أنا؛ ترجمة ذاتيّة للإمام (ع) طبقاً للنصوص الموثوقة - الصفحه 130

ثم التفت عليه السّلام يميناً وشمالاً، فقال: ألا لا يقولنّ رجالٌ منكم غداً قد غمرتهم الدنيا فاتّخذوا العقارَ، وفجروا الأنهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عاراً وشناراً، إذا ما منعتهم ما كانوا يخوضون فيه، وأصرتهم إلى حقوقهم التي يعلمون، فينقمون ذلك، ويستنكرون ويقولون حرمنا ابنُ أبي طالب حقوقَنا!؟ ألا، وأيّما رجلٍ من المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه و آله على أن الفضل له على من سواه لصُحبته، فإنّ الفضل النيّر غداً عند الله، وثوابه وأجره على الله، وأيّما رجلٍ استجاب لله وللرسول، فصدّق ملّتنا، ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، فقد استوجب حقوق الإسلام وحدوده، فأنتم عبادُ الله، والمالُ مالُ الله، يقسم بينكم بالسوية، لا فضل فيه لأحدٍ على أحدٍ، وللمتقين عند الله غداً أحسن الجزاء، وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتّقين أجراً ولا ثواباً، وما عند الله خيرٌ للأبرار وإذا كان غداً ـ إن شاء الله ـ فاغْدوا علينا، فإنّ عندنا مالاً نقسمه فيكم، ولا يتخلفنّ أحدٌ منكم، عربيّ ولا عجميّ، كان من أهل العطاء أو لم يكن، إلاّ حضر، إذا كان مسلماً حرّاً. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم .

شرح نهج البلاغة (7/36).

۰.( 244/م) أَنَا من أنْ أكونَ مقصّراً في ما ذكرتَ أخوفُ.

۰.قال عليه السّلام :أمّا ما ذكرتَ من عملنا وسيرتنا بالعدل، فإنّ الله عَزَّ وجَلَّ يقول: مَنْ عَمِلَ صَــلِحًا فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا وَ مَا رَبُّكَ بِظَـلَّـمٍ لِّلْعَبِيدِ [سورة فصّلت ۴۱/ ۴۶ ] وأنا من أنْ أكونَ مقصّراً في ما ذكرتَ أخوفُ.
وأمّا ما ذكرتَ من أنّ الحقّ ثَقُلَ عليهم ففارقونا لذلك، فقد علم الله أنّهم لم يُفارقونا من جورٍ، ولا لجأوا إذْ فارقونا إلى عدلٍ، ولم يلتمسوا إلاّ دُنيا زائلةً عنهم، كأنْ قد فارقوها، وليُسألُنّ يوم القيامة: أللدُنيا أرادوا أم لله عملوا؟.

ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة (2/198).

الصفحه من 164