61
الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)

۰.فأدبَرَ ؛ ثمّ قال له : أقبِلْ فأقبَلَ ؛ فقال اللّه تبارك وتعالى : خلقتُكَ خلْقا عظيما ، وكرّمتُكَ على جميع خلقي» . قال : «ثمّ خلَق الجهلَ من البحر الأُجاج ظلمانيّا ، فقال له : أدبِرْ فأدبَرَ ؛ ثمّ قال له : أقبِلْ فلم يُقْبِلْ ، فقالَ له : استكبرتَ ، فلَعَنَهُ ، ثمّ جعل للعقل خسمةً وسبعينَ جُندا ، فلمّا رأى الجهلُ ما أكرَمَ اللّه به العقلَ وما أعطاهُ ، أضمَرَ له العداوةَ ، فقال الجهلُ : ياربِّ ، هذا خلقٌ مِثْلي خَلَقْتَه وكرَّمْتَه وقوَّيْتَه ، وأنا ضدُّه ولا قوّةَ لي به ، فأعْطِني من الجُنْد مِثْلَ ما أعطيتَه ، فقال : نعم ، فإن عصيتَ بعد ذلك أخرَجْتُك وجندَك من رحمتي قال : قد رضيتُ ، فأعطاه خمسةً وسبعينَ جُندا ، فكان ممّا أعطى العقلَ من الخمسة والسبعين الجندَ :
الخير ، وهو وزير العقل ، وجعل ضدَّه الشرَّ ، وهو وزير الجهل ؛ والإيمانُ ، وضدَّه الكفرَ ؛

(ثمّ خلق الجهل من البحر الأُجاج ظلمانيا) أي من المادّة الظلمانيّة الكدرة، أو بوساطتها. ۱
والمراد بالجهل هنا مبداُ الشرور والمضارّ والمكائد والآفات والمناقص والمفاسد، كما أنّ العقل مبدأ الانكشاف واختيار الخير والنافع .
قوله: (فقال له: أدبر...)
فإن قيل: في الحديث الأوّل ذكر الأمر بالإقبال أوّلاً بعكس ما في هذا الحديث.
قلنا: لا منافاة؛ لجواز تعدّد الأمر بالإقبال أو الأمر بهما.
قوله: (ثمّ جعل للعقل خمسة وسبعين جندا...).
الجند: العسكر والأعوان والأنصار. وإطلاق الجند على واحد ۲
باعتبار الأقسام والشعب والتوابع؛ فكلّ واحد ـ لكثرة أقسامه وتوابعه ـ كأنّه جندٌ.
قوله: (الخير وهو وزير العقل).
في المصادر الخير: «از كسى بهتر بودن و بهترين برگزيدن ۳ ». ولعلّه المراد،

1.في «ل»: «بواسطتها» .

2.في «خ، ل، م»: «كلّ واحد» .

3.في «ل»: «از كس بهترين بودن و بهترى برگزيدن».


الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
60

۱۴.عدّةٌ من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن حديد ، عن سُماعة بن مهران ، قال :كنتُ عند أبي عبداللّه عليه السلام وعنده جَماعةٌ من مَواليه ، فجرى ذكرُ العقل والجهل ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «اعْرِفوا العقلَ وجندَه ، والجهلَ وجندَه تَهتدوا» قال سماعة : فقلتُ : جعلتُ فِداك ، لا نَعرفُ إلاّ ما عرَّفتنا ، فقال أبو عبداللّه عليه السلام : «إنّ اللّه عزّ وجلّ خلق العقلَ ـ وهو أوّلُ خَلْق من الروحانيّين ـ عن يمين العرش من نوره ، فقال له : أدبِرْ

قوله: (وهو أوّل خلق من الروحانيين).
الروح ـ بالضمّ ـ ما دقَّ ولطفَ عن إدراك الحواسّ من الجواهر، فلا يدرك من جهة البصر من خارج، ۱ وكلّ ما هذا شأنه يكون من عالم الأمر ، و مقابله عالم الخلق.
ويطلق الروح على النفس الإنسانيّة والمَلَك .
وقد يطلق على ما به الحياة؛ فيشمل غير الإنسان من الحيوانات. والنسبة إليه «رُوحاني» بالضمّ .
ويطلق على كلّ واحد باعتبار النسبة إلى الطبيعة، كما يقال لكلّ واحد من أنواع الحيوان مثلاً: «إنّه نوع حيواني». ويجوز أن يكون إطلاق الروحاني على الملك باعتبار النسبة إلى الروح الإنساني ، وهو الغالبُ إطلاقُه عليه؛ لشدّة المناسبة والارتباط.
ويحتمل أن يكون باعتبار النسبة إلى الروح الذي هو مَلَكٌ وجهه كوجه الإنسان، فيطلق على كلّ ملك سواه للنسبة إليه وكونِه من جنسه، وعليه تغليبا ، كالذاتي على النوع.
وبالجملة، فالعقل (أوّل خلق من الروحانيين) خلقه اللّه (عن يمين العرش) أي أشرف جانبيه وأقواهما وجودا (من نوره) أي من نور منسوب إليه تعالى؛ لشرفه، أو من ذاته تعالى لا بوساطة ۲ شيء، أو عن مادّة ، أو فيها.

1.في حاشية «ت»: احتراز عمّا أدركه للحسّ المشترك من داخل، أعني إدراك النفس؛ فافهم .

2.في «ل، م»: «بواسطة».

  • نام منبع :
    الحاشية علي اصول الكافي (النائيني)
    المساعدون :
    النائینی، رفیع الدین محمد بن حیدر
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 135426
الصفحه من 672
طباعه  ارسل الي