مسائل حول الفضائل - الصفحه 208

نوفل ـ لمّا أتت إليه بالنبيّ صلّى الله عليه و آله : يا ابن عمّ، اسمع من أبن أخيك، فقال له ورقة: يا أبن أخي ، ماذا ترى؟ والحديث في الصحيح ۱ .
مع أنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله لم يكن ابن أخ ورقة، ولكن كان والدُ النبيّ صلّى الله عليه و آله ـ عبدُ الله بن عبد المطّلب ـ وورقة في عدد النسب إلى قصيّ بن كلابٍ الذي يجتمعان فيه سواء، فكان من هذه الحيثيّة في درجة أخوّته.
والمقصود أنّ النبيّ صلّى الله عليه و آله لو أرسل أبا بكرٍ رضي الله عنه لكان كافياً للعرب في إثبات الحُجّة عليهم في حلّ العقد، لأنّ أبا بكرٍ يُعتبر من قرابته عندهم، ولكنّه لمّا لم يُرسله وأرسل عليّاً عليه السّلام دلّ ذلك على خصوصيّةٍ له عليه السّلام ، ومنقبةٍ من مناقبه، وفضيلةٍ من فضائله التي امتاز بها عن سائر الصحابة رغم أنف ابن العربيّ وغيره من النواصب.
ويدلّ على هذا قوله صلّى الله عليه و آله : «عليٌّ منّي وأنا من عليّ، ولا يُؤدّي عنّي إلا أنا أو عليّ» فإنّه لو كان المراد في ذلك هو القرابة لما حصر صلّى الله عليه و آله الأمر في الأداء عنه في عليٍّ وحده، إذ لا معنى له، ولقال: لا يؤدّي عنّي إلا أحد قرابتي، فدلّ تخصيصه بالتبيلغ على الخصوصيّة له، ومكانته الخاصّة من النبيّ صلّى الله عليه و آله ، وذلك ما يدلّ عليه قوله صلّى الله عليه و آله : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى».
فهذا الحديث يبيّن المراد والسبب في إرساله صلّى الله عليه و آله عليّاً بسورة براء ة إلى المشركين دون غيره من الصحابة، لأنّ فيها تبليغاً وإنذاراً من الله عزّ وجلّ، وهذا أمرٌ لا يقوم به إلا النبيّ صلّى الله عليه و آله أو مَنْ يقوم مقامه في ذلك عند غيبته، كما كان شأن هارون مع موسى عليهما السّلام ، فإنّه كان يخلفه في قومه عند غيبته، كما أخبر تعالى عن ذلك.
وهذا أيضاً ممّا يؤيّد ما قلناه سابقاً من أنّ عليّاً عليه السّلام أدرك وبلغ درجة مقام النبوّة التي تُنال بالكسب.
فهذا الموضع الأوّل الذي نفث فيه ابن العربي ـ غفر الله له ـ نُصْبَهُ وكلامه على

1.صحيح البخاري : كتاب بدء الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه و آله : ۱ / ۳ ـ ۴ .

الصفحه من 212