561
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.الّذي لا يُعرَفُ اللّه ـ عزّ وجلّ ـ إلاّ بسبيلِ معرفتنا ، ونحنُ الأعرافُ يُعَرِّفُنا اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يومَ القيامة على الصراط ، فلا يَدخُلُ الجنّةَ إلاّ من عَرَفَنا وعَرَفْناه ، ولا يَدخُلُ النار إلاّ من أنكرنا وأنكرناه .

رجالاً يَعرفونه كلاًّ بسيماهم، أجابه ببيان الرجال الذين هم عليه، وبالإشارة إلى إطلاقات «الأعراف» واستعمالاته؛ فإنّ «الأعراف» مأخوذ من العرفان على ما هو الظاهر، ويطلق على الموضع المُشرِف المعينِ بإشرافه على اطّلاع مَن عليه كما يقال: الأعراف الذي في القرآن سور بين الجنّة والنار، فعلى هذا الإطلاق قال: نحن على الأعراف نعرف أنصارنا بسيماهم.
ويطلق على حامل المعرفة المتأصّل فيها الذي إنّما يعرف غيره بوساطته، كالحجج من الرسل والأنبياء وولاة الأمر، وعلى هذا الإطلاق قال: (ونحن الأعراف الذي لا يُعرف اللّه تعالى ۱ إلاّ بسبيل معرفتنا).
ويطلق على المعرّف الذي إنّما يتمّ المقصود بمعرفته، وعلى هذا قال: (ونحن الأعراف يعرّفنا اللّه تعالى ۲ يوم القيامة على الصراط).
فإن اُريد ظاهر الآية فالأعراف هو المعبَّر عنه بالسور بين الجنّة والنار، ومَن عليه من الرجال الحجج عليهم السلام.
وإن اُريد باطنها فالأعراف هو المكان العالي من المعرفة التي عليها الحجج عليهم السلامالذين يعرفونه كلاًّ بسيماهم، وإنّما ينال المقصود بمعرفتهم وهم الحافظون لها المحيطون بأطرافها، ويستحقّون أن يطلق عليهم الأعرافُ؛ لاشتمالهم عليها وإحاطتهم بها.
فقوله: «ونحن الأعراف» كقوله عليه السلام : «أنا كلام اللّه الناطق» ولعلّ قولَه : «ونحن الأعراف الذي لا يعرف اللّه إلاّ بسبيل معرفتنا» بالنظر إلى أحوال الدنيا. وقوله: «ونحن الأعراف يعرّفنا اللّه بالنظر تعالى» إلى أحوال العقبى.

1.في الكافي المطبوع: «عزّ وجلّ».

2.في الكافي المطبوع: «عزّ وجلّ».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
560

۰.جَنَّها الليلُ بَصُرَتْ بقطيع غَنَمٍ مع راعيها ، فحَنَّتْ إليها واغْتَرَّتْ بها ، فباتَتْ معها في مَرْبِضِها ، فلمّا أن ساقَ الراعي قَطيعَه أنْكَرَتْ راعِيَها وقطيعَها ، فَهَجَمَتْ مُتحيّرةً تَطْلُبُ راعِيَها وقطيعَها ، فَبَصُرَتْ بِغَنَمٍ مع راعيها ، فحَنَّتْ إليها واغْتَرَّتْ بها ، فَصاحَ بها الراعي : الحَقي براعيك وقطيعِك ، فأنت تائهةٌ مُتحيّرةٌ عن راعيك وقطيعك ، فَهَجَمَتْ ذَعِرَةً ، مُتحيّرةً ، تائهةً ، لا راعِيَ لها يُرشِدُها إلى مَرعاها أو يَرُدُّها ، فبينا هِيَ كذلك إذا اغتنم الذئبُ ضَيْعَتَها ، فأكَلَها ، وكذلك واللّه يا محمّد، من أصْبَحَ من هذه الأُمّة لا إمامَ له من اللّه ـ عزّ وجلّ ـ ظاهرٌ عادلٌ ، أصْبَحَ ضالاًّ تائها ، وإن ماتَ على هذه الحالة ماتَ ميتةَ كُفرٍ ونفاقٍ ، واعلَمْ يا محمّد أنَّ أئمّة الجورِ وأتباعَهم لمعزولون عن دين اللّه قد ضَلّوا وأضلّوا ، فأعمالُهم الّتي يَعملونها كرَمادٍ اشْتَدَّت به الريحُ في يومٍ عاصفٍ ، لا يقدرونَ ممّا كسبوا على شيءٍ ، ذلك هو الضلالُ البعيدُ».

۹.الحسينُ بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور ، عن عبد اللّه بن عبد الرحمن ، عن الهيثم بن واقد ، عن مُقَرِّنٍ ، قالَ ، سمعتُ أبا عبد اللّه عليه السلام يقول :جاء ابنُ الكَوّاء إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال : يا أمير المؤمنين « وَعَلَى الأَْعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلاَّم بِسِيمَـلـهُمْ » ؟ فقال : «نحنُ على الأعراف ، نعرفُ أنصارَنا بسيماهم ، ونَحنُ الأعرافُ

وتلحق باُخرى فيردّها ۱ راعيها، فتهجم ذعرةً خائفةً متحيّرةً تائهةً لا راعي لها يحفظنها (فبينا هي كذلك إذا اغتنم الذئب ضَيْعَتَها، فأكلها).
وقوله: (وإن مات على هذه الحالة مات ميتة كفر) لإضلال الشيطان وإخراجه إيّاه عن الدين، فلا يجديه عمله، فمن تبع الظلمة والضالّين فأعمالهم كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف لم يبق في أيديهم شيء منها.
قوله: (نحن على الأعراف...).
لمّا كانت الآية التي سأل السائل عنها مشتملةً على ذكر «الأعراف»، وأنّ عليه

1.في «خ، ل»: «فردّها».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 134880
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي