۰.وضَعْفَكَ بعد قوّتِك ، وسُقْمَك بعد صِحّتِك ، وصحّتَكَ بعد سُقْمك ، ورضاك بعد غَضَبِك ، وغَضَبَك بعد رضاك ، وحُزنَك بعد فَرَحِك ، وفرحَك بعد حُزْنك ، وحُبَّك بعد بغضك ، وبُغضَك بعد حُبّك ، وعَزْمَك بعد أناتك ، وأناتَك بعد عزمك ، وشهوتَك بعد كراهتك ، وكراهتَك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتَك بعد رغبتك ، ورجاءَك بعد يأسك ،
بظهور ۱ آثارها فيهم .
ولمّا كان الاستدلال على المبدأ الأوّل المستحقّ للعبادة، الموصوفِ بالإلهيّة ، إنّما يتمّ باستناد ما يجب أن يكون من الأفعال الصادرة بالقصد والشعور إليه سبحانه، استدلَّ عليه بآثار القدرة التي هي ۲ أفعال إراديّة، وعدّدها عليه، وابتدأ من ابتداء خلقه، فقال: (نشوءك بعد ما لم تكن) يقال: نشأ نشوءً ونَشْأً أي حَيِيَ ورَبى .
وتقرير الاستدلال: أنّه لما وجدتَ في نفسك آثار القدرة التي ليست من مقدوراتك ضرورةً، علمتَ أنّ لها بارئا قادرا . أمّا كونها من آثار القدرة، فلكونها حادثةً محكمةً متقنةً غايةَ الإحكام والإتقان؛ فإنّ حصول الشخص الإنساني بحياته ولوازمها بعد ما لم يكن لابدَّ له من فاعل مباين له ، يدلّك على وحدته تلاؤُمُ ما فيه من الأفعال والأحوال، وتغيّرُ أحواله بعد إتقانها، وعدمُ ثَباته على حال واحدة تدلّ على كون الفاعل لها قادرا مختارا يفعل بحكمته ومشيّته، وهذه الأحوال المتغيّرة المتبدّلة كثيرة ـ وقد عدّ عليه السلام كثيرا منها ـ لا شبهة في أنّها ليست من فعل النفس الإنسانيّة، وأنّها من فاعل مباين قادر على إحداثها بعد ما لم تكن، وكلّ ذلك ممّا لا يجوز إنكاره على من يُعدّ من العقلاء إلاّ قوله: (وعزمك بعد أناتك وأناتك بعد عزمك) فإنّه قد ذهب وهمٌ من بعض ۳ القاصرين إلى كون العزم من الأفعال المقدورة الاختياريّة للعباد ، ولم يعلم أنّ العزم لو كان فعلاً مقدورا له، لكان مسبوقا بمرجّح منه لوقوعه بالاختيار، والمرجّح القريب لكلّ فعل اختياريّ لنا عزمُ الفاعل