31
فائق المقال في الحديث و الرجال

وقد قال الشيخ رحمه الله بقبول الرواية من فاسد المذهب ؛ حيث اكتفى في الرواية بكون الراوي ثقةً متحرّزا عن الكذب و إن كان فاسقا في الجوارح ؛ محتجّا بعمل الطايفة برواية مثله ۱ . ولايخفى أنّه ليس على إطلاقه .
والضبطُ : أعني كون الراوي حافظا ، فطنا ، واعيا ، متحرّزا عن التحريف والغلط ؛ فإنّ من لا ضبطَ لَهُ قد يغلب عليه السهو في كيفيّة النقل ونحوها .
وقيل : المراد بالضابط من لايكون سهوهُ أكثر من ذكره ۲ . وهذا القيد لم يذكره المتأخّرون روّح اللّه أرواحَهم . واعتذر الشهيد الثاني نوّر اللّه مرقده عن عدم تعرّضهم لذكره بأنّ قيد العدالة مُغنٍ عنه ؛ لأنّها تمنعه أن يروي ما ليس مضبوطا عنده على الوجه المعتبر ۳ .
واعتُرض عليه بأنّ العدالة إنّما تمنع من تعمّد نقل غير المضبوط عنده ، لامِن نقل ما يسهو عن كونه مضبوطا فيظنّه منضبطا ۴ .
والحقّ أنّ العدالة لاتغني عن الضبط لأنّ مَن كثر سهوه فربّما يسهو عن أنّه كثير السهو فيشكل الأمر . وما أحسن ما قال العلاّمة ـ أعلى اللّه مقامه ـ في النهاية :
إنّ الضبط من أعظم الشرائط في الرواية ؛ فإنّ من لاضبط له قد يسهو عن بعض الحديث ويكون ممّا تتم به فائدته ويختلف الحكم به ، أو يسهو فيزيد في الحديث ما يضطرب به معناه ، أو يبدّلُ لفظا بآخر ، ويروي عن النبيّ صلى الله عليه و آله ويسهو عن الواسطة ، أو يروي عن شخص فيسهو عنه ويروي عن آخر ۵ .
انتهى كلامه ، زيد إكرامه .
وأمّا النذرة من السهو فلا بأس ؛ لعدم السلامة منه إلاّ للمعصوم ، فالتكليفُ بزواله

1.عدّة الاُصول ۱ : ۳۸۲ .

2.القائل هوالشيخ البهائي قدّس سرّه في مشرق الشمسين ضمن حبل المتين : ۲۷۰ .

3.شرح البداية : ۶۹ .

4.هكذا في محكيّ مشرق الشمسين ضمن حبل المتين : ۲۷۰ ، جامع المقال : ۱۹ .

5.حكاه عن العلاّمة في النهاية الشيخ البهائي في مشرق الشمسين ضمن حبل المتين : ۲۷۱ .


فائق المقال في الحديث و الرجال
30

روحه ـ جعل في العدّة من جملة القرائن المفيدة لصحّة الأخبار أربعةً :
أحدها : موافقتها لأدلّة العقل وما اقتضاه .
ثانيها : مطابقة الخبر لنصّ الكتاب . إمّا خصوصه ، أو عمومه ، أو دليله ، أو فحواه .
ثالثها : موافقته للسنّة المقطوع بها من جهة التواتر .
رابعها : كَوْنُه موافقا لما أجمعت الفرقةُ الناجية عليه .
إلى أن قال : فهذه القرائن كُلّها تَدلّ على صحّة مضمون أخبار الآحاد ، ولا تدلّ على صحّتها أنفسها ؛ لجواز أن تكون مصنوعة ۱ .
انتهى كلامه أعلى اللّه مقامه .
ثمّ إنّهم بذلك الاصطلاح كانُوا يعرفون إلى نوبة شيخنا العلاّمة جمال الحقّ والدين الحسن بن المطّهر الحلّي نوّر اللّه مرقده . فوضع ذلك الاصطلاح الجديد ، فهو أوّل من سلك ذلك الطريق من علمائنا رضوان اللّه عليهم .

[ 6 ] فَصلٌ

[ شرائط الراوي ]

شرط الراوي في الرواية من الرواة أمور خمسة : التكليف والإسلام إجماعا ، والايمان والعدالة على المشهور ؛ وقد دلّت عليه آيةُ التثبّتُ ۲ .
والعدالة : تعديل القوى النفسانية ، وتقويم أفعالها بحيث لايغلب بعضها على بعض . أو ملكة نفسانية تصدر عنها المساوات في الاُمور الصادرة عن صاحبها . وعُرّفت شرعا بالملكة النفسانيّة الباعثة على ملازمة التقوى والمروءة .

1.عدّة الاُصول ۱ : ۳۶۷ ـ ۳۷۲ .

2.الحجرات (۴۹) : ۶ .

  • نام منبع :
    فائق المقال في الحديث و الرجال
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 75512
الصفحه من 376
طباعه  ارسل الي