161
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.وعقلُه معرفةُ الأشياء والأُمور ، ويدُه الرحمةُ ، ورِجْلُه زيارةُ العلماء ، وهمّتُه السلامةُ ، وحكمتُه الورعُ ، ومستقرُّه النجاةُ ، وقائدُه العافيةُ ، ومركبُه الوفاءُ ، وسلاحُهُ لين الكلمة ،

(وحفظه الفحص) وهو البحث والكشف عن الشيء، والعلم بدون الفحص كالذي لا حفظ له، فيغفل عن كثير وينسى كثيرا .
(وقلبه حسن النيّة) فإنّ العلم إذا لم يكن معه حسن النيّة كان كالذي لا قلب له ولا قوّة على أن يأتي بما ينبغي منه، أو كالذي لا حياة له، ولا يظهر منه آثار وجوده .
(وعقله معرفة الأشياء والأُمور) ۱ كمعرفة أحوال الأوقات والأعصار وأهلِها ومصير كلّ شيء إلى ما ينتهي إليه، فيظهر من العلم مع تلك المعرفة ما ينبغي ظهورها منه و ما يكون خيرا له حينئذٍ .
(ويده الرحمة) أي الرحمة على المحتاجين إلى العلم والعمل به؛ فإنّ العلم مع عدم الرحمة كالذي لا يد له، ولا يقدر على ما ينبغي له أو يريد فعله .
(ورجله زيارة العلماء) ولولا زيارة العلماء لما انتقل العلم من أحد إلى آخَرَ، وكان كمن لا رِجْل له، ولا ينتقل من مكانه، ولا يتعدّى إلى آخَرَ؛ وهذا آخر ذكر الأعضاء وعدّ العقل فيها لكونه المدارَ عليه في الشخص، واحتياجِه إليه أشدَّ من احتياجه إلى الأعضاء .
(وحكمته) أي ما به اختياره الصدقَ والصوابَ (الورع) وهو التقوى والتحرّز عن ارتكاب المحرّمات .
ويحتمل أن يكون «حكمته» بفتح الحاء والكاف وهو المحيط من اللجام بحَنَك الدابّة ، أي المانع لمركبه من الخروج عن طريقه والتوجّه إلى خلاف مقصده الذي ينبغي أن يتوجّه إليه.
(ومستقرّه) أي مسكنه الذي إذا وصل إليه سكن واستقرّ فيه (النجاة)

1.في حاشية «م» : المراد بالمعرفة هنا التدبّر والتأمّل ليعرف حسن كلّ فعل أراد أو قبحه، والفرق بين الأشياء والأُمور أنّ الأُولى من العقائد، والثاني من الأفعال .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
160

۲.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد ، عن نوح بن شُعيب النيسابوريّ ، عن عبيداللّه بن عبداللّه الدهقان ، عن دُرُستَ بن أبي منصور ، عن عروة بن أخي شعيب العَقَرقوفيّ، عن شعيب ، عن أبي بصير قال :سمعتُ أبا عبداللّه عليه السلام يقول : «كانَ أميرُالمؤمنين عليه السلام يقول : يا طالبَ العلم ، إنَّ العلمَ ذو فضائلَ كثيرة ؛ فرأسُه التواضعُ ، وعينُه البراءةُ من الحسد ، واُذنُه الفهمُ ، ولسانُه الصدقُ ، وحفظُه الفحْصُ ، وقلبُه حُسْنُ النيّة ،

الطيّبة، أي صيّروا أنفسكم طيّبة أو في راحة ببديع الحكمة، أي ما يكون مبتدعا غير متكرّر من الحكمة بالنسبة إلى أنفسكم؛ فإنّ النفوس تكلّ وتَعْيا بالمتكرّر من المعرفة و تكرار تذكّرها ، كما تكلّ الأبدان بالتكرار من الفعل .
قوله: (إنّ العلم ذو فضائل كثيرة) ۱ وفضائلُ كثيرة، بها يظهر الآثار المقصودة من العلم، وهي للعلم بمنزلة الأعضاء والقوى والآلات والخَدَم والتَبَعَة والأسباب والأعوان .
قوله: (فرأسه التواضع ...) تفصيل لتلك الفضائل ، وابتدأ بالتي منها بمنزلة الأعضاء من العلم، وقال: «فرأسه التواضع» أي لا يفارق العلمُ وحصولُه التواضعَ، فتوقّع حصول العلم بلا تواضع كتوقّع وجود شخص وحياته بلا رأس، فمن يريد طلب العلم فعليه بالتواضع .
(وعينه البراءة من الحسد) فالعلم مع الحسد كمن لا عين له، فلا يرى، فإنّ الطالب إذا حسد يخفي علمه ولا يتذاكر به، فيخفى عليه مواضع الشُبَه، ولا يتميّز عنده حقّه من باطله حقَّ التميّز .
(وأُذنه الفهم) فإنّ من أخذ شيئا من العلوم ، ولم يبالغ في فهمه أو فهم ما يوصله إليه، فعلمه به كالذي يخاطَب بما لا يسمع .
(ولسانه الصدق) فإنّ العلم مع عدم مراعاة الصدق كالذي لا لسان له ليفيد غيره .

1.في حاشية «م» : قوله: «ذو فضائل كثيرة» أي يحتاج بقاؤه على فضائل كثيرة لصاحبه، بعضها بمنزلة الأعضاء له، وبعضها بمنزلة ما يصعب بقاؤه بدونه كما في الإنسان .أي تتبعه في «م» : «يتبعه» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 135408
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي