حولاً ولا شهراً حتى وثبا ومرقا، ونازعاني أمراً لم يجعل الله لهما إليه سبيلاً، بعد أن بايعا طائعَيْنِ غير مكرَهَينِ، يرتضعانِ أُمّاً قد فُطِمَتْ، ويُحييان بدعةً قد أمِيْتَتْ. أَ دَمَ عثمان زَعَما؟ واللهِ، ما التَبِعَةُ إلاّ عندَهم وفيهم، وإنّ أعظم حجّتهم لعلى أنفسهم، وأَنَا راضٍ بِحُجّة الله عليهم وعمله فيهم، فإنْ فاء ا وأنابا فحظّهما أَحْرَزَا، وأنفسهما غنما، وأَعْظِمْ بها غنيمةً! وإن أبيا أعطيتهما حدّ السيف، وكفى به ناصراً لحقٍّ، وشافياً لباطلٍ!.
ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(1/308)
۰.ومن خطبة له عليه السّلام :ألا وإنّ الشيطان قد ذَمَرَ حزبه، واستجلب جلبه، ليعود الجورُ إلى أوطانه ويرجع الباطلُ إلى نصابه ـ والله ـ ما أنكروا عليَّ مُنْكراً، ولا جعلوا بيني وبينهم نَصَفاً، وإِنَّهم ليطلبونَ حَقّاً هُمْ تَرَكُوهُ ودَمَاً هُم سَفَكُوهُ، فلئنْ كُنْتُ شَرِيكَهُم فيه فإنّ لهم لنصيبهم منه، ولئنْ كانوا وَلَوهُ دُوني، فما التَبِعَةُ إلاّ عندَهم. وإنّ أعظمَ حُجّتهم لعلى أنفسهم، يرتضعون أُمّاً قد فُطِمَتْ، ويُحيُون بِدْعةً قد أُمِيْتَتْ. يا خيبةَ الداعي! مَنْ دَعا؟! وإِلامَ أُجِيبَ؟! وإنّي لَرَاضٍ بحجّة الله عليهم، وعمله فيهم، فإن أَبُوا أعطيتُهم حدَّ السيف، وكفى به شافياً من الباطل، وناصراً لِلحقّ.
ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة(1/303).
وذكر أَبُو مخنف في كتاب الجمل: أن علياً عليه السّلام خطب لما سار الزبير وطلحة من مكّة، ومعهما عائشة، يريدون البصرة، فقال: أيّها الناس، إن عائشة سارت إلى البصرة، ومعها طلحة والزبير، وكلّ منهما يرى الأمر له دون صاحبه، أمّا طلحة فابن عمّها، وأمّا الزبير فختنها، والله، لو ظفروا بما أرادوا - ولن ينالوا ذلك أبداً- ليضربنّ أحدُهما عنقَ صاحبه بعد تنازع منهما شديدٍ. والله، إنّ راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبةً ولا تحلّ عقدةً إلاّ في معصية الله وسخطه، حتى تورد نفسها ومَن معها موارد الهلكة، أي ـ والله ـ ليقتلنّ ثلثهم، وليهربنّ ثلثهم وليتوبنّ ثلثهم، وإنّها التي تنبحها كلابُ الحوأب، وإنّهما ليعلمان أنّهما مخطئان. وربّ عالمٍ قتله جهلُه، ومعه علمُه لا ينفعُه، وحسبُنا الله ونعم الوكيلُ ، فقد قامت الفتنةُ فيها الفئةُ الباغيةُ، أينَ