۰.فإن كانا يَقدِرانِ على أن يَذهَبا فَلِمَ يرجعانِ؟ وإن كانا غيرَ مُضطرَّيْنِ فَلِمَ لا يَصيرُ الليلُ نَهارا والنهارُ ليلاً؟ اضطرّا واللّه يا أخا أهلِ مصرَ إلى دوامهما ، والذي اضطَرَّهما أحكَمُ
بالدخول والخلط، بل محفوظ على نسق واحد حتّى يعودا مثلَ ما كانا عليه أوّلاً، وبرجوع الشمس والقمر إلى حالهما الذي كانا عليه أوّلاً بعد زوالهما ، حالَ كونهما مضطرّين ، ليس لهما مكان في مسيرهما إلاّ مكانهما الذي هما عليه ذهابا ورجوعا .
أو تعلم الشمس والقمر قد اضطُرّا و الحال أنّ الليل والنهار يلجان فلا يشتبهان ويرجعان.
أو تبصر الشمس والقمر والحال أنّ الليل والنهار؛ إلى آخره.
وقوله: (قد اضطُرّ) حينئذٍ استيناف لبيان الاضطرار .
والأوّل أنسب بقوله فيما بعد: «فلم يرجعان» .
وقوله: (ليس لهما مكان ...) دليل على اضطرارهما؛ لأنّه متى رأى العاقل حركةً منضبطة على نسق واحد لا يتغيّر أبدا، تحدَّس بأنّ المتحرّك بها غير مختار ، كما في الجمادات يتحدّس من عدم اختلاف مقتضياتها ـ مخلّى بطبائعها ـ بعدم اختيارها .
وقوله: (فإن كانا يقدران...) تنبيه على اضطرارهما في الرجوع والانضباط بأنّه إن كانا يقدران (على أن يذهبا) عند الرجوع (فلِمَ يرجعان؟) من غير تخلّف (وإن كانا غير مضطرّين) في الانضباط، فلِمَ لا يختلف ۱ الحركة ليصير الليل ـ أي ما يكون ليلاً ـ عند الاتّساق كلّه أو بعضه نهارا، والنهار أيضا ليلاً .
وقوله: (اضطُرّا واللّه ) تصريح منه بالنتيجة مؤكّدا لها ۲ ؛ فإذا ۳ ظهر أنّ هذه ليست اختياريّة للمتحرّك ، ولا يجوز أن تكون طبعيّة ۴ ؛ لأنّ الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجّه إلى جهة والانصرافَ عنها .