507
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.عزّ وجلّ : يا ابن آدم ، بمشيئتي كنتَ أنت الذي تشاءُ ، وبقوّتي أدَّيْتَ إلَيَّ فرائضي ، وبنعمتي قَوِيتَ على معصيتي ، جَعَلْتُك سميعا بصيرا ، ما أصابَك من حَسَنَةٍ فمِنَ اللّه ِ ، وما أصابَك من سيّئةٍ فمِنْ نفسِك ، وذلك أنّي أولى بحسناتك منك ، وأنتَ أولى بسيّئاتك منّي ، وذلك أنّي لا اُسْألُ عمّا أفعَلُ وهم يُسألونَ . قد نَظَمْتُ لك كلَّ شيءٍ تُريدُ».

۱۳.محمّد بن أبي عبد اللّه ، عن حسين بن محمّد، عن محمّد بن يحيى ، عمّن حَدَّثَه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«لا جَبْرَ ولا تفويضَ ، ولكن أمرٌ بين أمرين» . قال : قلتُ وما أمرٌ بين أمرين؟ قال : «مثل ذلك رجلٌ رأيتَه على معصية فنهيتَه فلم يَنْتَهِ فتركتَه ، ففَعَلَ تلك المعصيةَ ، فليس حيثُ لم يَقْبَلْ منك فتركتَه كنتَ أنت الذي أمرتَه بالمعصية» .

قوله: (ولكن أمر بين أمرين).
بيان الأمر بين أمرين ـ على ما في هذا الحديث ـ يناسب ما ذكرناه من حمل الجبر في مقابل التفويض على الإيجاب والإلزام بالأمر والنهي؛ حيث قال: (مَثَل ذلك رجل رأيته على معصية) أي عازما عليها (فنهيته فلم ينته) ولم يؤثّر فيه النهي (فتركته) ولم تمنعه عن المعصية (ففعل تلك المعصية) بإرادته (فليس حيثُ لم يقبل منك) ولم ينته بنهيك [ (فتركته)] ولم تمنعه عن المعصية (كنت أنت الذي أمرته بالمعصية).
وحاصله أنّه ليس مفوَّضا إليه الفعل والترك؛ لوقوع النهي عن الفعل، وليس مأمورا بالفعل؛ لأنّه ليس هنا ۱ إلاّ عدم تأثير النهي فيه وعدم منعه عن الفعل، وليس هذا أمرا بالفعل، ولا مستلزما، فلا تفويض هنا ۲ ولا جبر، فكلّ ما يكون من هذا القبيل يكون واسطةً بينهما وأمرا بين أمرين.
وإن حمل الجبر هنا على ما حملنا عليه الجبر في مقابل القدر، فإنّما يصحّ الكلام بحمل الأمر على إيجاب الفعل وإيجاده في الفاعل بلا مدخليّة قدرته وإرادته فيه. وفيه خروج عن الظاهر.

1.و ۲ . في «خ»: «هاهنا».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
506

۱۰.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونسَ بن عبد الرحمن ، عن صالح بن سهل ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قالَ ، سُئلَ عن الجبرِ والقَدَرِ ، فقال :«لا جَبْرَ ولا قَدَرَ ، ولكن مَنزِلَةٌ بينهما ، فيها الحَقُّ التي بينهما ، لا يَعْلَمُها إلاّ العالمُ ، أو مَن عَلَّمَها إيّاه العالمُ» .

۱۱.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن محمّد بن يونسَ ، عن عِدَّةٍ ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :قال له رجلٌ : جُعِلْتُ فِداك ، أجْبَرَ اللّه ُ العبادَ على المعاصي؟ فقال : «اللّه ُ أعدلُ من أن يُجْبِرَهم على المعاصي ثمَّ يُعَذِّبَهم عليها» . فقالَ له : جُعِلتُ فداكَ ، فَفَوَّضَ اللّه ُ إلى العباد؟ قال : فقال : «لو فَوَّضَ إليهم لم يَحْصُرْهم بالأمر والنهي» . فقالَ له : جُعِلْتُ فداك ، فبينهما منزلةٌ ، قال : فقال : «نعم ، أوسَعُ ما بين السماء والأرضِ» .

۱۲.محمّد بن أبي عبد اللّه وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نصر قال :قلتُ لأبي الحسن الرضا عليه السلام : إنَّ بعضَ أصحابنا يقولُ بالجَبْرِ ، وبعضهم يقول بالاستطاعة ، قال : فقال لي : «اُكْتُبْ : بسم اللّه الرحمن الرحيم ، قال عليُّ بن الحسين : قال اللّه

قوله: (التي بينهما لا يعلمها إلاّ العالم، أو مَن علّمها إيّاه العالم).
وذلك لدقّتها وغموضها وعروض الشُبَه فيها، فلا يقدر على تحقيقها والعلمِ بها على ما ينبغي إلاّ العالم، أو مَن علّمه العالم، فالقادر على تحقيقها والعالمُ بها إمّا من خَصَّه اللّه بإفاضة العلوم عليه، أو مَن وفّقه للتعلّم والأخذ عنه.
قوله: (لو فوّض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي).
«التفويض» مستلزم للقَدَر، وفيه زيادة لا تعتبر في القدر، وهي عدم التعرّض للمفوّض إليه بأمر أو نهي، فالحصر بالأمر والنهي ينفي التفويض.
ولمّا سُئل عن كون منزلة بينهما، أجاب بأنّ بينهما منزلةً واسعةً أوسعَ ما بين السماء والأرض. ولا يخفى أنّ ما بين الجبر والتفويض أوسعُ ممّا بين الجبر والقدر.
ولا يبعد أن يقال: الجبر في مقابل التفويض الإلزام بالأمر والنهي، وفي مقابل القَدَر الإلزام والإيجاب بالإيجاد ورفع مدخليّة الإرادة والقدرة من العامل.

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 131357
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي