261
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.الرقيقِ ذَهَبَةٌ مائعَةٌ وفِضَّةٌ ذائبةٌ ، فلا الذهَبَةُ المائعةُ تَخْتَلِطُ بالفضّة الذائبةِ ، ولا الفضّةُ الذائبة

قوله: (هذا حصن مكنون).
«الحصن» : كلّ موضع حصين محكم . و «الكنّ» : وقاء كلّ شيء وستره .
وقوله: (له جلد غليظ) ناظر إلى قوله: «حصن» .
وقوله: (وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق) ناظر إلى قوله: «مكنون» .
وقوله: (وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضّة ذائبة) أي تحته جسم شبيه بالذهبة المائعة، وجسم شبيه بالفضّة الذائبة .
«الذوب» : ضدّ الجمود ويقاربه المَيَعان لغةً، لكنّ الذوب يستعمل فيما من طبعه ۱ الجمودُ، أو في المنتقل من الجمود، والمَيَعانَ يستعمل فيه وفي غيره، ولمّا كان من طبع الفضّة الجمودُ ذَكرَ معه الذوبَ، وذكر الميعانَ مع الذهب الذي ليس من طبعه ما من طبع الفضّة من الجمود .
وتقرير استدلاله عليه السلام المذكورِ في هذا الحديث: أنّ ما في البيضة ـ من الإحكام والإتقان ، والاشتمالِ على ما به صلاحُه ، وعدم اختلاط ما فيها من الجسمين السيّالين ، وإحاطة أحدهما بالآخر ليس فيها مصلح حافظ لها على ما عليها من الأجسام، فيخرج مخبرا عن صلاحها، ولايدخلها جسماني من خارج، فيفسدها ويخرجها عن تلك الحالة، فيدخلها مخبرا عن فسادها وخروجها عن ۲ الحالة التي كانت عليها إلى ما يؤول إليها وهي تنفلق عن مثل ألوان الطواويس ـ تدلّ ۳ على أنّ له مبدأً غيرَ جسم ولا جسماني. ومَن يتنبّه ۴ لما في البيضة يتنبّه لما في العِلْويات والسِفْليّات من الكواكب وحركاتها وأحوالها والمواليد وقواها وأفعالها وسائر ما في العالَم من الإحكام والإتقان والاتّساق والانتظام والحِكَم والمصالح التي

1.في «ل» : «طبيعته» .

2.في «خ» : «من» .

3.في «ل» : «يدلّ» . وهذا خبر «أنّ» في قوله: «أنّ ما في البيضة» .

4.في «ل» : «تنبّه» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
260

۰.فرَكِبَ هشامٌ إلى أبي عبداللّه عليه السلام فاستأذَنَ عليه ، فأذِنَ له ، فقال له : يا ابن رسول اللّه ، أتاني عبدُاللّه الدَّيَصانيّ بمسألة ليس المعُوَّلُ فيها إلاّ على اللّه وعليك . فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «عمّا ذا سَألَكَ؟» فقال : قال لي : كَيْتَ وكَيْتَ ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «يا هشام ، كم حواسُّك؟ قال خَمْسٌ ، قال : «أيّها أصغَر؟» قال : الناظر ، قال : «وكم قدرُ الناظِرِ» قال : مثل العَدَسَةِ أو أقَلُّ منها ، فقال له : «يا هشام ، فانظُرْ أمامَك وفوقَك وأخبِرْني بماترى» فقال : أرى سماءً وأرضا ودُورا وقُصورا وبَراري وجِبالاً وأنهارا ، فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «إنَّ الذي قَدَرَ أن يُدْخِلَ الذي تَراه العَدَسَةَ أو أقَلَّ منها قادرٌ أن يُدْخِلَ الدنيا كلَّها البَيْضَةَ ، لا تَصغُرُ الدنيا ولا تَكبُرُ البيضَةُ» فأكَبَّ هشامٌ عليه وقَبَّلَ يَدَيْهِ ورأسَه ورِجلَيْه ، وقال : حسبي يا ابن رسول اللّه ، وانصَرَفَ إلى منزله ؛ وغَدا عليه الدَّيَصانيّ ، فقال له : يا هشام ، إنّي جئتُك مُسَلِّما ولم أجِئْكَ مُتقاضيا للجواب ، فقال له هشامٌ : إن كنتَ جئتَ متقاضيا فهاك الجوابَ ، فخرج الدّيَصانيُّ عنه حتّى أتى بابَ أبي عبداللّه عليه السلام فاستأذَنَ عليه ، فأذِنَ له ، فلمّا قَعَدَ قالَ له : يا جعفر بن محمّد ، دُلَّني على معبودي فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «ما اسمُك؟» فخَرَجَ عنه ولم يُخبِرهُ باسمه ، فقال له أصحابه : كيف لم تُخْبرهُ باسمك؟ قال : لو كنتُ قلتُ له : عبدُاللّه ، كان يقول : من هذا الذي أنت له عبد ، فقالوا : له عُد إليه وقل له : يَدُلُّكَ على معبودك ولا يَسألُكَ عن اسمك ، فرَجَعَ إليه ، فقال له : يا جعفر بن محمّد ، دُلَّني على معبودي ولا تَسألْني عن اسمي فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «اجْلِسْ» وإذا غلام له صغير في كفّه بَيضَةٌ يَلعَبُ بها ، فقالَ له أبو عبداللّه عليه السلام : «ناوِلْني يا غلام البيضة» فناوَلَه إيّاها فقال له أبو عبداللّه عليه السلام : «يا دَيَصانيّ : هذا حِصْنٌ مكنونٌ له جِلدٌ غليظ ، وتحتَ الجلدِ الغليظِ جِلدٌ رقيقٌ ، وتحتَ الجلدِ

والحاصل أنّه قادر على كلّ شيء يدرك له معنى و مهيّة، والمستحيلُ لامهية ولا معنى له.
وقوله: (فأكبّ هشامٌ عليه) أي أقبل عليه (وقبّل يديه ورأسه ورجليه وقال: حسبي) أي يكفيني ذلك في الجواب عنه .
قوله: (دلّني على معبودي) أي مَن عليَّ عبادتُه في الواقع، أو بزعمك .

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 135508
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي