كلَّما مضى منهم إمامٌ ، نَصَبَ لخَلْقه من عقبه إماما بيّنا ، وهاديا نيّرا ، وإماما قيّما ، يهدون بالحقّ وبه يعدلون . حُجَجُ اللّه ودُعاتُه ورُعاتُه على خَلْقه ، يدين بهَدْيِهم العبادُ ، وتَستهلُّ بنورهم البلادُ .
جعلهم اللّه ُ حياةً للأنام ، ومصابيحَ للظلام ، ومفاتيحَ للكلام ، ودعائمَ للإسلام . وجعل نظامَ طاعته وتمامَ فَرْضه التسليمَ لهم فيما عُلِمَ ، والردَّ إليهم فيما جُهِلَ ، وحَظرَ على غيرهم التهجّمَ على القول بما يجهلون ، ومَنَعَهم جَحْدَ ما لا يعلمون ؛ لما أرادَ تبارك وتعالى من استنقاذ من شاء من خَلْقه ، من ملمّات الظُلَم ، ومَغْشِيّاتِ البُهَمِ . وصلّى اللّه ُ على محمّد وأهلِ بيته الأخيار الذين أذهَبَ اللّه عنهم الرجسَ وطَهَّرَهم تطهيرا .
أمّا بعد ، فقد فَهِمتُ يا أخي ما شكوتَ من اصطلاح أهل دَهْرِنا على الجَهالةِ وتَوازُرِهم وسعيِهم في عِمارة طُرُقِها ، ومُبايَنَتِهم العلمَ وأهلَه ، حتّى كادَ العلمُ معهم أن يَأزِرَ كلُّه
قوله: (أن يأزر كلّه).
الأزْر ـ بتقدّم ۱ المنقوطة على غيرها ـ جاء بمعنى القوّة، وبمعنى الضعف، و هاهنا ۲ بمعنى الضعف.
ويحتمل أن يكون «يأرز» بتقدّم ۳ غير المنقوطة عليها، وسيجيء في باب الغيبة: «فيأرز العلم كما يأرز الحيّة في جُحْرها». ۴
وقال الجوهري في معنى «إنّ الإسلام ليأرز إلى المدينة كما يأرز الحيّة إلى جُحْرها» ۵ : أي ينضمّ إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها. ۶
1.في «م»: «بتقديم».
2.في «ل» : «هنا» .
3.في «ت»: «بتقديم» .
4.الكافي ، ج ۱، ص ۳۴۰، باب في الغيبة، ح ۱۷ .
5.عوالي اللآلئ ، ج ۱، ص ۴۲۹، ح ۱۲۲ وفيه: «إنّ الإيمان» بدل «إنّ الإسلام»؛ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد، ج ۹، ص ۱۶۵؛ و ج ۱۹، ص ۱۱۸ .
6.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۸۶۴ (أرز) .