۰.يا هشام ، إنّ العاقلَ لا يَكْذِبُ وإن كانَ فيه هواه .
يا هشام ، لا دينَ لمن لا مروءةَ له ، ولا مروءة لمن لا عقلَ له ، وإنّ أعظمَ الناسِ قدْرا الذي لا يَرى الدنيا لنفسه خطرا ، أما إنَّ أبدانَكُم ليس لها ثمنٌ إلاّ الجنّةُ ، فلا تَبيعوها بغيرها .
يا هشام ، إنَّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول : إنَّ من علامة العاقل أن يكونَ فيه ثلاثُ خصالٍ : يُجيب إذا سُئلَ ، وينطقُ إذا عجزَ القومُ عن الكلام ، ويُشيرُ بالرأي الذي يكونُ
قوله: (إنّ العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه)
حذرا من فضيحته عند الظهور.
قوله: (ولا مروّة لمن لا عقل له)
فإنّ من لا عقل له لا يكون عارفا ۱ بما يليق به ويحسن، وما لا يليق به ولا يحسن ، فقد يترك اللائق ويجيء بما لا يليق، ومن يكون كذلك لا يكون ذا دين.
قوله: (لا يرى الدنيا لنفسه خطرا).
وذلك لأنّه لا يحصل إلاّ بمعرفة كاملة بأحواله وأحوالها، وتلك المعرفة لا تكون إلاّ مع كمال العقل، ومن كَملَ عقله كان من أعظم الناس قدرا.
قوله: (أما إنّ أبدانكم ليس لها ثمن إلاّ الجنّة فلا تبيعوها بغيرها).
عبّر عن استعمال الأبدان في الاكتسابات ببيعها بالمكتسبات، فالمكتسب ثمن لها فقال عليه السلام : «ليس لها ثمن» أي ما يليق بأن يكون ثمنا إلاّ الجنّة: «فلا تبيعوها بغيرها» من الدنيا ومهويّات الأنفس .
قوله: (يجيب إذا سئل).
يعني يكون قادرا على الجواب عمّا يسأل والنطقِ عند عجز القوم عن الكلام، ومشيرا بالرأي الذي فيه صلاح القوم، وعارفا بصلاحهم، وآمرا به، فمن لم يكن فيه شيء من هذه الثلاث فهو أحمقُ ، أي عديم الفهم، ناقص التميز بين الحسن والقبيح.