295
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.ولا قَوِىَ بعد ما كَوَّنَ الأشياءَ ، ولا كانَ ضعيفا قبلَ أن يُكَوِّنَ شيئا ، ولا كانَ مُستوحِشا قبلَ أن يَبتَدِعَ شيئا ، ولا يُشْبِهُ شيئا مذكورا ، ولا كانَ خِلْوا من المُلْكِ قبلَ إنشائه ، ولا يكونُ

بالمعنى المعبّر عند أهل العرف وأهل العلم من قدماء المتكلّمين من أنّ المكان ما يعتمد عليه الشيء، أو أنّه البُعد الموهوم.
وبالجملة، فبنفي كونه في شيء وكونه على شيء انتفى كونُه صفةً لشيء، وصورةً له، ومحاطا بشيء من الأمكنة والأجسام، وكونُه ذا وضع بالنسبة إلى شيء، ومحيطا بشيء من الأجسام وذوات الأوضاع.
وإذا لم يكن مبتدِعا مكانا لمكانه، أي ليكون مكانا له، أو لمنزلته بأن يكون المراد من المكان المنزلةَ، أو يكونَ لمَكانةٍ ، أي لمنزلة، لا «لمكانه» بالإضافة إلى الضمير، لم يكن له مكان عرفي، كالسرير يتّخذه الملك ليكون مكانا له يترفّع به على الخَدَم والرعيّة، فهو مكان له بمعنى أنّه يليق بشرفه ومنزلته وإن لم يجلس عليه ، فليس له المكان بهذا المعنى؛ لأنّه لا شيء يليق بعزّ جلاله يترفّع به، و ۱ لا يصحّ ذلك المعنى إلاّ لمن شأنه التمكّن في المكان.
وقوله: (ولا قوي بعد ما كَوّنَ الأشياء) أي لم يحصل له القوّة والتسلّط على الأشياء بعد تكوينها (ولا كان ضعيفا) أي موصوفا بالعجز (قبل تكوين شيء من الأشياء) ۲ فهو القادر القويّ قبلها، والمَلِك الجبّار بعدها، من غير تغيّر وتبدّل من صفة إلى صفة، وانتقالٍ من ضعف إلى شدّة.
وقوله: (ولا كان مستوحشا قبل أن يبتدع شيئا) إشارة إلى بهجته وسروره بذاته، والتذاذه بإدراكه نفسَه سبحانه (ولا يُشبه شيئا مذكورا) أي لا يشبه في وجوده وحياته وما يتبع الحياة وتنزّهه وقوّتِه شيئا مذكورا، أي مكوَّنا ومذكورا بين أهل الأرض.

1.في «ل ، م» : «ولأنّه» .

2.في الكافي المطبوع: «قبل أن يكوّن شيئا».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
294

۰.ربّي ـ تبارك وتعالى ـ كانَ ولم يَزَلْ حَيّا بلا كَيْفٍ ، ولم يَكُنْ له كانَ ، ولا كانَ لكَوْنِهِ كونُ كيفٍ ، ولا كانَ له أينٌ ، ولا كانَ في شيءٍ ، ولا كانَ على شيءٍ ، ولا ابْتَدَعَ لمكانه مَكانا ،

حاجة إلى زيادة تعمل للتطبيق.
قوله: (فقال: ويلك إنّما يقال لشيء لم يكن : متى كان) أي إنّما يقال لشيء مختصّ بزمان دون زمان آخَرَ: متى كان. وأمّا ما لا اختصاص له بزمان من الأزمنة فلا يقال فيه: متى كان، واللّه سبحانه لا اختصاص لوجوده بزمان. وإلى هذا أشار عليه السلام بقوله: (إنّ ربّي تبارك وتعالى كان ولم يزل) أي كان واستمرّ بلا اختصاص بزمان كونه (حيّا بلا كيف) فلا حياة له زائدة على ذاته، ولا من الكيفيّات التي تعدّ من توابع الحياة.
وقوله: (ولم يكن له «كان») أي ولم يتحقّق كون شيء له من الصفات الزائدة وغيرها.
(ولا كان لكونه كونُ كيفٍ) أي ما كان لوجوده ثبوتُ كيفٍ ، واتّصافٌ بكيفيّة من الكيفيّات، متغيرةً كانت أو غيرَ متغيّرة؛ لعدم زيادته على ذاته.
وقوله: (ولا كان له أين) نفي للأين عنه سبحانه مجملاً.
وقوله: (ولا كان في شيء ولا كان على شيء، ولا ابتدع لمكانه مكانا) نفي لاُمور تنتفي ۱ بنفيها تفاصيلُ الأين والمكان؛ فإنّه إذا لم يكن في شيء أصلاً، لا كونَ الجزء في الكلّ ، ولا كونَ الكلّي في الجزئي، ولا كونَ الحالّ في المحلّ، ولا كونَ الداخل في المكان فيه، انتفى عنه الأينُ بالمعنى المذكور عند أهل العلم من الفلاسفة ومن تبعهم في القول بأنّ المكان هو السطح الباطن للحاوي المحيط بالمحويّ، أو أنّه البُعد المجرّد.
وإذا لم يكن على شيء بالاعتماد عليه، أو بالوضع والترتيب، انتفى عنه الأينُ

1.في «خ، ل، م»: «ينتفي».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 108869
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي