إِلَى تَخَيُّرِ الأَطْعِمَةِ ، وَلَعَلَّ بِالحِجَازِ أَوِ بِالـيََمامَةِ مَنْ لاَطَمَعَ لَهُ في الْقُرْصِ، وَلاَ عَهْدَ لَهُ بِالشبَعِ ، أَوْ أَبِيتَ مِبْطَأَنَا وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى، أَوْ أَكُونَ كَمَا قَالَ القَائِلُ:
وَحَسْبُك دَاءً أَنْ تَبِيتَ بِبِطْنَةٍ-وَحَوْلك أَكْبَادٌ تَحِنُّ إِلَى القِدِّ
أَأَقْنَعُ مِنْ نَفْسِي بِأَنْ يُقَالَ: أَمِيرُالمُؤْمِنِينَ، وَلاَ أُشَارِكُهُمْ في مَكَارِهِ الدهْرِ، أَوْ أَكُونَ أُسْوَةً لَهُمْ في جُشُوبَةِ العَيْشِ! فَمَا خُلِقْتُ لِيَشْغَلَنِي أَكْلُ الطيِّبَاتِ، كَالَبَهِيمَةِ المَرْبُوطَةِ هَمُّهَا عَلَفُهَا، أَوِ المُرْسَلَةِ شُغُلُهَا تَقَمُّمُهَا، تَكْتَرِشُ مِنْ أَعْلاَفِهَا، وَتَلْهُوعَمَّا يُرَادُ بِهَا، أَوْ أُتْرَك سُدىً، أَوْ أُهْمَلَ عَابِثاً، أَوْ أَجُرَّ حَبْلَ الضلاَلَةِ، أَوْ أَعْتَسِفَ طَرِيقَ المَتَاهَةِ! وَكَأَنِّي بِقَائِلِكُمْ يَقُولُ: إِذَا كَانَ هذَا قُوتُ ابْنِ أبي طَالِب، فَقَدْ قَعَدَ بِهِ الضعْفُ عَنْ قِتَالِ الأَقْرَانِ وَمُنَازَلَةِ الشجْعَانِ.
أَلاَ وَإِنَّ الشجَرَةَ البَرِّيَّةَ أَصْلَبُ عُوداً، وَالروَائِعَ الخَضِرَةَ أَرَقُّ جُلُوداً، وَالنابِتَاتِ العِذْيَةَ أَقْوَى وَقُوداً، وَأَبْطَأُ خُمُوداً، وَ أَنَا مِنْ رَسُولِ الله صلّى الله عليه و آله كَالصِنْوِ مِنَ الصِنْوِ، وَالذِرَاعِ مِنَ العَضُدِ.
والله، لَوْ تَظَاهَرَتِ الْعَرَبُ عَلَى قِتَالِي لَمَا وَلّيْتُ عَنْهَا، وَلَوْ أَمْكَنَتِ الفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا، سَأَجْهَدُ في أَنْ أُطَهِّرَ الأَرضَ مِنْ هذَا الشخْصِ المَعْكُوسِ، وَالجِسْمِ المَرْكُوسِ، حَتَّى تَخْرُجَ المَدَرَةُ مِنْ بَيْنِ حَبِّ الحَصِيدِ.
إِلَيْكِ عَنِّي يَا دُنْيَا، فَحَبْلُك عَلَى غَارِبِكِ، قَدِانْسَلَلْتُ مِنْ مَخَالِبِكِ، وَأَفْلَتُّ مِنْ حَبَائِلِكِ، وَاجْتَنَبْتُ الذهَابَ في مَدَاحِضِكِ. أَيْنَ القُرُونُ الذِينَ غَرَرْتِهِمْ بَمَدَاعِبِكَ؟! أَيْنَ الأُمَمُ الذِينَ فَتَنْتِهِمْ. بِزَخَارِفِكِ؟! هَاهُمْ رَهَائِنُ القُبُورِ، وَمَضَامِينُ اللُحُودِ. ـ والله ـ لَوْ كُنْتِ شَخْصاً مَرْئِيّاً، وَقَالَباً حِسِّيّاً، لاََقَمْتُ عَلَيْكِ حُدُودَ الله في عِبَاد غَرَرْتِهِمْ بِالأَمَانِي، وَأُمَم أَلْقَيْتِهِمْ في المَهَاوِي، وَمُلُوك أَسْلَمْتِهِمْ إِلَى التلَفِ، وَأَوْرَدْتِهِمْ مَوَارِدَ البَلاَءِ، إِذْ لاَ وِرْدَ وَلاَصَدَرَ! هَيْهَاتَ! مَنْ وَطِى ءَ دَحْضَكِ زَلِقَ، وَمَنْ