517
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.الكتابَ ، فأمَرَ فيه ونَهى ، أمَرَ فيه بالصلاة والصيام ، فنامَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن الصلاة ، فقال : أنا اُنِيمُك وأنا اُوقِظُك ، فإذا قُمْتَ فَصَلِّ لِيَعْلَموا إذا أصابَهم ذلك كيف يَصنَعونَ ، ليس كما يقولون : إذا نامَ هَلَكَ ، وكذلك الصيام أنا اُمْرِضُك وأنا اُصِحُّك ، فإذا شَفَيْتُك فَاقْضِه» .
ثمّ قالَ أبو عبد اللّه عليه السلام : «وكذلك إذا نَظَرْتَ في جميع الأشياء لم تَجِدْ أحدا في ضِيقٍ ، ولم تَجِدْ أحدا إلاّ وللّه عليه الحُجَّةُ وللّه فيه المشيئةُ ، ولا أقولُ : إنّهم ما شاؤوا صَنَعوا» ، ثمّ قالَ : «إنَّ اللّه يَهدي ويُضلُّ» وقال : «وما اُمِرُوا إلاّ بدون سَعَتِهم ، وكُلُّ شيءٍ اُمِرَ الناسُ به فَهُمْ يَسَعونَ له ، وكُلُّ شيءٍ لا يَسَعونَ له فهو موضوعٌ عنهم ، ولكنّ الناسَ لاخيرَ فيهم» ثمّ تلا عليه السلام : « لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ » فوضع عنهم « مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ » قال : «فوضع عنهم لأنّهم لا يَجِدونَ».

الرسول إنّما يتأخّر عن هذا التعريف. وما بعد ذلك في هذا الحديث من قوله: (ثمّ أرسل إليهم) لبيان أن لا تضييق على العباد فيما اُمروا به، ثمّ عمّم نفي التضييق عليهم في جميع ما كُلّفوا به إتيانا وتركا، وفيه إشارة إلى نفي الجبر.
وقوله: (وللّه عليه الحجّة) كالدليل على ذلك؛ فإنّه لا حجّة على المجبور؛ لكونه معذورا.
وقوله: (وللّه فيه المشيّة) إشارة إلى نفيالقَدَر، وأنّ كلّ مايكون من العبد مشيّه اللّه .
وقوله: (ولا أقول: إنّهم ما شاؤوا صنعوا) ـ سواء كان على وفق مشيّة اللّه أو لم يكن ـ تصريح بنفي القَدَر.
وقوله: (إنّ اللّه يهدي ويضلّ) دليل على كون الكلّ بمشيّة اللّه .
وقوله: (وما أُمروا إلاّ بدون سَعَتهم) أي لم يُكلَّفوا بمنتهى سَعَتهم، بل كُلّفوا بما لم يصل إليه، وفوقه مراتبُ من السَعَة . (وكلّ شيء أُمر الناس به فهم يسعون له، وكلّ شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم) غير مطلوب منهم، فما لم يقع من المأمور به ليس لأنّهم لا يسعون له، بل لأنّهم لا خير فيهم.


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
516

۳.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن ابن فَضّال ، عن داودَ بن فَرْقَد ، عن أبي الحسن زكريّا بن يحيى ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :«ما حَجَبَ اللّه ُ عن العباد فهو موضوعٌ عنهم» .

۴.عدَّةٌ من أصحابنا ، عن أحمدَ بن محمّد بن خالد ، عن عليّ بن الحَكَم ، عن أبانٍ الأحمر ، عن حمزةَ بن الطيّار ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال :قال لي : «اُكْتُبْ» فأمْلى عَلَيَّ : «إنّ مِن قولنا إنَّ اللّه َ يَحْتَجُّ على العباد بما آتاهم وعَرَّفَهم ، ثمَّ أرْسَلَ إليهم رسولاً وأنْزَلَ عليهم

وأمّا على الثاني، فلما قاله سبحانه؛ لأنّ الإرسال في شيء لا يجدي في شيء آخَرَ، ولأنّه مؤاخذة الغافل عن الشيء من غير أن ينبّه عليه، وعقابُه على تركه قبيح عقلاً.
قوله: (ما حجب اللّه عن العباد فهو موضوع عنهم) أي ما لم يعرفوه. وبيانه ظاهر.
ولعلّ معرفة اللّه سبحانه في الجملة ليست ممّا حجبه اللّه عن عبد من عباده، وإن كان حجاب فبصنعه، لا بصنع اللّه سبحانه؛ لأنّه سبحانه لم يحجبها عن أحد، بل أوضحها وأظهرها بدلائلها وإعطاء ما يكفي للوصول إليها، وإن لم يقع الوصول فمن جهتهم، لا من حَجْبه سبحانه إيّاها عنهم.
نعم، المعرفة على وجه الكمال ربما يقال بحجبها عن بعض النفوس الناقصة. وفي استناد هذا الحجب إليه سبحانه نظر.
ويحتمل أن يكون المراد بقوله: «ما حجب اللّه عن العباد» ما لم يكن في وسعهم، وحُجبوا عنه بما من جانب اللّه ، فيكون موضوعا عنهم، كما في الحديث الذي بعد هذا.
قوله: (إنّ اللّه يحتجّ على العباد بما آتاهم وعرّفهم ثمّ أرسل إليهم).
الظاهر أنّ المراد بما آتاهم وعرّفهم هنا ۱ معرفة اللّه سبحانه التي عرّفها للعباد بإظهار الدلائل الواضحة الدالّة عليها، يرشدك إليه قولُه: (ثمّ أرسل إليهم) فإنّ إرسال

1.في «خ، ل»: «هاهنا».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 106966
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي