى إلا أنّه لا نبيّ بعده صلّى الله عليه و آله ، والنبي صلّى الله عليه و آله دار الحكمة وعلي عليه السّلام بابها، وهو صلّى الله عليه و آله مدينة العلم وعلي عليه السّلام بابها، وعلي عليه السّلام عيبة الأسرار الإلهيّة وخازن المآثر النبوية، وأعلم الناس بالكتاب العظيم، وأعملهم بسنّة النبي الكريم صلّى الله عليه و آله .
ومنها: القصد والاختبار، فالبيت الحرام جعله الله تعالى محلّ اختبار وامتحان للخلق، فقد أمر الله سبحانه الخلق «أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابةً لمنتجع أسفارهم، وغايةً لمُلقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز سحيقة ، ومهاوي فجاج عميقة ، وجزائر بحار منقطعة ، حتى يهزّوا مناكبهم ذللاً يهلّلون لله حوله، ويرمُلون على أقدامهم شُعثاً غُبراً له، قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم، وشوّهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم ، ابتلاءً عظيماً ، وامتحاناً شديداً ، واختباراً مبيناً ، وتمحيصاً بليغاً ، جعله الله سبباً لرحمته، ووصلةً الى جنّته» ۱ .
وعن الإمام الصادق عليه السّلام : «هذا بيت استعبد الله به خلقه، ليختبر طاعتهم في إتيانه، فحثّهم على تعظيمه وزيارته، وجعله محلَّ أنبيائه، وقبلةً للمصلّين إليه، فهو شعبة من رضوانه، وطريق يؤدّي الى غفرانه»۲.
وأمير المؤمنين عليه السّلام مَثَله مثل الكعبة، يقصده الناس ولا يقصد أحداً، ويسألونه ولا يسأل أحداً، ويمتارون منه العلم ولا يمتار من أحد، قال رسول الله صلّى الله عليه و آله : «يا علي أنت بمنزلة الكعبة تُؤتى ولا تأتي»۳.
وهو قبلة أفئدة المؤمنين الذين أُمروا بالتوجّه إليه والتمسّك بولايته، والاعتقاد

1.نهج البلاغة / صبحي الصالح: ۲۹۳ / ۱۹۲.

2.الكافي / الكليني۴: ۱۹۸ / ۱.

3.أُسُد الغابة / ابن الأثير ۴: ۳۱.

الصفحه من 62