49
الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة

ذَهوبٌ ، فَأَصبَحتُم تَحكونَ مِن حالِهِم حالاً وتَحتَذونَ مِن مَسلَكِهِم مِثالاً ، فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الحَياةُ الدُّنيا ؛ فَإِنَّما أنتُم فيها سَفرٌ حُلولٌ ، المَوتُ بِكُم نُزولٌ ، تَنتَضِلُ ۱ فيكُم مَناياهُ ، وتَمضي بِأَخبارِكُم مَطاياهُ ، إلى دارِ الثَّوابِ وَالعِقابِ وَالجَزاءِ وَالحِسابِ . ۲

۱۱۷.عنه عليه السلام ـ في وَصِيَّتِهِ لاِبنِهِ الحَسَنِ عليه السلام ـ :يابُنَيَّ إنّي قَد أنبَأتُكَ عَنِ الدُّنيا وحالِها وزَوالِها وَانتِقالِها ، وأنبَأتُكَ عَنِ الآخِرَةِ وما اُعِدَّ لاِءَهلِها فيها ، وضَرَبتُ لَكَ فيهِمَا الأَمثالَ ، لِتَعتَبِرَ بِها ، وتَحذُوَ عَلَيها .
إنَّما مَثَلُ مَن خَبَرَ الدُّنيا كَمَثَلِ قَومٍ سَفرٍ نَبا ۳ بِهِم مَنزِلٌ جَديبٌ ۴ ، فَأَمّوا مَنزِلاً خَصيبا وجَنابا ۵ مَريعا ۶ ، فَاحتَمَلوا وَعثاءَ ۷ الطَّريقِ ، وفِراقَ الصَّديقِ ، وخُشونَةَ السَّفَرِ ، وجُشوبَةَ ۸ المَطعَمِ ، لِيَأتوا سَعَةَ دارِهِم ، ومَنزِلَ قَرارِهِم ، فَلَيسَ يَجِدونَ لِشَيءٍ مِن ذلِكَ ألَما ، ولا يَرَونَ نَفَقَةً فيهِ مَغرَما ، ولا شَيءَ أحَبُّ إلَيهِم مِمّا قَرَّبَهُم مِن مَنزِلِهِم ، وأدناهُم مِن مَحَلَّتِهِم .
ومَثَلُ مَنِ اغتَرَّ بِها كَمَثَلِ قَومٍ كانوا بِمَنزِلٍ خَصيبٍ ، فَنَبا بِهِم إلى مَنزِلٍ جَديبٍ ، فَلَيسَ شَيءٌ أكرَهَ إلَيهم ولا أفظَعَ عِندَهم مِن مُفارَقَةِ ما كانوا فيهِ إلى ما

1.يقال : انتَضَل القومُ وتناضَلوا : أي رمَوا للسَّبْق (النهاية : ج ۵ ص ۷۲ «نضل») .

2.الكافي : ج ۸ ص ۱۷۱ ح ۱۹۳ عن جابر عن الإمام الباقر عليه السلام ، تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۱۴۹ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۳۴۸ ح ۳۰ وراجع مطالب السؤول : ص ۵۱ .

3.نَبَا بِهِ منزله : إذا لم يوافقه (النهاية : ج ۵ ص ۱۱ «نبا») .

4.جَدُب المكان : يَبُسَ لاحتباس الماء عنه (المعجم الوسيط : ج ۱ ص ۱۰۹ «جدب») .

5.الجناب : الناحية (النهاية : ج ۱ ص ۳۰۳ «جنب») .

6.أرض مَرِيعة : مخصبة (الصحاح : ج ۳ ص ۱۲۲۳ «ريع») .

7.الوَعثاء : الشدّة والمشقّة (النهاية : ج ۵ ص ۲۰۶ «وعث») .

8.الجَشِب : الغليظ الخشن من الطعام (النهاية : ج ۱ ص ۲۷۲ «جشب»).


الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
48

۱۱۴.عنه عليه السلام ـ في صِفَةِ الدُّنيا ـ :إنَّما مَثَلُكُم ومَثَلُها كَرَكبٍ سَلَكوا سَبيلاً فَكَأَن قَد قَطَعوهُ ، وأفضَوا إلى عَلَمٍ ۱ فَكَأن قَد بَلَغوهُ ، وكَم عَسَى المُجرى إلَى الغايَةِ أن يُجرى إلَيها حَتّى يَبلُغَها ، وكَم عَسى أن يَكونَ بَقاءُ مَن لَهُ يَومٌ لا يَعدوهُ ، وطالِبٌ حَثيثٌ فِي الدُّنيا يَحدوهُ حَتّى يُفارِقَها؟! ۲

۱۱۵.عنه عليه السلام :عبادَ اللّه ! اُوصيكُم بِالرَّفضِ لِهذِهِ الدُّنيا . . . فَإِنَّما مَثَلُكُم ومَثَلُها كَسَفرٍ ۳ سَلَكوا سَبيلاً فَكَأَنَّهُم قَد قَطَعوهُ ، وأمّوا عَلَما فَكَأَنَّهُم قَد بَلَغوهُ . ۴

۱۱۶.عنه عليه السلام :أيُّهَا النّاسُ! إنَّ الدُّنيا لَيسَت لَكُم بِدارٍ ولا قَرارٍ ، إنَّما أنتُم فيها كَرَكبٍ عَرَّسوا ۵ فَأَناخوا ، ثُمَّ استَقَلّوا فَغَدَوا وراحوا ، دَخَلوا خِفافا وراحوا خِفافا ، لَم يَجِدوا عَن مُضِيٍّ نُزوعا ، ولا إلى ما تَرَكوا رُجوعا ، جُدَّ بِهِم فَجَدّوا ، ورَكَنوا إلَى الدُّنيا فَمَا استَعَدّوا ، حَتّى إذا اُخِذَ بِكَظَمِهِم ۶ وخَلَصوا ۷ إلى دارِ قَومٍ جَفَّت أقلامُهُم لَم يَبقَ مِن أكثَرِهِم خَبَرٌ ولا أثَرٌ ، قَلَّ فِي الدُّنيا لَبثُهُم وعُجِّلَ إلَى الآخِرَةِ بَعثُهُم ، فَأَصبَحتُم حُلولاً في دِيارِهِم ، ظاعِنينَ ۸ عَلى آثارِهِم ، وَالمَطايا بِكُم تَسيرُ سَيرا ما فيهِ أينٌ ۹ ولا تَفتيرٌ ، نَهارُكُم بِأَنفُسِكُم دَؤوبٌ ، ولَيلُكُم بِأَرواحِكُم

1.العَلَم : شيء يُنصب في الفلوات تهتدي به الضالّة (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۴۱۹ «علم») .

2.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۱ ص ۴۲۹ ح ۱۲۶۳ ، مصباح المتهجّد : ص ۳۸۱ ح ۵۰۸ وفيه «من الموت» بدل «في الدنيا» وليس فيه «حتّى يفارقها» ، بحار الأنوار : ج ۸۹ ص ۲۳۷ ح ۶۸ .

3.السَّفْرُ : جَمْعُ سافِر ، والمُسافِرون جمع مُسافِرُ ، والسَّفْرُ والمسافرون بمعنى (النهاية : ج ۲ ص ۳۷۱ «سفر») .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۹۹ ، تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۲۵۴ وفيه «كرَكب» بدل «كسفر» ، بحار الأنوار : ج ۷۳ ص ۱۱۳ ح ۱۰۹ نقلاً عن عيون الحكم والمواعظ .

5.التعريس : نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة ، يقال : عرّس (النهاية : ج ۳ ص ۲۰۶ «عرس») .

6.. الكَظَم : هو مخرج النَفَس من الحلق (النهاية : ج ۴ ص ۱۷۸ «كظم») .

7.خَلَصَ إليه : وَصَلَ (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۳۰۱ «خلص») .

8.ظَعَنَ : ارتحل ، والفاعل : ظاعن (المصباح المنير : ص ۳۸۵ «ظعن») .

9.الأين : الإعياء والتعب (النهاية : ج ۱ ص ۸۷ «أين») .

  • نام منبع :
    الدنيا و الاخرة في الكتاب و السنة
    المساعدون :
    الموسوي، السيد رسول
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 379843
الصفحه من 520
طباعه  ارسل الي