389
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

المثال الثالث :

«مَا الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ إلاّ كَنَفحَةِ أرنَبٍ». ۱
بديهي أنّ هذه الأمثلة سيقت لتقريب المعنى إلى الذهن وحسب، وإلاّ فإنّ الآخرة فوق هذه المعاني؛ تعجز الأجهزة المعرفية لهذا العالم عن استيعابها وإيصال فهمها إلى الآخرين، والأمر فيها كما نصّ عليه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في كلمته النافذة:
كُلُّ شَيءٍ مِنَ الدُّنيا سَماعُهُ أعظَمُ مِن عِيانِهِ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنَ الآخِرَةِ عِيانُهُ أعظَمُ مِن سَماعِهِ.۲

2 . خصائص الآخرة

تتمثّل أهمّ خصائص الآخرة وأبرز نقاط تفارقها مع الدنيا، بالنقاط التالية:

أ ـ دارُ القرار

الدنيا محلّ عبور الإنسان؛ لذلك وَصَفتها النصوص بأنّها ممرّ ومجاز، أمّا الآخرة فهي دار قرار ومقام، والعاقل الكيّس الحذر من فكّر بدار قراره وأخذ من ممرّه لمقرّه . ۳

ب ـ دار البقاء

الدنيا دار بُلغة للإنسان والآخرة مقرّه الباقي الخالد، والعاقل من يسعى لدار البقاء ويتجهّز لها ويقدّمها على دار الفناء والزوال. ۴

1.راجع: ص ۳۹۷ ح ۱۲۰۹ .

2.راجع: ص ۳۹۷ ح ۱۲۱۰ .

3.راجع: ص ۳۹۸ (دار القرار).

4.راجع: ص ۴۰۰ (دار البقاء) .


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
388

تدرس مجموع الحياة ما بعد الموت وتغطّيها كعنوان واحد ، أمّا النصوص والمسائل التي ترتبط بكلّ واحدة من منازل الآخرة وعوالمها من قبيل عالم البرزخ، والقيامة، والحساب، والميزان، والصراط، والجنّة ، والنار فسيأتي الحديث عنها في عناوينها الخاصّة وتأخذ موقعها في سياق موسوعة ميزان الحكمة على هذا الأساس، إن شاء اللّه .
أمّا بالنسبة لأهمّ النقاط التي يتوفّر عليها هذا القسم، فهي باختصار:

1 . المقارنة بين الآخرة والدنيا

يكلّ البيان ويعجز اللسان عن بيان عظمة الآخرة بالمقارنة مع الدنيا، حيث لا يمكن قياس الفاني بالباقي؛ وأنّى يقارن «المتاع القليل» بـ «الملك الكبير» ۱ ، ومن ثَمَّ يبقى أيّ توضيح لتفسير الأبدية ناقصاً إزاء الحياة الموقّتة، لا يقوى على إيفاء المشهد ما يستحقّه.
لقد عكست النصوص الإسلامية هذا العجز والقصور بأمثلة متعدّدة، منها:

المثال الأوّل :

«مَا الدُّنيا فِي الآخِرَةِ إلاّ مِثلُما يَجعَلُ أحَدُكُم إصبَعَهُ هذِهِ فِي اليَمِّ ، فَليَنظُر بِمَ تَرجِعُ!». ۲

المثال الثاني :

«ما أخَذَتِ الدُّنيا مِنَ الآخِرَةِ إلاّ كَما أخَذَ مِخيَطٌ غُرِسَ فِي البَحرِ مِن مائِهِ». ۳

1.إشارة إلى الآية (۲۰) من سورة الإنسان: «وَ إِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَ مُلْكًا كَبِيرًا» ، وكذلك الآية (۷۷) من سورة النساء: «قُلْ مَتَـعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ» .

2.راجع: ص۳۹۶ ح ۱۲۰۶ .

3.راجع: ص ۳۹۷ ح ۱۲۰۸ .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    المساعدون :
    الموسوي، السيد رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 387922
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي