251
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.ويأسَك بعد رجائك ، وخاطرَك بما لم يَكُنْ في وهمك ، وعُزُوبَ ما أنت مُعتَقِدُه عن ذهنك» . وما زالَ يُعَدِّدُ عَلَيَّ قدرتَه التي هي في نفسي التي لا أدفَعُها حتّى ظننتُ أنّه سيَظْهَرُ فيما بيني وبينه .

عليه، ولابدّ من الانتهاء إلى عزم لا يكون من فعله، فإمّا أن يكون العزم على الفعل أوّلاً مستندا إلى غيره، أو منتهيا إلى عزم مستند إلى غيره. على أنّا نعلم بديهةً عدمَ تعدّد العزم، وأن ليس إلاّ عزم واحد على الفعل .
وما يتوهّمه ـ من جواز وقوع العزم بقدرته بلا ترجيح بالإرادة والعزم ـ يؤدّي إلى تجويز الترجّح ۱ بلا ترجيح، أو عدّ ما يستند إلى اقتضاء الفاعل إيّاه لا بإرادة منه فعلاً اختياريا مقدورا له، ولم يذهب وهم واهم إلى أحدهما وسيجيء لهذا زيادةُ توضيح إن شاء اللّه تعالى.
وقوله: (وخاطرك بما لم يكن في وهمك).
الخاطر من الخطور ، وهو حصول الشيء مشعورا به في الذهن، والخاطرُ في الأصل للمشعور به الحاصلِ في الذهن، ثمّ شاع استعماله في المشعِر المدرك له من حيث هو شاعر به، واستعمله هاهنا في الإدراك والشعور .
أو استعمل الخاطر على صيغة الفاعل بمعنى المصدر، كما في قمت قائما، ويكون المعنى خطورك بما لم يكن في وهمك من باب القلب؛ فإنّ الأصل خطور ما لم يكن في وهمك ببالك . وهذا إشارة إلى ما يحصل في الذهن باعتبار الحصول بعد العدم من غير اعتبار الاعتقاد بعد ما لم يكن في الذهن أصلاً حتّى وهما .
وقوله: (وعزوب ما أنت معتقده عن ذهنك) إشارةٌ إلى زوال ما كان ثابتا قويّ الثبوت، فلا يكون يزول إلاّ بمزيل .

1.في «خ ، ل ، م» : «الترجيح» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
250

۰.وضَعْفَكَ بعد قوّتِك ، وسُقْمَك بعد صِحّتِك ، وصحّتَكَ بعد سُقْمك ، ورضاك بعد غَضَبِك ، وغَضَبَك بعد رضاك ، وحُزنَك بعد فَرَحِك ، وفرحَك بعد حُزْنك ، وحُبَّك بعد بغضك ، وبُغضَك بعد حُبّك ، وعَزْمَك بعد أناتك ، وأناتَك بعد عزمك ، وشهوتَك بعد كراهتك ، وكراهتَك بعد شهوتك ، ورغبتك بعد رهبتك ، ورهبتَك بعد رغبتك ، ورجاءَك بعد يأسك ،

بظهور ۱ آثارها فيهم .
ولمّا كان الاستدلال على المبدأ الأوّل المستحقّ للعبادة، الموصوفِ بالإلهيّة ، إنّما يتمّ باستناد ما يجب أن يكون من الأفعال الصادرة بالقصد والشعور إليه سبحانه، استدلَّ عليه بآثار القدرة التي هي ۲ أفعال إراديّة، وعدّدها عليه، وابتدأ من ابتداء خلقه، فقال: (نشوءك بعد ما لم تكن) يقال: نشأ نشوءً ونَشْأً أي حَيِيَ ورَبى .
وتقرير الاستدلال: أنّه لما وجدتَ في نفسك آثار القدرة التي ليست من مقدوراتك ضرورةً، علمتَ أنّ لها بارئا قادرا . أمّا كونها من آثار القدرة، فلكونها حادثةً محكمةً متقنةً غايةَ الإحكام والإتقان؛ فإنّ حصول الشخص الإنساني بحياته ولوازمها بعد ما لم يكن لابدَّ له من فاعل مباين له ، يدلّك على وحدته تلاؤُمُ ما فيه من الأفعال والأحوال، وتغيّرُ أحواله بعد إتقانها، وعدمُ ثَباته على حال واحدة تدلّ على كون الفاعل لها قادرا مختارا يفعل بحكمته ومشيّته، وهذه الأحوال المتغيّرة المتبدّلة كثيرة ـ وقد عدّ عليه السلام كثيرا منها ـ لا شبهة في أنّها ليست من فعل النفس الإنسانيّة، وأنّها من فاعل مباين قادر على إحداثها بعد ما لم تكن، وكلّ ذلك ممّا لا يجوز إنكاره على من يُعدّ من العقلاء إلاّ قوله: (وعزمك بعد أناتك وأناتك بعد عزمك) فإنّه قد ذهب وهمٌ من بعض ۳ القاصرين إلى كون العزم من الأفعال المقدورة الاختياريّة للعباد ، ولم يعلم أنّ العزم لو كان فعلاً مقدورا له، لكان مسبوقا بمرجّح منه لوقوعه بالاختيار، والمرجّح القريب لكلّ فعل اختياريّ لنا عزمُ الفاعل

1.في «خ ، ل» : «لظهور» .

2.في «خ» : + «من» .

3.في «ل» : «بعض من» .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 135884
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي