301
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۴.عدَّة من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالدٍ ، عن أبيه ، رَفَعَه ، قال :اجتمعتِ اليهودُ إلى رأس الجالوتِ ، فقالوا له : إنّ هذا الرجلَ عالمٌ ـ يعنون أميرَالمؤمنين عليه السلام ـ فَانْطَلِقْ بنا إليه نَسألْه ، فأتَوْه ، فقيلَ لهم : هو في القصر ، فانتظروه حتّى خَرَجَ ، فقال له رأسُ الجالوتِ : جئناكَ نسألُكَ ، فقال : «سَلْ يا يهوديّ عمّا بدا لك» ، فقال : أسألُكَ عن ربِّكَ متى كانَ؟ فقال : «كانَ بلا كينونيّةٍ ، كانَ بلا كيف ، كانَ لم يَزَلْ بلا كمٍّ وبلا كيفٍ ، كانَ ليس له قبلٌ ،

والمراد بما تحت الثرى: ما تحت التراب الذي به نداوة وبلّة، أي الطبقة الطينيّة.
ويحتمل أن يكون المراد بما بينهما ما يحصل من امتزاج القوى العِلْويّة والسِفْليّة، وبما تحت الثرى ما يتكوّن بامتزاج الماء والتراب.
قوله: (اجتمعت اليهود إلى رأس الجالوت) رأس الجالوت هو مقدّم علماء اليهود، وجالوت أعجمي.
وقوله: (متى كان) سؤال عن اختصاص وجوده بزمان يكون وجوده فيه.
وقوله عليه السلام : (كان بلا كينونية...) جواب عنه بنفي اختصاص وجوده سبحانه بالزمان، وتعاليه عن أن يكون فيه، فنَبَّهَ أوّلاً على نفي ما هو مناط الكون في الزمان عنه سبحانه بعد إثبات الوجود له والقولِ بوجوده سبحانه، فقال: (كان بلا كينونيّة كان بلا كيف ، كان) تقريرا لوجوده ونفيا لتغيّره وحدوث أمر له ولاتّصافه بالكيف، فكيف يتغيّر ويحدث له شيء؟!
وبقوله: (لم يزل بلا كمّ وبلا كيف ، كان) دلَّ على أنّه لا يجوز اتّصافه بكمّ أو كيفٍ، فيتوهّم أنّ له مادّةً قابلة للتغيّر وللاتّصاف بالأكوان، أو صفةً زائدة يجوز تغيّرها، وما لا يكون له اتّصاف بالأكوان ۱ والأوضاع والصفة الزائدة مطلقا،فلا يكون موضوعا للتغيّر في حال، وذاته واجب لذاته، فلا يمكن التغيّر فيه، فلا يكون له زمانُ وجودٍ؛ لأنّ الزمان نسبة المتغيّر إلى المتغيّر، فلا يصحّ في حقّه «متى كان».
وقوله: (ليس له قبل) أي لا اختصاص له بزمان خاصّ بحسب ذاته، أو بحسب

1.في «ل، م»: «بالأيون».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
300

۰.ولا يُسألُ عن شيء ، ولا يَنْدَمُ على شيءٍ ، ولا تَأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَوْمٌ ، له ما في السماواتِ وما في الأرضِ وما بينهما وما تحتَ الثرى» .

وما في بعض النسخ ـ من كونهما بالجيم والراء ـ فبعد عدم المناسبة للمقام ، لا يكون للأوّل معنى محصَّلٌ. وكذا كون الأخير بالجيم والزاي.
وقوله: (ولا تنزل ۱ به الأحداث).
أحداث الدهر: نوائبه، أي لا تنزل به حادثة ونائبة ، أي شيء يتغيّر به.
وقوله: (لا يُسأل عن شيء) أي سؤالَ احتجاجٍ ومؤاخذةٍ؛ لأنّ مَن لا يكون غالبا في سلطانه، أو عاليا في علمه لا يتأتّى منه السؤال، ولا ينبغي له، وكلّ شيء غيره مخلوقٌ، ذليل في عزّه وغلبته سبحانه، مستفيض في معرفته من فيض بحار علمه سبحانه، ولأ نّه إنّما يكون هذا السؤال لظهور ما لا يكون ظاهرا عليه، أو إظهارِ أولويّة خلافه، وهذا لا يتصوّر في الخير المحض لذاته؛ فإنّ كلّ كمال وخير يتبع كمالَه وخيره، وما لا يتبعه ولا يتعلّق به مشيّته يكون بمعزل عن الخيريّة.
وقوله: (ولا يندم على شيء) أي لا يظهر عليه ما كان غيرَ ظاهر عليه من الحكمة، وذلك لأنّه سبحانه عِلْمٌ كلُّه، قدرة كُلُّه، لا يعزب عنه شيء.
وقوله: (ولا تأخذه سنة ولا نوم).
لمّا نفى أنحاء التغيّرات عنه سبحانه ۲ ، صرّح بنفي التغيّر بالغفلة التي تكون في السِنة والنوم.
وقوله: (له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى) تنبيه على عدم اختصاص شيء به دون شيء، وأنّ الكلّ بنظامه له؛ فإنّ لكلّ شيء اختصاصا به؛ حيث أوجده، ووجود الكلّ بإقامته لكلٍّ، وله الحكمة والقدرة اللّتان بهما أوجد هذا العالم بنظامه الذي يتحيّر فيه العقول.

1.في الكافي المطبوع: «ولا ينزل».

2.في «ل»: «لمّا نفى عنه سبحانه أنحاء التغيّرات».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 108858
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي