291
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.ولم يَعْبُدْ شيئا ، ومَن عَبَدَ الاسمَ والمعنى فقد كَفَرَ وعَبَدَ اثنينِ ، ومَن عَبَدَ المعنى دونَ الاسم فذاكَ التوحيدُ ؛ أفَهِمْتَ يا هشام؟» ، قال : فقلتُ : زِدْني ، قال : «إنّ للّه تسعةً وتسعينَ اسما ، فلو كانَ الاسمُ هو المسمّى لكانَ كلُّ اسمٍ منها إلها ، ولكنَّ اللّه َ معنىً يُدَلُّ عليه بهذه الأسماء ، وكلُّها غيرُه . يا هشامُ ، الخبزُ اسمٌ للمأكولِ ، والماءُ اسمٌ للمشروب ، والثوبُ اسمٌ للمَلْبوسِ ، والنارُ اسمٌ للمُحْرِق ، أفَهِمْتَ يا هشامُ فهما تَدفَعُ به وتُناضِلُ به أعداءَنا والمتّخذينَ مع اللّه ـ جَلَّ وعَزَّ ـ غيرَه؟» ، قلت : نعم ، قال : فقالَ : «نَفَعَكَ اللّه ُ به وثَبَّتَكَ يا هشامُ» ، قالَ هشام : فواللّه ِ ما قَهَرَني أحدٌ في التوحيدِ حتّى قُمتُ مقامي هذا .

۳.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن العبّاسِ بن معروفٍ ، عن عبدالرحمن بن أبي نجرانَ ، قال :كتبتُ إلى أبي جعفر عليه السلام أو قلتُ له : جَعَلَنِي اللّه ُ فِداك ، نَعبُدُ الرحمنَ الرحيمَ الواحدَ الأحدَ الصمدَ؟ قال : فقال : «إنَّ من عَبَدَ الاسمَ دونَ المسمّى بالأسماء أشْرَكَ وكَفَرَ وجَحَدَ ولم يَعْبُدْ شيئا ، بلِ اعْبُدِ اللّه َ الواحدَ الأحدَ الصمدَ المسمّى بهذه الأسماءِ ، دونَ الأسماء ، إنّ الأسماءَ صفاتٌ وَصَفَ بها نفسَهُ» .

إلى غيره، فيكون الاسم غير المسمّى ، كما قال: (والاسم غير المسمّى).
ثم فرّع على المغايرة كفرَ من عَبَدَ الاسم دون المعنى، وأن لا يكون عابد الاسم عابدا لشيء موجود عينيّ؛ لأنّ الاسم غير موجود عيني، لا بلفظه، ولا بمفهومه، وشرك من عبدهما.
قوله: (قال: إنّ للّه تسعة وتسعين اسما).
لمّا طلب الزيادة في البيان أجابه عليه السلام ببيان المغايرة بين الاسم والمسمّى بتعدّد الأسماء ووحدة المسمّى، وبإيراد الأمثلة من الأسماء المغايرة للمسمّى ـ ولا مفهومات لها صفتيةٌ يتوهّم اتّحادها مع المسمّى ـ كالخبز والماء والثوب والنار؛ فإنّها أسماء لموصوفات بصفات، وهي مغايرة لمفهومات الصفات والألفاظ.
قوله: (فقد أشرك وكفر وجحد) أي أشرك بعبادة الأسماء المتعدّدة، وكفر وجحد؛ حيث لم يعبد المسمّى (ولم يعبد شيئا) أي موجودا عينيا؛ لعدم وجود الاسم وبقائه لفظا ولا مفهوما.


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
290

۰.الأسماء عليه بصفاته التي وَصَفَ بها نفسَه ، فعَقَدَ عليه قلبَه ، ونَطَقَ به لسانُه في سرائره وعلانيتِه ، فاُولئك أصحابُ أمير المؤمنين عليه السلام حقّا» .
وفي حديث آخر : «اُولئكَ هم المؤمنونَ حَقّا» .

۲.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن أبيه ، عن النَضْر بن سُوَيْدٍ ، عن هشام بن الحَكَمِ أنّه سألَ أبا عبداللّه عليه السلام عن أسماء اللّه ِ واشتقاقِها :اللّه ُ ممّا هو مُشتَقٌّ؟ قال : فقال لي : «يا هشامُ ، اللّه ُ مشتقٌّ من إلهٍ ، والإله يَقتضي مَألوها ، والاسمُ غيرالمسمّى ، فمَنْ عَبَدَ الاسمَ دونَ المعنى فقد كَفَرَ

المقصود أن يعبّر عنه، أي ذاته الأحديّ المتعالي عن إحاطة العقول والإدراكات (ومن عبد الاسم والمعنى) أي مجموعهما، أو كلّ واحد منهما (فقد أشرك) حيث أدخل في عبادته غيرَه سبحانه (ومن عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه) أي كما وصف (فعقد عليه قلبه) أي اعتقد المعنى وإلهيّته، أو أنّه يعبده اعتقادا جازما صادقا ۱ (ونطق به لسانه في سريرته ۲ وعلانيته) فإنّ الاعتقاد بالقلب إذا فارق اختيارا عن الإقرار باللسان لم يكن كافيا في الإسلام والإيمان، ولابدّ من النطق به مع التمكّن (فأولئك) أي من عبده ۳
معتقدا بقلبه، مقرّا بلسانه (من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام حقّا) أي ممّن أخذ بقوله ، كما قال: «واتّبع هداه، وسلك سبيله واقتفاه». وهم المؤمنون، كما في قوله: (وفي حديثٍ آخَرَ: أُولئك هم المؤمنون حقّا).
قوله: (اللّه مشتقّ من أله ...).
يحتمل أن يكون المشتقّ منه «إله» كفعال ويحتمل أن يكون «أَلِهَ» كفَعِلَ، وعلى التقديرين ففيه معنى الإله (والإله يقتضي مألوها) أي من له إله؛ فإنّ معنى الإله ۴ نسبي يقتضي نسبته إلى غيره، ولا يتحقّق بدون الغير، والمسمّى لا حاجة له

1.في حاشية «ت»: تفسير الأوّل ناظرٌ إلى أنّ «عبد» بمعنى «عرف»، والثاني إلى أ نّه بمعنى العبادة. وقوله: «اعتقادا جازما صادقا» بالنظر إلى كلّ واحد منهما.

2.في الكافي المطبوع: «سرائره» .

3.في «خ»: + «اختيارا».

4.في «خ»: «مفهوم الإلهية».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 108851
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي