289
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام وعَلَيهِ ثِيابٌ كَثيرَةُ القيمَةِ حِسانٌ ، فَقالَ : وَاللّهِ لاَآتِيَنَّهُ ولاَُوَبِّخَنَّهُ .
فَدَنا مِنهُ فَقالَ : يَابنَ رَسولِ اللّهِ ، ما لَبِسَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِثلَ هذَا اللَّباسِ ولا عَلِيٌّ عليه السلام ولا أحَدٌ مِن آبائِكَ!
فَقالَ لَهُ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله في زَمانِ قَترٍ مُقتِرٍ ۱ ، وكانَ يَأخُذُ لِقَترِهِ وَاقتِدارِهِ ۲ ، وإنَّ الدُّنيا بَعدَ ذلِكَ أرخَت عَزالِيَها ۳ ، فَأَحَقُّ أهلِها بِها أبرارُها . ثُمَّ تَلا : «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِى أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَ الطَّيِّبَـتِ مِنَ الرِّزْقِ»۴ ونَحنُ أحَقُّ مَن أخَذَ مِنها ما أعطاهُ اللّهُ ، غَيرَ أنّي يا ثَورِيُّ ماتَرى عَلَيَّ مِن ثَوبٍ إنَّما ألبَسُهُ لِلنّاسِ .
ثُمَّ اجتَذَبَ يَدَ سُفيانَ فَجَرَّها إلَيهِ ، ثُمَّ رَفَعَ الثَّوبَ الأَعلى وأخرَجَ ثَوبا تَحتَ ذلِكَ عَلى جِلدِهِ غَليظا ، فَقالَ : هذا ألبَسُهُ لِنَفسي ، وما رَأَيتَهُ لِلنّاسِ . ثُمَّ جَذَبَ ثَوبا عَلى سُفيانَ أعلاهُ غَليظٌ خَشِنٌ وداخِلُ ذلِكَ ثَوبٌ لَيِّنٌ ، فَقالَ : لَبِستَ هذَا الأَعلى لِلنّاسِ ، ولَبِستَ هذا لِنَفسِكَ تَسُرُّها ! ۵

راجع :ص 75 (النهي عن الترهّب وتحريم ما أحل اللّه )

وص 84 (الاحتجاج على من يدعو إلى ترك الدنيا) .

1.الإقتار : التضييق على الإنسان في الرزق ، وقد أقتر الرجل فهو مُقتِر (النهاية : ج۴ ص۱۲ «قتر») .

2.قُدِرَ على الإنسان رزقُه : مثل قُتِرَ (الصحاح : ج ۲ ص ۷۸۷ «قدر») . وقوله عليه السلام : «وكان يأخذ» أي يأخذ من نفقته فلا يوسّع لقتر الزمان (مرآة العقول : ج ۲۲ ص ۳۱۷) .

3.يقال للسحابة إذا انهَمَرت بالمَطَر الجَودِ : أرسَلَت عَزالِيَها (تاج العروس : ج ۱۵ ص ۴۸۳ «عزل») .

4.الأعراف : ۳۲ .

5.الكافي : ج ۶ ص ۴۴۲ ح ۸ ، بحار الأنوار : ج ۴۷ ص ۳۶۰ ح ۷۱ وراجع تحف العقول : ص ۳۴۸ ورجال الكشّي : ج ۲ ص ۶۹۱ ح ۷۴۰ .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
288

ألا وإنَّ الزُّهدَ في آيَةٍ مِن كِتابِ اللّهِ «لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَا ءَاتَاكُمْ»۱ . ۲

1 / 5

التَّنبيهُ عَلى تَحريفِ الزُّهدِ

۸۴۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لَيسَ الزُّهدُ فِي الدُّنيا تَحريمَ الحَلالِ ، ولا إضاعَةَ المالِ ، ولكِنَّ الزُّهدَ فِي الدُّنيا الرِّضا بِالقَضاءِ ، وَالصَّبرُ عَلَى المَصائِبِ ، وَاليَأسُ عَنِ النّاسِ . ۳

۸۵۰.عنه صلى الله عليه و آله :لَيسَ الزُّهدُ فِي الدُّنيا لُبسَ الخَشِنِ وأكلَ الجَشِبِ ۴ ، ولكِنَّ الزُّهدَ فِي الدُّنيا قَصرُ الأَمَلِ . ۵

۸۵۱.عنه صلى الله عليه و آله :الزَّهادَةُ فِي الدُّنيا لَيسَت بِتَحريمِ الحَلالِ ، ولا إضاعَةِ المالِ ، ولكِنَّ الزَّهادَةَ فِي الدُّنيا ألاّ تَكونَ بِما في يَدَيكَ أوثَقَ مِمّا في يَدَيِ اللّهِ ، وأن تَكونَ في ثَوابِ المُصيبَةِ إذا أنتَ اُصِبتَ بِها أرغَبَ فيها لو أنَّها اُبقِيَت لَكَ . ۶

۸۵۲.الكافي عن محمّد بن عليّ رفعه :مَرَّ سُفيانُ الثَّورِيُّ فِي المَسجِدِ الحَرامِ فَرَأى

1.الحديد : ۲۳ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۱۲۸ ح ۴ وص ۶۲ ح ۱۰ وليس فيه ذيله ، الخصال : ص ۴۳۷ ح ۲۶ ، تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۱۹۱ كلّها عن هاشم بن البريد ، معاني الأخبار : ص ۲۵۲ ح ۴ عن هاشم بن بريد عن الإمام الباقر عليه السلام ، تحف العقول : ص ۲۷۸ ، بحار الأنوار : ج ۷۳ ص ۵۰ ح ۲۲ .

3.مستدرك الوسائل : ج ۱۲ ص ۵۱ ح ۱۳۴۸۸ نقلاً عن القطب الراوندي في لبّ اللباب .

4.الجَشِبُ : الغليظ الخَشِنُ من الطعام ، وكلّ بشع الطعم جَشِب (النهاية : ج ۱ ص ۲۷۲ «جشب») .

5.مشكاة الأنوار : ص ۲۰۷ ح ۵۵۹ ، مستدرك الوسائل : ج ۱۲ ص ۴۴ ح ۱۳۴۷۱ وراجع بحار الأنوار : ج ۷۰ ص ۳۱۰ ح ۴ .

6.سنن الترمذي : ج ۴ ص ۵۷۱ ح ۲۳۴۰ ، سنن ابن ماجة : ج ۲ ص ۱۳۷۳ ح ۴۱۰۰ ، الفردوس : ج ۳ ص ۴۰۳ ح ۵۲۲۸ كلّها عن أبي ذرّ ، المعجم الأوسط : ج ۸ ص ۵۷ ح ۷۹۵۴ ، حلية الأولياء : ج ۹ ص ۳۰۳ كلاهما عن أبي الدرداء ، كنز العمّال : ج ۳ ص ۱۸۱ ح ۶۰۵۹ وراجع أعلام الدين : ص ۲۹۳ .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    المساعدون :
    الموسوي، السيد رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 387973
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي