17
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

على حساب فقدان القيم المعنوية والراحة الأبدية في الحياة الآخرة.
إنّ الدنيا في المفهوم الأوّل هي من الآيات الإلهية الدالّة على حكمة الخالق وقدرته ، وهي في المفهوم الثاني ممدوحة ، وفي المفهوم الثالث مذمومة.
إنّ القسم الأوّل من هذه المجموعة يعالج المفهوم الأوّل والثاني للدنيا ، والقسم الثاني يعالج المفهوم الثالث ، والقسم الثالث ـ في الواقع ـ دعوة إلى محاربة الرغبة في الدنيا بمفهومها الثالث .
ويتضمّن القسم الأوّل خمسة فصول نستعرضها في أربع نقاط :

أولاً : بيان حقيقة الدنيا وعالَم ما قبل الموت

تناول الفصل الأوّل بحث حقيقة تسمية عالَم ما قبل الموت بالدنيا من وجهة نظر القرآن والحديث ، وكون تلك التسمية منسجمة مع المفهوم اللغوي لمصطلح الدنيا.
ثمّ وضّحنا خصائص عالَم ما قبل الموت ومميّزاته ، تلك الخصائص التي تعرّف الباحث على حقيقة الدنيا والهدف من خلقها من وجهة نظر الإسلام ، وعزّزنا ذلك بإيراد الأمثلة عن حقيقة الدنيا والحياة فيها ، وتعرّضنا في آخر الفصل الأوّل إلى ذكر الروايات التي تتحدّث عن عمر الدنيا ، وأخضعناها للبحث والنقد.

ثانيا : بيان أهمية الدنيا وفضلها

لقد أوردنا في الفصل الثاني الآيات والأحاديث التي جاءت لإثبات أهمية الدنيا وفضلها ودورها في بناء عالَم ما بعد الموت ، وقد صرّحت تلك النصوص بأنّ الإسلام هو برنامج التكامل المادّي والمعنوي للإنسان ، وأنّه دين الدنيا والآخرة ، وأنّ الدنيا مزرعة الآخرة ، وأنّ المسلم هو الذي يولي الدنيا والآخرة أهمية على حدّ سواء ، وأنّ المجتمع الإسلامي حينما يصل إلى النقطة المطلوبة في الإسلام ، فإنّه


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
16

كما في قوله تعالى :
«يَعْلَمُونَ ظَـهِرًا مِّنَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَـفِلُونَ » .۱
ويذكرها حينا بلفظ «الاُولى» ، كما في قوله تعالى :
«لَهُ الْحَمْدُ فِى الاْءُولَى وَ الآخِرَةِ» .۲
ويشير إليها أيضا بلفظ «الأدنى» ، كما في قوله تعالى :
«يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَـذَا الأَْدْنَى» .۳
وقد يطلق عليها اسم «العاجلة» ، كما في قوله سبحانه :
«مَن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ» .۴
ويتّضح من خلال التأمّل في الآيات والأحاديث المشتملة على هذا اللفظ ۵ ، أنّ له في النصوص الإسلاميّة ثلاثة مفاهيم :
1 . عالَم ما قبل الموت والعيش فيه ، في مقابل عالَم ما بعد الموت والحياة فيه ، وهذا المفهوم ينسجم مع المعنى اللغوي .
2 . الاستفادة من إمكانات عالَم ما قبل الموت ؛ لأجل تأمين الحاجات المادية والمعنويّة للدنيا والآخرة.
3 . الاستفادة من إمكانات عالَم ما قبل الموت ؛ لأجل تأمين الرغبات المادية

1.الروم : ۷ .

2.القصص : ۷۰ ، وراجع : اللّيل : ۱۳ ، الضحى : ۴ .

3.الأعراف : ۱۶۹ .

4.الإسراء : ۱۸ ، وراجع : القيامة : ۲۰ ، الإنسان : ۲۷ .

5.قد تأتي كلمة «الدنيا» في القرآن الكريم بالمعنى اللغوي ، مثل «إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا» (الأنفال : ۴۲) ، وهو خارج عن موضع بحثنا .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    المساعدون :
    الموسوي، السيد رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 379841
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي