۰.بعد إنشائه للكَوْنِ ، فليس لكونه كيفٌ ، ولا له أينٌ ، ولا له حَدٌّ ، ولا يُعْرَفُ بشيءٍ يُشْبِهُهُ ، ولا يَهْرَمُ لطول البقاء ، ولا يَصْعَقُ لشيءٍ ؛ بل لخوفه تَصعَقُ الأشياءُ كلُّها ، كانَ حيّا بلا حياةٍ حادثةٍ ، ولا كَونٍ موصوفٍ ، ولا كيفٍ محدودٍ ، ولا أين موقوفٍ عليه ، ولا مكانٍ جاوَرَ شيئا ،
وقوله: (وملكا جبّارا بعد إنشائه للكون) ۱ أي قويّا على الإبقاء بالإيجاب وإفاضة الوجود واستمرار الإيجاد، وعلى الإفناء بعدم الإيجاب وعدم إفاضة الوجود واستمرار الإيجاد.
وقوله: (فليس لكونه كيفٌ) أي فليس بعد إنشائه للكون لوجوده كيفٌ، كما لم يكن قبل الإنشاء لكونه كيفٌ؛ لعدم إمكان تغيّره واتّصافه بما يستكمل به. (ولا له أين ولا له حدّ) فينتهي، ويحاط بشيء (ولا يُعرف) بعد الكون (بشيء يشبهه) حيث لا شبه له بشيء (ولا يهرم لطول البقاء ولا يصعق) أي لا يُغشى عليه؛ لأنّ وجوده وكمالاتِه بذاته، فلا يمكن زواله والتغيّر فيه (بل لخوفه) لأنّ الكلّ محتاج إليه، مجبور بقدرته وقوّته، مسخَّرا له، مضطرّ عنده (تصعق الأشياء كلُّها) أي تهلك ، أو تضعف عند ظهوره وتجلّيه؛ حيث لا يطيق القرب منه.
قوله: (كان حيّا بلا حياة حادثة...) استئناف للبيان منبّها على ما ربما يشتبه في بيانه السابق.
والمراد بالحياة الحادثة: الحياة المخرَجة من العدم إلى الوجود، أي التي هي كيفيّة ومغايرة لذاته سبحانه، فالحياة المنفيّة عنه الحياة الزائدة على ذاته المحتاجةُ إلى موجد موجب لها.
والمراد بالكون الموصوف الوجودُ المتّصف بالتغيّر أو عدمه عمّا من شأنه التغيّر، المعبّر عنهما بالحركة والسكون.
والمراد بالكيف المحدود الصفةُ المعيّنة المعلومة المدركة بالعقل، أو الوهم