219
إكليل المنهج في تحقيق المطلب

عن عبداللّه بن محمّد بن الحجّال وأحمد بن محمّد بن أبينصر ومحمّد بن سنان وعلي بن الحكم ، عن الحسين بن المختار ، قال : خرجت إلينا ألواح من أبيإبراهيم موسى عليه السلام وهو في الحبس ، فإذا فيها : «عهدي إلى أكبر ولدي ... ۱ ».
وفي حديث آخر : عن الحسين بن المختار قال : لمّا مرّ بنا أبوالحسن بالبصرة خرجت إلينا منه ألواح مكتوب فيها بالعرض : «عهدي إلى أكبر ولدي» ۲ .
وقاعدة الصدوق ذكر الإنكار إذا كان الراوي بالنصّ واقفيّا كما في زياد القندي ، وحيث ذكر الروايتين عن الحسين بن المختار لم ينبّه بشيء ، وهو دليل [ على ] أنّه ليس من الواقفة عنده ، وبعد ما ذكر النصّ عن زياد هكذا :
عن زياد بن مروان القندي قال : دخلت على أبيإبراهيم عليه السلام وعنده علي ابنه فقال [ لي ] : يا زياد هذا كتابه كتابي وكلامه كلامي ورسوله رسولي ، وما قال فالقول قوله ۳ .
قال في العيون :
قال مصنّف هذا الكتاب : إنّ زياد بن مروان [ القندي ] روى مثل هذا الحديث ثمّ أنكره بعد مضيّ موسى [ بن جعفر عليه السلام ] وقال بالوقف وحبس ما كان عنده من مال موسى بن جعفر عليه السلام ۴ ، انتهى .
ذكرت ذلك لئلاّ يذهب عنك أنّهم كيف يقولون على حسب فهمهم واجتهادهم وأسند الإنكار إليه مع ما تقدّم في رواية محمّد بن إسماعيل بن أبيسعيد ، واستنبط أنّ حبس المال منه كان حرصا والقول بالوقف لأجله كما قالوا في غيره .
ثمّ لا يخفى أنّ الواقفة ذكروا أخبارا كثيرة في الوقف ، ومنها ما أشرنا إليه على عنوان عثمان بن عيسى ، ومنهم من كان في شكّ وتحيّر ، ومنهم من قال : قد وقد كما في عنوان إبراهيم بن شعيب ومحمّد بن علي بن إبراهيم بن موسى وزرعة والحسين بن قياما وحيدر في الملحق وإبراهيم وإسماعيل ابنا أبيسمّال ، وعلى عنوان زكريّا بن إدريس وغيرهم ، وقد أطلنا الكلام في ذلك لأنّ معرفته من المهمّات .
وحاصل كلام المحشّي في آخر الحاشية أنّ الفاسق قد يجتنب عن بعض المعاصي قطعا ، ولعلّ الرجل كان يجتنب عن الكذب في الرواية فهو ثقة بتوثيق الثقتين . وفيه : أنّه يقول بالوقف ومعناه أنّه عليه السلامحيّ وهو يعلم أنّه مات ، والفرق بين الكذب في الرواية وبين الكذب في غيرها بأن يكون الرجل مرتكبا

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۳۹ ، ح ۲۳ .

2.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۳۹ ، ح ۲۴ .

3.الإرشاد للمفيد ، ج ۲ ، ص ۲۵۰ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۹ ، ص ۱۹ ، ح ۲۳ .

4.عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۳۹ ، ح ۲۵ .


إكليل المنهج في تحقيق المطلب
218

قال أُستادي العلاّمة رحمه اللّه في أوائل شرح الإرشاد في تقوية الاعتماد على رواية الحسين بن المختار في سندها : وقد روى جماعة عن الثقات عنه نصّا عن الرضا عليه السلام .
أقول : ما ذكره رحمه اللّه في تقوية الاعتماد على روايته يضعّفه ؛ لأنّه يدلّ على كون الداعي على الوقف هو غير الشبهة ، فيشكل حينئذ الاعتماد على روايته ، وعلى تقدير الاعتماد بتوثيق ابن فضّال والمفيد ليس الوثوق بروايته مع ثبوت روايته النصّ مثل وثوقه بها لو لم يرد كما لا يخفى .
اعلم أنّ الناس في اجتناب المعاصي مختلفون ، فالعدول يجتنبون عن الكبائر وبعض العصاة يجتنبون عن بعض المعاصي بحيث من عاشرهم وظهر طريقهم بها يحصل له غاية الوثوق باجتنابهم عن معاصٍ مخصوصة مثل الوثوق باجتناب العدول عنها ، فإذا شهد المعتمدون بثقة بعض مرتكبي المعاصي ـ وإن كان متعمدا في ارتكابها ـ لا يصح الحكم بغفلتهم ، لعدم التنافي بين ارتكابه المعاصي المخصوصة واجتنابه عن الكذب في الرواية وكونه ثقة فيها .
فظهر بما ذكرته أنّ الحسين المذكور ـ وإن كان واقفيّا ـ مع روايته ما يدلّ على كونه ناشئا عن بعض الدواعي ، فهو ثقة بتوثيق الثقتين « م ح د » .
قوله : « لأنّه يدلّ على كون الداعي ... » بإطلاقه غير صحيح ، بل ذكره ما يدلّ بظاهره ما ينافي معتقده يدلّ على تمام أمانته ، وذاك النصّ ليس بنصّ صريح على زعمه ، بل عنده قول بوجه ـ ولو كان بعيداـ ، ويدلّ عليه ما روى محمّد بن إسماعيل بن أبيسعيد الزيات :
قال : كنت مع زياد القندي حاجّا ولم نكن نفترق ليلاً ولا نهارا في طريق مكة وبمكة وفي الطواف ، ثمّ قصدته ذات ليلة فلم أره حتّى طلع الفجر ، فقلت له : غمّني إبطاؤك فأيّ شيء كانت الحال ؟ قال : ما زلت بالأبطح مع أبيالحسن عليه السلام ـ يعني أباإبراهيم ـ وعلي ابنه عليه السلامعلى يمينه ، فقال : «يا أباالفضل ـ أو يا زياد ـ هذا ابني علي قوله قولي وفعله فعلي ، فإن كانت لك حاجة فأنزلها به واقبل قوله فإنّه لا يقول على اللّه إلاّ الحقّ» ، قال ابن أبيسعيد : فمكثنا ما شاء اللّه حتّى حدث من أمر البرامكة [ ما حدث ]فكتب زياد إلى أبيالحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام يسأله عن ظهور هذا الحديث أو الاستتار ، فكتب إليه أبوالحسن عليه السلام : «أظهر فلا بأس عليك منهم» ، فظهر زياد ، فلمّا حدّث الحديث قلت له : يا أباالفضل أيّ شيء يعدل بهذا الأمر ؟ فقال لي : ليس هذا أوان الكلام فيه ، فلمّا ألححت عليه بالكلام بالكوفة وبغداد وكلّ ذلك يقول لي مثل ذلك إلى أن قال لي في آخر كلامه : ويحك فتبطل هذه الأحاديث التي رويناها ۱ .
والنصّ الذي ذكره الحسين هو ما ذكره في العيون :

1.اختيار معرفة الرجال ، ص ۴۶۶ و۴۶۷ ، الرقم ۸۸۷ .

  • نام منبع :
    إكليل المنهج في تحقيق المطلب
    المساعدون :
    الجليلي، نعمة الله؛ جديدي نجاد، محمد رضا
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 78706
الصفحه من 647
طباعه  ارسل الي