۰.فأدبَرَ ؛ ثمّ قال له : أقبِلْ فأقبَلَ ؛ فقال اللّه تبارك وتعالى : خلقتُكَ خلْقا عظيما ، وكرّمتُكَ على جميع خلقي» . قال : «ثمّ خلَق الجهلَ من البحر الأُجاج ظلمانيّا ، فقال له : أدبِرْ فأدبَرَ ؛ ثمّ قال له : أقبِلْ فلم يُقْبِلْ ، فقالَ له : استكبرتَ ، فلَعَنَهُ ، ثمّ جعل للعقل خسمةً وسبعينَ جُندا ، فلمّا رأى الجهلُ ما أكرَمَ اللّه به العقلَ وما أعطاهُ ، أضمَرَ له العداوةَ ، فقال الجهلُ : ياربِّ ، هذا خلقٌ مِثْلي خَلَقْتَه وكرَّمْتَه وقوَّيْتَه ، وأنا ضدُّه ولا قوّةَ لي به ، فأعْطِني من الجُنْد مِثْلَ ما أعطيتَه ، فقال : نعم ، فإن عصيتَ بعد ذلك أخرَجْتُك وجندَك من رحمتي قال : قد رضيتُ ، فأعطاه خمسةً وسبعينَ جُندا ، فكان ممّا أعطى العقلَ من الخمسة والسبعين الجندَ :
الخير ، وهو وزير العقل ، وجعل ضدَّه الشرَّ ، وهو وزير الجهل ؛ والإيمانُ ، وضدَّه الكفرَ ؛
(ثمّ خلق الجهل من البحر الأُجاج ظلمانيا) أي من المادّة الظلمانيّة الكدرة، أو بوساطتها. ۱
والمراد بالجهل هنا مبداُ الشرور والمضارّ والمكائد والآفات والمناقص والمفاسد، كما أنّ العقل مبدأ الانكشاف واختيار الخير والنافع .
قوله: (فقال له: أدبر...)
فإن قيل: في الحديث الأوّل ذكر الأمر بالإقبال أوّلاً بعكس ما في هذا الحديث.
قلنا: لا منافاة؛ لجواز تعدّد الأمر بالإقبال أو الأمر بهما.
قوله: (ثمّ جعل للعقل خمسة وسبعين جندا...).
الجند: العسكر والأعوان والأنصار. وإطلاق الجند على واحد ۲
باعتبار الأقسام والشعب والتوابع؛ فكلّ واحد ـ لكثرة أقسامه وتوابعه ـ كأنّه جندٌ.
قوله: (الخير وهو وزير العقل).
في المصادر الخير: «از كسى بهتر بودن و بهترين برگزيدن ۳ ». ولعلّه المراد،