۰.فرَكِبَ هشامٌ إلى أبي عبداللّه عليه السلام فاستأذَنَ عليه ، فأذِنَ له ، فقال له : يا ابن رسول اللّه ، أتاني عبدُاللّه الدَّيَصانيّ بمسألة ليس المعُوَّلُ فيها إلاّ على اللّه وعليك . فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «عمّا ذا سَألَكَ؟» فقال : قال لي : كَيْتَ وكَيْتَ ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «يا هشام ، كم حواسُّك؟ قال خَمْسٌ ، قال : «أيّها أصغَر؟» قال : الناظر ، قال : «وكم قدرُ الناظِرِ» قال : مثل العَدَسَةِ أو أقَلُّ منها ، فقال له : «يا هشام ، فانظُرْ أمامَك وفوقَك وأخبِرْني بماترى» فقال : أرى سماءً وأرضا ودُورا وقُصورا وبَراري وجِبالاً وأنهارا ، فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «إنَّ الذي قَدَرَ أن يُدْخِلَ الذي تَراه العَدَسَةَ أو أقَلَّ منها قادرٌ أن يُدْخِلَ الدنيا كلَّها البَيْضَةَ ، لا تَصغُرُ الدنيا ولا تَكبُرُ البيضَةُ» فأكَبَّ هشامٌ عليه وقَبَّلَ يَدَيْهِ ورأسَه ورِجلَيْه ، وقال : حسبي يا ابن رسول اللّه ، وانصَرَفَ إلى منزله ؛ وغَدا عليه الدَّيَصانيّ ، فقال له : يا هشام ، إنّي جئتُك مُسَلِّما ولم أجِئْكَ مُتقاضيا للجواب ، فقال له هشامٌ : إن كنتَ جئتَ متقاضيا فهاك الجوابَ ، فخرج الدّيَصانيُّ عنه حتّى أتى بابَ أبي عبداللّه عليه السلام فاستأذَنَ عليه ، فأذِنَ له ، فلمّا قَعَدَ قالَ له : يا جعفر بن محمّد ، دُلَّني على معبودي فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «ما اسمُك؟» فخَرَجَ عنه ولم يُخبِرهُ باسمه ، فقال له أصحابه : كيف لم تُخْبرهُ باسمك؟ قال : لو كنتُ قلتُ له : عبدُاللّه ، كان يقول : من هذا الذي أنت له عبد ، فقالوا : له عُد إليه وقل له : يَدُلُّكَ على معبودك ولا يَسألُكَ عن اسمك ، فرَجَعَ إليه ، فقال له : يا جعفر بن محمّد ، دُلَّني على معبودي ولا تَسألْني عن اسمي فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «اجْلِسْ» وإذا غلام له صغير في كفّه بَيضَةٌ يَلعَبُ بها ، فقالَ له أبو عبداللّه عليه السلام : «ناوِلْني يا غلام البيضة» فناوَلَه إيّاها فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «يا دَيَصانيّ : هذا حِصْنٌ مكنونٌ له جِلدٌ غليظ ، وتحتَ الجلدِ الغليظِ جِلدٌ رقيقٌ ، وتحتَ الجلدِ
والحاصل أنّه قادر على كلّ شيء يدرك له معنى و مهيّة، والمستحيلُ لامهية ولا معنى له.
وقوله: (فأكبّ هشامٌ عليه) أي أقبل عليه (وقبّل يديه ورأسه ورجليه وقال: حسبي) أي يكفيني ذلك في الجواب عنه .
قوله: (دلّني على معبودي) أي مَن عليَّ عبادتُه في الواقع، أو بزعمك .