593
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.فلم تَزَلْ في ذُرّيّته يَرِثُها بعضٌ عن بعض ، قَرْنا فَقَرْنا حتّى وَرَّثَها اللّه ُ تعالى النبيَّ صلى الله عليه و آله ، فقال جَلَّ وتعالى : « إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ » فكانَتْ له خاصّةً ، فقَلَّدَها صلى الله عليه و آله عليّا عليه السلام بأمر اللّه تعالى على رسم ما فرض اللّه ، فصارَتْ في ذرّيّته الأصفياء الّذين آتاهم اللّه العلمَ والإيمانَ ، بقوله تعالى : « وَ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَ الاْءِيمَـنَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَـبِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ » فهي في

قيل: في صحاح اللغة: القرن ثمانون سنة. ويقال: ثلاثون سنة 1 . وقيل: في القاموس: أربعون سنة، أو عشرة، أو عشرون، أو ثلاثون، أو خمسون، أو ستّون، أو سبعون، أو ثمانون، أو مائة أو مائة وعشرون 2 .
وانتهى تلك الوراثة إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وورّثها اللّه تعالى النبيّ صلى الله عليه و آله فقال جلّ وعزّ: « إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَ هِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِىُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَاللَّهُ وَلِىُّ الْمُؤْمِنِينَ » 3 فكانت الإمامة بعد الذين اتّبعوا إبراهيمَ من ذرّيّته للنبيّ الاُمّيّ عليه السلام من ذرّيّته خاصّةً في زمانه؛ حيث لا يقبل 4 فهي في ولد عليّ عليه السلام خاصّةً إلى يوم القيامة؛ إذ لا نبيّ بعد محمّد صلى الله عليه و آله .
فظهر فساد اختيار الإمام بالآراء والأهوية، وأن ليس سبيل إلى اختيار غيرهم بعد

1.الصحاح ، ج ۶، ص ۲۱۸۰ (قرن).

2.القاموس المحيط ، ج ۲، ص ۱۶۰۶ (قرن).

3.آل عمران (۳): ۶۸.

4.في «ل، م»: «لا تقبل».الرئاسةُ العامّة الشركةَ بأن تكون في وقت واحد بين شريكين، وبعد زمانه صلى الله عليه و آله للذين آمنوا من ذرّيّة إبراهيم، فقلّدها عليّا عليه السلام بأمره سبحانه وتعالى، وبنى الولاية لأهل بيته على رسم ما فرض اللّه بناء الولاية عليه، وهو الصلاح والسداد بعد كونه من ذرّيّته، أي من ذرّيّة مَن قلّده اللّه الإمامة على يد رسوله بأمره، فتقليد الإمامة عليّا عليه السلام كتقليدها إبراهيمَ عليه السلام ، فكما صارت بعد إبراهيم في الصالحين من ذرّيّته صارت بعده في ذرّيّته الأصفياء الذين آتاهم العلمَ والإيمان بقوله تعالى: « وَ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ وَ الاْءِيمَـنَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِى كِتَـبِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ » الروم (۳۰): ۵۶.


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
592

۰.« لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّــلِمِينَ » . فأبْطَلَتْ هذه الآيةُ إمامةَ كلِّ ظالمٍ إلى يوم القيامة وصارَتْ في الصفوة ، ثمّ أكْرَمَه اللّه ُ تعالى بأن جَعَلَها في ذُرّيّته أهلِ الصفوة والطهارةِ ، فقال : « وَ وَهَبْنَا لَهُو إِسْحَـقَ وَ يَعْقُوبَ نَافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنَا صَــلِحِينَ * وَ جَعَلْنَـهُمْ أَلـءِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ تِ وَ إِقَامَ الصَّلَوةِ وَ إِيتَآءَ الزَّكَوةِ وَ كَانُواْ لَنَا عَـبِدِينَ » .

بعد الخلّة بترجّيها لذرّيّته « وَ مِن ذُرِّيَّتِى » فقال اللّه تعالى في جوابه: «لاَ يَنَالُ عَهْدِى الظَّــلِمِينَ»۱ أي من يتّصف من ذرّيّتك بالظلم لا يناله عهدُ الإمامة؛ لأنّ صفة الظلم مانعة ۲ عن الصلوح له، وقبح إدخالُ الظالم في عهد الإمامة والجواب بيانٌ ببرهان، وردٌّ باعتذار، فبعدُ ۳ لم يبق مجال للمراجعة في الطلب والسؤال لمن أخرجه عن شمول العهد.
وفيه إشعار بدخول غير الظالم من ذرّيّته في عهد الإمامة له عليه السلام ما أمكن. ولمّا كان المطلوب لهم الإمامة بعده من ذرّيّته، فالظالم شامل لكلّ من يظلم بعد ذلك من المستقبلين من ذرّيّته وليس مستعملاً في الحال أو الماضي (فأبطلت هذه الآية إمامة كلّ ظالم) يظلم منهم (إلى يوم القيامة ، وصارت) الإمامة (في الصفوة) يعني الذين أشعر بدخولهم من ذرّيّته في عهد الإمامة له عليه السلام ثمّ جعل الإمامة في أهل الصفوة والطهارة من ذرّيّته، فقال تعالى: « وَ وَهَبْنَا لَهُو إِسْحَـقَ وَ يَعْقُوبَ نَافِلَةً وَ كُلاًّ جَعَلْنَا صَــلِحِينَ »۴ . والنافلة ولد الولد. وأوصل بجعلهم صالحين جَعْلَهم أئمّةً، فقال بعد قوله: « وَ كُلاًّ جَعَلْنَا صَــلِحِينَ * وَ جَعَلْنَـهُمْ أَلـءِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا »۵ إشعارا بتوقّف الإمامة على الصلاح، وأتبعه بقوله: « وَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَ تِ » الآية، إيماءً إلى تقدّم إمامتهم على نبوّتهم؛ لحصول الإمامة لهم بالعهد لإبراهيم عليه السلام لسؤاله الإمامةَ دون النبوّة ، فلم يزل الإمامة في ذرّيّة إبراهيم عليه السلام يرثها بعض من ذرّيّته من ۶ بعض قرنا فقرنا .

1.البقرة (۲): ۱۲۴.

2.في «ل»: «لأنّ الظلم مانع».

3.في «خ، م»: «فبعده».

4.الأنبياء (۲۱): ۷۲.

5.الأنبياء (۲۱): ۷۲ و ۷۳.

6.في «ل»: «عن».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 140490
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي