۲۱۱.نهج البلاغة :مِن كَلامٍ لَهُ [ الإِمامِ عَلِيٍّ عليه السلام ] بِالبَصرَةِ ، وقَد دَخَلَ عَلَى العَلاءِ بنِ زِيادٍ الحارِثِيِّ ـ وهُوَ مِن أصحابِهِ ـ يَعودُهُ ، فَلَمّا رَأى سَعَةَ دارِهِ قالَ:
ما كُنتَ تَصنَعُ بِسَعَةِ هذِهِ الدّارِ فِي الدُّنيا ، وأنتَ إلَيها فِي الآخِرَةِ كُنتَ أحوَجَ؟ وبَلى إن شِئتَ بَلَغتَ بِهَا الآخِرَةَ : تُقرِي فيهَا الضَّيفَ ، وتَصِلُ فيهَا الرَّحِمَ ، وتُطلِعُ مِنهَا الحُقوقَ مَطالِعَها ، فَإِذا أنتَ قَد بَلَغتَ بِهَا الآخِرَةَ .
فَقالَ لَهُ العَلاءُ : يا أميرَ المُومِنينَ ، أشكو إلَيكَ أخي عاصِمَ بنَ زِيادٍ . قالَ : وما لَهُ؟ قالَ: لَبِسَ العَباءَةَ وتَخَلّى عَنِ الدُّنيا . قالَ : عَلَيَّ بِهِ . فَلَمّا جاءَ قالَ:
يا عُدَيَّ نَفسِهِ ، لَقَدِ استَهامَ بِكَ الخَبيثُ! ۱ أما رَحِمتَ أهلَكَ ووَلَدَكَ؟ أتَرَى اللّهَ أحَلَّ لَكَ الطَّيِّباتِ ، وهُوَ يَكرَهُ أن تَأخُذَها! أنتَ أهوَنُ عَلَى اللّهِ مِن ذلِكَ!
قالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، هذا أنتَ في خُشونَةِ مَلبَسِكَ وجُشوبَةِ مَأكَلِكَ!
قالَ : وَيحَكَ ، إنّي لَستُ كَأَنتَ ، إنَّ اللّهَ تَعالى فَرَضَ عَلى أئِمَّةِ العَدلِ أن يُقَدِّروا أنفُسَهُم بِضَعَفَةِ النّاسِ ؛ كَيلا يَتَبَيَّغَ ۲ بِالفَقيرِ فَقرُهُ! ۳
2 / 7
الاِحتِجاجُ عَلى مَن يَدعو إلى تَركِ الدُّنيا
۲۱۲.الكافي عن مَسعَدَةَ بنِ صَدَقة :دَخَلَ سُفيانُ الثَّورِيُّ عَلى أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام فَرَأى عَلَيهِ ثِيابَ بيضٍ كَأَنَّها غِرقِئُ ۴ البَيضِ ، فَقالَ لَهُ : إنَّ هذَا اللِّباسَ لَيسَ مِن لِباسِكَ !
فَقالَ لَهُ: اِسمَع مِنّي وعِ ما أقولُ لَكَ ، فَإِنَّهُ خَيرٌ لَكَ عاجِلاً وآجِلاً ، إن أنتَ
1.استهام بك الخبيث : يعني الشيطان ؛ أي جعلك هائما ضالاًّ (شرح نهج البلاغة : ج ۱۱ ص ۳۳) .
2.لا يتبيّغ : أي لا يتهيّج (الصحاح : ج ۴ ص ۱۳۱۷ «بوغ») .
3.نهج البلاغة : الخطبة ۲۰۹ ، بحار الأنوار : ج ۷۰ ص ۱۱۸ ح ۸ وراجع ربيع الأبرار : ج ۴ ص ۳۸۰ .
4.الغِرْقِئ ـ كزِبْرِج ـ : القشرة الملتزقة ببياض البَيض ، أو البياض الذي يؤكل (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۱۳۱۶ «غرق») .