وهكذا كانت بعثة النبي الكريم صلّى الله عليه و آله وولادة الوصيّ عليه السّلام إيذاناً بتطهير البيت العتيق من الأصنام، ونشر مبادئ التوحيد في أُمّ القرى وما حولها، قال السيد شهاب الدين محمود الآلوسي ت 1270 هـ في (سرح الخريدة الغيبيّة في شرح القصيدة العينية)، لعبد الباقي أفندي العمري ص: 75 عند قول الناظم مخاطباً أمير المؤمنين عليه السّلام :
وأنت أنت الذي حطّت له قدمٌ-في موضع يده الرحمن قد وضعا
قيل: أحبّ عليه الصلاة والسلام ـ يعني علياً عليه السّلام ـ أن يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها، فإنّها ـ كما ورد في بعض الآثار ـ كانت تشتكي الى الله تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول: أي ربّ حتى متى تُعبَد هذه الأصنام حولي؟ والله تعالى يعدها بتطهيرها من ذلك 1 .
وكان ثمّة موعد بين الكعبة ووليدها في تطهيرها من مظاهر الشرك والرجس، فكان اللقاء بينهما في يوم الفتح المبين ، وبحضور ابن عمّه النبي المصطفى صلّى الله عليه و آله ، قال عليه السّلام : «انطلق بي رسول الله صلّى الله عليه و آله حتى أتى بي الكعبة، فقال لي : اجلس، فجلست الى جنب الكعبة، فصعد رسول الله صلّى الله عليه و آله بمنكبي، ثمّ قال لي: انهض، فنهضت، فلمّا رأى ضعفي تحته قال لي: اجلس، فنزلت وجلست، ثمّ قال لي: يا عليُّ اصعد على منكبي، فصعدت على منكبيه، ثمّ نهض بي رسول الله صلّى الله عليه و آله ، فلمّا نهض بي خيّل إليَّ لو شئت نلت أُفق السماء، فصعدت فوق الكعبة، وتنحّى رسول الله صلّى الله عليه و آله فقال لي: ألق صنمهم الأكبر، صنم قريش، وكان من نحاس مُؤتدّاً بأوتادٍ من حديد الى الأرض، فقال لي رسول الله صلّى الله عليه و آله : عالجه ، ورسول الله صلّى الله عليه و آله يقول لي: إيهٍ إيهٍ، جاء الحقّ وزهق الباطل، إنّ الباطل كان زهوقاً، فلم أزل
1.الغدير / الأميني ۶: ۲۲ ـ ۲۳.