حَتَّى أُبَايِعَ!
وَلَعَمْرُ اللهِ لَقَدْ أَرَدْتَ أَنْ تَذُمَّ فَمَدَحْتَ، وَأَنْ تَفْضَحَ فَافْتَضَحْتَ! وَمَا عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْ غَضَاضَة في أَنْ يَكُونَ مَظْلُوماً مَا لَمْ يَكُنْ شَاكّاً في دِينِهِ، وَلاَمُرْتَاباً بِيَقِينِهِ! وَهذِهِ حُجَّتِي إِلَى غَيْرِك قَصْدُهَا، وَلكِنِّي أَطْلَقْتُ لك مِنْهَا بِقَدْرِ مَا سَنَحَ مِنْ ذِكْرِهَا.
ثُمَّ ذَكَرْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِي وَأَمْرِ عُثْمانَ، فَلَك أَنْ تُجَابَ عَنْ هذِهِ لِرَحِمِك منْهُ، فَأَيُّنَا كَانَ أَعْدَى لَهُ أَهْدَى إِلَى مَقَاتِلِهِ! أَمْ مَنْ بَذَلَ لَهُ نُصْرَتَهُ فَاسْتَقْعَدَهُ وَاسْتَكَفَّهُ، أَمْ مَنِ اسْتَنْصَرَهُ فَتَرَاخى عَنْهُ بَثَّ الـمَنُونَ إِلَيْهِ حَتَّى أَتَى قَدَرُهُ عَلَيْهِ، كَلاَّ ـ والله ـ لَقَد عَلِمَ الله الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لاِِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلاَ يَأَتُونَ الْبَأْسَ إِلاَّ قَليلاً.
وَمَا كُنْتُ لأَعْتَذِرَ مِنْ أنّي كُنْتُ أَنْقِمُ عَلَيْهِ أَحْدَاثاً فَإِنْ كَانَ الذنْبُ إِلَيْهِ إِرْشَادِي وَهِدَايَتِي لَهُ، فَرُبَّ مَلُوم لاَ ذَنْبَ لَهُ. وَقَدْ يَسْتَفِيدُ الظنَّةَ الْمُتَنَصِّحُ ، وَمَا أَرَدْتُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِالله عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ.
وَذَكَرْتَ أَنَّهُ لَيْسَ لِي وَلاَ لأَصْحَابِي عِنْدَك إِلاَّ السيْفُ، فَلَقَدْ أَضْحَكْتَ بَعْدَ اسْتِعْبَار ، مَتَى أُلْفِيَتْ بَنُو عَبْدِ المُطَّلِبِ عَنِ الأَعْدَاءِ نَاكِلِينَ؟ وبِالسُّيُوفِ مُخَوَّفِينَ ؟! فَلَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَق الهَيْجَا حَمَلْ، فَسَيَطْلُبُك مَنْ تَطْلُبُ، وَيَقْرُبُ مِنْك مَا تَسْتَبْعِدُ، وَأَنَا مُرْقِلٌ نَحْوَك في جَحْفَلٍ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ، وَالتابِعِينَ بِإِحْسَان، شَدِيد زِحَامُهُمْ، سَاطِع قَتَامُهُمْ مُتَسَرْبِلِينَ سَرَابِيلَ المَوْتِ، أَحَبُّ اللقَاءِ إِلَيْهِمْ لِقَاءُ رَبِّهِمْ، قَدْ صَحِبَتْهُمْ ذُرِّيَّةٌ بَدْرِيَّةٌ وَسُيُوفٌ هَاشِمِيَّةٌ، قَدْ عَرَفْتَ مَوَاقِعَ نِصَالِهَا في أَخِيكَ وَخَالك وَجَدِّك وَأَهْلِك وَمَا هِيَ مِنَ الظالِمِينَ بِبَعِيد.
نهج البلاغة (ص 626) الكتاب 29.
۲۹۸.أَنَا صاحِبُ لَيْلَةِ الهَرِير.عُيُون المواعِظِ والحِكَم.
۲۹۹.أَنَا من أَهْلِ بَدْرٍ، ومعاوية طَلِيْقٌ وابنُ طَلِيْقٍ.
۰.قام عَلِيٌّ عليه السّلام فخطب الناس بِصِفِّين، فقال:الحمدُ لله على نعمه الفاضلة على جميع من خلق، من البَرّ والفاجر، وعلى حججه البالغة على خلقه من أطاعه فيهم ومن عصاه، إن يرحم فبفضله ومنّهِ، وإنْ عذّب فبما كسبتْ أيديهم، وإنّ الله ليس