241
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.منهما وأكبَرُ» . فقال الزنديق : صَدَقْتَ .

ويحتمل أن يكون المراد بقوله: «وإن كانا غير مضطرّين» بيان انتفاء كونها طبيعيّة بعد ما أبان أنّها ليست إراديّة، ويكون المراد بالاضطراري غير الطبيعي والإرادي .
وتحريره أنّه وإن كانا غيرَ مضطرّين بعد كونهما غير مختارَين في هذه الحركات بل يكون هذه طبيعيّة، لكان لها غاية لا ينصرف عنها و لا يزول، فينبغي أن يستقرّ عند الوصول إليها، فيدوم النهار أو الليل، ويصير أحدهما آخَرَ، وإذا كانا مضطرّين كان الذي اضطرّ هما وجعلهما مضطرّين (أحكم منهما) أي أكثر إحكاما وأقوى . بُني التفضيل من المزيد فيه على الشذوذ كما في «أخصر» من الاختصار، وفي «أفلس» من الإفلاس (وأكبر) منهما .
وأشار بكونه «أحكم» إلى عدم جواز احتياجه في وجوده إلى محلّ وموضوع، فلا يكون من أحوال المضطرّ وعوارضه، وبكونه «أكبرَ» إلى عدم جواز كونه مُحاطا بما ألجأه ومحصورا فيه، فلا يكون قائما بمحلّ ولا مُحاطا بالمضطرّ ومحصورا فيه، أو ۱
المراد بالأكبر أكبر من أن يوصف بمثل صفة المضطرّ ، ولا يجوز أن يكون المبدأ الأوّل لهذا الاضطرار جسما محيطا بالأفلاك؛ لأنّ الجسم لا يكون مؤثّرا في الجسم إلاّ بالمجاورة، ولا يكون تحريكه إيّاه إلاّ بحركة منه غيرِ مختلفة ، مناسبةٍ لحركة ما يتحرّك به، والكلام فيه كالكلام في المتحرّك الأوّل ، ولا سبيل إلى عدم تناهي الأجسام وعدم الانتهاء إلى مبدأ غير الجسم والجسماني؛ لاستحالة عدم تناهيها ، ووجوب تناهي الأبعاد .
ولمّا صدّق المخاطب بوجود مبدأٍ أوّلَ غيرِ جسم ولا جسماني وقال ۲ : (صدقت) فأزال عليه السلام ذهابَ وهمه إلى أنّ هذا المبدأ للكلّ أو للسفليّات هو الدهر بعد ما أخبره

1.في «ل» : «إذ» .

2.في «خ» : «فقال» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
240

۰.فإن كانا يَقدِرانِ على أن يَذهَبا فَلِمَ يرجعانِ؟ وإن كانا غيرَ مُضطرَّيْنِ فَلِمَ لا يَصيرُ الليلُ نَهارا والنهارُ ليلاً؟ اضطرّا واللّه يا أخا أهلِ مصرَ إلى دوامهما ، والذي اضطَرَّهما أحكَمُ

بالدخول والخلط، بل محفوظ على نسق واحد حتّى يعودا مثلَ ما كانا عليه أوّلاً، وبرجوع الشمس والقمر إلى حالهما الذي كانا عليه أوّلاً بعد زوالهما ، حالَ كونهما مضطرّين ، ليس لهما مكان في مسيرهما إلاّ مكانهما الذي هما عليه ذهابا ورجوعا .
أو تعلم الشمس والقمر قد اضطُرّا و الحال أنّ الليل والنهار يلجان فلا يشتبهان ويرجعان.
أو تبصر الشمس والقمر والحال أنّ الليل والنهار؛ إلى آخره.
وقوله: (قد اضطُرّ) حينئذٍ استيناف لبيان الاضطرار .
والأوّل أنسب بقوله فيما بعد: «فلم يرجعان» .
وقوله: (ليس لهما مكان ...) دليل على اضطرارهما؛ لأنّه متى رأى العاقل حركةً منضبطة على نسق واحد لا يتغيّر أبدا، تحدَّس بأنّ المتحرّك بها غير مختار ، كما في الجمادات يتحدّس من عدم اختلاف مقتضياتها ـ مخلّى بطبائعها ـ بعدم اختيارها .
وقوله: (فإن كانا يقدران...) تنبيه على اضطرارهما في الرجوع والانضباط بأنّه إن كانا يقدران (على أن يذهبا) عند الرجوع (فلِمَ يرجعان؟) من غير تخلّف (وإن كانا غير مضطرّين) في الانضباط، فلِمَ لا يختلف ۱ الحركة ليصير الليل ـ أي ما يكون ليلاً ـ عند الاتّساق كلّه أو بعضه نهارا، والنهار أيضا ليلاً .
وقوله: (اضطُرّا واللّه ) تصريح منه بالنتيجة مؤكّدا لها ۲ ؛ فإذا ۳ ظهر أنّ هذه ليست اختياريّة للمتحرّك ، ولا يجوز أن تكون طبعيّة ۴ ؛ لأنّ الطبيعة الواحدة لا تقتضي التوجّه إلى جهة والانصرافَ عنها .

1.في «ل» : «لاتختلف» .

2.في «خ» : «بها» .

3.في «خ ، م» : «وإذا».

4.في «ل ، م» : «طبيعية» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 136422
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي