297
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.بعد إنشائه للكَوْنِ ، فليس لكونه كيفٌ ، ولا له أينٌ ، ولا له حَدٌّ ، ولا يُعْرَفُ بشيءٍ يُشْبِهُهُ ، ولا يَهْرَمُ لطول البقاء ، ولا يَصْعَقُ لشيءٍ ؛ بل لخوفه تَصعَقُ الأشياءُ كلُّها ، كانَ حيّا بلا حياةٍ حادثةٍ ، ولا كَونٍ موصوفٍ ، ولا كيفٍ محدودٍ ، ولا أين موقوفٍ عليه ، ولا مكانٍ جاوَرَ شيئا ،

وقوله: (وملكا جبّارا بعد إنشائه للكون) ۱ أي قويّا على الإبقاء بالإيجاب وإفاضة الوجود واستمرار الإيجاد، وعلى الإفناء بعدم الإيجاب وعدم إفاضة الوجود واستمرار الإيجاد.
وقوله: (فليس لكونه كيفٌ) أي فليس بعد إنشائه للكون لوجوده كيفٌ، كما لم يكن قبل الإنشاء لكونه كيفٌ؛ لعدم إمكان تغيّره واتّصافه بما يستكمل به. (ولا له أين ولا له حدّ) فينتهي، ويحاط بشيء (ولا يُعرف) بعد الكون (بشيء يشبهه) حيث لا شبه له بشيء (ولا يهرم لطول البقاء ولا يصعق) أي لا يُغشى عليه؛ لأنّ وجوده وكمالاتِه بذاته، فلا يمكن زواله والتغيّر فيه (بل لخوفه) لأنّ الكلّ محتاج إليه، مجبور بقدرته وقوّته، مسخَّرا له، مضطرّ عنده (تصعق الأشياء كلُّها) أي تهلك ، أو تضعف عند ظهوره وتجلّيه؛ حيث لا يطيق القرب منه.
قوله: (كان حيّا بلا حياة حادثة...) استئناف للبيان منبّها على ما ربما يشتبه في بيانه السابق.
والمراد بالحياة الحادثة: الحياة المخرَجة من العدم إلى الوجود، أي التي هي كيفيّة ومغايرة لذاته سبحانه، فالحياة المنفيّة عنه الحياة الزائدة على ذاته المحتاجةُ إلى موجد موجب لها.
والمراد بالكون الموصوف الوجودُ المتّصف بالتغيّر أو عدمه عمّا من شأنه التغيّر، المعبّر عنهما بالحركة والسكون.
والمراد بالكيف المحدود الصفةُ المعيّنة المعلومة المدركة بالعقل، أو الوهم

1.في «م» : «الكون» .


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
296

۰.منه خِلْوا بعد ذهابه ؛ لم يَزَلْ حيّا بلا حياةٍ ، ومَلِكا قادرا قبل أن يُنْشِئَ شيئا ، ومَلِكا جبّارا

وفي رواية أبي جعفر بن بابويه بإسناده عن موسى بن جعفر عليهماالسلام هذا الخبرَ: «لا يشبهه شيء مكوَّن» . ۱
والشاهد لما ذكرناه من تفسير «المذكور» بالمكوَّن ما سيجيء في باب البَداء من رواية مالك الجُهني قال: سألت أبا عبداللّه عليه السلام عن قول اللّه تعالى: (أو لم ير الإنسان أنّا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) ۲ قال: فقال: «مقدّرا ولا مكوَّنا» قال: وسألته عن قوله تعالى : «هَلْ أَتَى عَلَى الاْءِنسَـنِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْـ?ا مَّذْكُورًا»۳
فقال: «كان مقدَّرا غير مذكور» ۴ .
وقوله: (ولا كان خِلْوا) أي خاليا (من الملك) بضمّ الميم ، أي العظمة والسلطنة (قبل إنشائه) أي إنشاء شيء ؛ لقدرته على إيجاد الأشياء وإبقائها على الوجود وإعدامها بعد الوجود وإبقائها على العدم، وكونِه جامعا في ذاته لما يحتاج إليه فعلُه وحاجةِ المهيّات إليه في الوجود مطلقا لذواتها ۵ ، فهو في غاية العظمة وأعلى مراتب السلطنة والغلبة على الأشياء كلِّها.
(ولا يكون منه) أي من المُلك (خلوا بعد ذهابه) أي ذهاب ما أنشأه، أو إنشائه لما ذكرنا.
وقوله: (لم يزل حيّا بلا حياة) أي بلا حياة مغايرة لذاته ـ ناظر إلى قوله: «حيّا بلا كيف» وقوله: (وملكا قادرا قبل أن ينشئ شيئا) ناظر إلى قوله: «ولا كان ضعيفا قبل أن يكوّن شيئا» وإلى قوله: «ولا كان خلوا من المُلك قبل إنشائه».

1.التوحيد، ص ۱۷۳، باب نفي المكان والزمان، ح ۲؛ وعنه في بحار الأنوار، ج ۴، ص ۲۹۹، باب جوامع التوحيد، ح ۲۸، وفيهما: «لا يشبه شيئا مكوّنا».

2.كذا في النسخ والكافي المطبوع، وفي سورة مريم (۱۹): ۶۷ هكذا: «أَوَ لاَ يَذْكُرُ الاْءِنسَـنُ أَنَّا خَلَقْنَـهُ مِن قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْـ?ا » ، وفي سورة يس (۳۶): ۷۷ هكذا: « أَوَ لَمْ يَرَ الاْءِنسَـنُ أَنَّا خَلَقْنَـهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ » .

3.الإنسان (۷۶): ۱ .

4.الكافي، ج ۱، ص ۱۴۷، باب البداء، ح ۵.

5.في «خ»: «لذاتها».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 108867
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي