۰.ولا يُدرَكُ بحاسَّةٍ ، ولا يُقاسُ بشيءٍ» .
فقال الرجل : فإذا إنّه لا شيءَ إذا لم يُدْرَكْ بحاسّةٍ من الحواسّ؟ فقالَ أبو الحسن عليه السلام : «ويلك ، لمّا عَجَزَتْ حواسُّك عن إدراكه أنكرتَ ربوبيَّتَه ونحن إذا عَجَزَتْ حواسُّنا عن
ولااستنادُ إحداهما إلى اُخرى؛ إذ لا يوجب القابليّة فعليّة الوجود لذاته ولا فعليّة فعليّته الخلوّ عن كما له، والاستعدادِ لما هو نقص له .
ولأنّ الأين لا يكون إلاّ المتقدّر، ولا يجوز عليه التقدّر بالمقدار كما سنبيّنه .
(ولا يدرك بحاسّةٍ) إذ لا كيفية له ولا إحساس إلاّ بإدراك الكيفيّة .
(ولا يقاس بشيء) أي لا يعرف قدره بمقياس؛ إذ لا أين له ولا مقدار له .
(قال ۱ الرجل: فإذا إنّه لا شيء) يعني أردتَ بيان شأن ربّك فإذا الذي ذكرتَه يوجب نفيه؛ لأنّ ما لا يمكن إحساسه لا يكون موجودا، أو المراد أنّه فإذا هو ضعيف الوجود ضعفا يستحقّ أن يقال له: لا شيء .
وقوله عليه السلام : (لمّا عجزت حواسّك عن إدراكه...) أي جعلتَ تعاليه عن أن يُدرك بالحواسّ وعجزَها عن إدراكه دليلاً على عدمه أو ضَعْفِ وجوده، فأنكرت ربوبيّته، ونحن إذا عرفناه بتعاليه عن أن يُدرك بالحواسّ أيقنّا أنّه ربّنا ، بخلاف شيء من الأشياء، أي ليس شيء من الأشياء المحسوسة ربَّنا؛ لأنّ كلّ محسوس ذو وضع، وكلَّ ذي وضع بالذات منقسم بالقوّة إلى أجزاء مقداريّة لا إلى نهاية؛ لاستحالة الجوهر الفرد، وكلّ منقسم إلى أجزاء مقداريّة يكون له أجزاء متشاركة في المهيّة، ومشاركة للكلّ فيها، وكلُّ ما يكون كذلك يكون ذا مهيّة و وجودٍ يصحّ عليها الخلوّ عنه، وكلُّ ما يكون كذلك يكون محتاجا إلى مبدأ مغاير له، فلا يكون مبدأً أوّلَ، بل يكون مخلوقا ذا مبدأ، فما هو مبدأٌ أوّلُ لا يصحّ عليه الإحساس، فالتعالي عن الإحساس ـ الذي جعلته مانعا للربوبيّة، وباعثا على إنكارك ـ مصحّح للربوبيّة، ودالّ على