۰.ثمّ قال أبو عبداللّه عليه السلام : «يا أخا أهلِ مصرَ ، إنّ الذي تَذهبونَ إليه وتَظُنّونَ أنّه الدهرُ إن كان الدهرُ يَذهبُ بهم لِمَ لا يَرُدُّهم ؟ وإن كان يَرُدّهم لِمَ لا يذهب بهم؟ القومُ مُضطرُّون يا أخا أهل مصر ، لِمَ السماءُ مرفوعَةٌ والأرضُ مَوضوعَةٌ ؟ لِمَ لا يَسقطُ السماءُ على الأرض ؟
بذهاب وهمه إليه وقال: (إنّ الذي تذهبون إليه وتظنّون أنّه الدهر) أي مذهبكم ومظنونكم أنّ ذلك المبدأ الجبّار القاهر للكلّ أو للسفليّات هو الدهر بقوله: (إن كان الدهر يذهب بهم لِمَ لا يردّهم؟ وإن كان يردّهم لِمَ لا يذهب بهم؟)
هذا استدلال باختلاف الأفعال الدالّة باختلافها على كونها اختياريّة غير طبيعية لفاعلها على أنّ الفاعل لها مختار .
ونَبَّهَ على أنّه لا يمكن أن يكون الفاعل المختار لها هو الموصوفَ بالذهاب والرجوع بقوله (القوم مضطرّون) أي في الذهاب والخروج من الوجود ۱ والرجوع والدخول فيه، فيجب أن يكون مستندا إلى الفاعل القاهر للذاهبين والراجعين على الذهاب والرجوع، والدهرُ لا شعور له فضلاً عن الاختيار . ثمّ لمّا كان هذا البيان مخصوصا بالكائن الفاسدالمتغيّر في أحواله بحسبها، نَبَّهَ بالاختلاف الواقع في المحفوظة على أحوال مختلفة غير متغيّرة على اختيار مبدئها ، حتّى يتبيّن عدم مبدئيّة الدهر للعِلْويّات أيضا، سواء كان متوهّما أو مظنّة للتوهّم بقوله: (لِمَ السماء مرفوعة والأرض موضوعة) .
ولتقرير هذا الكلام وجهان :
[ الوجه] الأوّل : لِمَ لا يكون السماء والأرض ملتصقين، فلا يكونَ السماء مرفوعةً والأرض موضوعةً ؟