551
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۳.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد، عن الحسن بن محبوب ، عن هِشام بن سالم ، عن زُرارةَ ، قالَ : قلتُ لأبي جعفر عليه السلام : أخْبِرْني عن معرفةِ الإمامِ منكم واجبةٌ على جميع الخلق؟ فقال : «إنّ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ بَعَثَ محمّدا صلى الله عليه و آله إلى الناسِ أجمعينَ رسولاً وحجّةً للّه على جميع خلقه في أرضه ، فمن آمَنَ باللّه وبمحمّدٍ رسولِ اللّه واتَّبَعَه وصَدَّقَه فإنَّ معرفةَ الإمام منّا واجبةٌ عليه ؛ ومن لم يُؤْمِنْ باللّه وبرسولِه ولم يَتَّبِعْه ولم يُصَدِّقْه ويَعْرِفْ حَقَّهُما ، فكيف يَجِبُ عليه معرفةُ الإمام وهو لا يؤمِنُ باللّه ورسولِهِ ويَعْرِفُ حقَّهما ؟!» .

وقوله: (ويردّ إليه ويسلّم له) بيان لجهة الاحتياج إلى معرفة إمام زمانه.
وقوله: (كيف يعرف الآخِر وهو يجهل الأوّل) إشارة إلى سبب اعتبار معرفة الأئمّة كلّهم، وهو توقّف معرفة إمام الزمان على معرفة الأئمّة السابقين كلّهم؛ لأنّ إمامة كلِّ لاحق إنّما تُعرف بنصّ السابق عليه، كما اُشير إليه. وأمّا اعتبار معرفة إمام الزمان في حصول الإيمان فلقوله صلى الله عليه و آله : «من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة» ۱ ولما بيّنّاه.
قوله: (فكيف يجب عليه معرفة الإمام).
هذا استدلالٌ على وجوب معرفة الإمام على المسلمين دون غيرهم، بأنّ مَن لم يؤمن باللّه ورسوله ولم يصدق اللّه ورسوله، لم يكن معرفة الإمام مطلوبةً منه؛ لأنّ معرفة الإمام للتعريف وتبيين ما جاء به الرسول صلى الله عليه و آله لمصدّقه وردّه إليه، والتسليم والانقياد له، واجتماعِ كلمة المسلمين وكونِهم جماعةً ليظهروا باجتماعهم واتّفاق

1.كمال الدين، ج ۲، ص ۴۰۹، باب ۳۸، ح ۹؛ الإقبال، ص ۴۶۰، فصل فيما نذكره من فضل اللّه ؛ العمدة، ص ۴۷۱، فصل في ذكر شيء من الأحداث بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ح ۹۹۲؛ كشف الغمّة، ج ۲، ص ۵۲۸، الفصل الثالث في ذكر النصّ عليه...؛ وسائل الشيعة، ج ۱۶، ص ۲۴۶، باب تسمية المهديّ، ح ۲۱۴۷۵.


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
550

۰.«تصديقُ اللّه عزّ وجلّ، وتصديقُ رسولِه صلى الله عليه و آله ، وموالاةُ عليّ عليه السلام والائتمامُ به وبأئمّة الهدى عليهم السلام ، والبراءةُ إلى اللّه عزّ وجلّ من عَدُوِّهم ، هكذا يُعْرَفُ اللّه عزّ وجلّ».

۲.الحسين ، عن معلّى ، عن الحسن بن عليّ ، عن أحمدَ بن عائذٍ ، عن أبيه ، عن ابن وقوله:(وموالاة عليّ) أي متابعته بتسليم الأمر إليه بالإمامة واتّخاذه إماما والاقتداء به والانقياد له، وكذا الأئمّة من وُلْده وعترة رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وقوله: (والبراءة إلى اللّه تعالى من عدوّهم) أي المفارقة منهم اعتقادا قلبا ولسانا وإطاعةً توجّها إلى اللّه سبحانه، وميلاً من باطلهم إلى الحقّ الذي أقامه اللّه سبحانه؛ لأنّ الموالاة على ما ينبغي إنّما تتمّ بالبراءة من أعدائهم بعد معرفتهم بالعداوة. وأمّا اعتبار معرفة الإمامة فيما لا يتمّ العبادة إلاّ به من المعرفة، فلأنّه ما لم يعرف استناد الأمر والنهي والطلب إليه سبحانه لا يكون الإتيان بالعمل عبادةً له تعالى، وإنّما يحصل ۱ تلك المعرفة بالأخذ عن الحجّة، وما لم يعرف الحجّة امتنع الأخذ عنه، فيجب على من يريد أن يعبده أمامَ فعلِه معرفةُ الإمام، كما كان يجب عليه الإقرار به تعالى موحِّدا، وبرسوله مصدِّقا له في جميع ما جاء به.
قوله: (لا يكون العبد مؤمنا حتّى يعرف اللّه ) أي لا يكون مصدّقا بالمعارف التي تجب عليه ولا يُفلح إلاّ بها، ما لم يحصل له معرفة اللّه والتصديق بإنّيّته ووحدته وصفاته اللائقة بذاته، ومعرفة رسوله بالرسالة، والتصديق بجميع ما جاء به من الأوامر والنواهي، ومعرفة الأئمّة كلّهم، وإمام زمانه بالإمامة ووجوب الردّ إليه والأخذ عنه وإطاعته؛ وذلك لأنّه إنّما يحصل له المعرفة من جهتهم وبتعريفهم وهدايتهم، فكلّ عبد يحتاج في معرفته إلى إمام زمانه ، ومعرفةُ إمام زمانه إنّما تتيسّر له بالاطّلاع على النصّ من الإمام السابق عليه ، فيحتاج في معرفة إمام زمانه إلى معرفة الأئمّة كلِّهم.
اُذَيْنَة ، قالَ : حَدَّثنا غيرُ واحدٍ ، عن أحدهما عليهماالسلام أنّه قال : «لا يكونُ العبدُ مؤمنا حتّى يَعْرِفَ اللّه َ ورسولَه والأئمّةَ كلَّهم وإمامَ زمانه ، ويَرُدَّ إليه ويُسَلِّمَ له» ثمّ قال : «كيف يَعْرِفُ الآخِرَ وهو يَجْهَلُ الأوّلَ؟!» .

1.في «ل»: «تحصل».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 135385
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي