33
فائق المقال في الحديث و الرجال

الوقف ، أو من كتاب كذلك بعد الوقف ، ولكنّه اُخِذَ ذلك الكتاب عن شيوخ أصحابنا الموثوق بهم المعتمد عليهم ، كما قيل في عليّ بن الحسين الطاطريّ ۱ الّذي هو من أشدّ الواقفة عنادا للإماميّة رضوان اللّه عليهم : إنّه روي كتبه عن رجال موثوق بهم وبروايتهم ، حتّى أنّ الشيخ ـ قدّس اللّه روحه ـ شهد له في الفهرست بذلك ۲ . إلى غير ذلك من المحامل الصريحة والتوجّهات الصحيحة ، والاّ فكيف ينسب إلى قدماء الإماميّة الاعتماد على مثل هؤلاء في الرواية خصُوصاً الواقفيّة ؛ فإنّ الإماميّة ـ رضي اللّه عنهم ـ كانُوا في غاية الاجتناب منهم ، والتباعد عنهم ، والاحتراز عن مجالستهم ، والتوقّي من مخالطتهم ، والتكلّم معهم ، فَضْلاً عن أخذ الحديث عنهم ، حتّى أنّهم كانُوا يسمُّونهم بالممطورة ۳ ، أي الكلاب الّتي أصابها المطرُ . فقبولهم لرواياتهم وعملهم بها كاشف عن استجماعهم شرائط القبول وقت الأداء ، فلا يتطرّق به الْقَدْحُ عليهم ولا على الثقة الراوي .

[ 8 ] فَصلٌ

[ الجرح والتعديل ]

الطُرُق المُوصِلة إلى معرفة العدالة : المعاشرة الباطنة ، والمعاملة المطّلعة على الأحوال الخفيّة ، والاستفاضة ، والاشتهار بين أهل العلم الناصحين ، كمشايخنا السالفين ، واشتهارهم بالتقوى والتوثيق والصلاح والعدالة والضبط والفلاح ، وشهادة عدلين فيها بل العدل الواحد في ثبوت عدالة الراوي عند الأكثر ، كما ترى .
والحالتان الأوّلتان هما أحوط الطُرق في معرفتها .

1.كذا في المخطوطة والصحيح عليّ بن الحسن الطاطريّ كما في الفهرست : ۱۵۶ / ۳۹۰ ، رجال النجاشي : ۲۵۴ ـ ۲۵۵ / ۶۶۷ ، خلاصة الأقوال : ۳۶۳ / ۱۴۲۹ .

2.الفهرست : ۱۵۶ / ۳۹۰ .

3.رجال الكشّي : ۴۶۰ / ۸۷۵ و ۸۶۱ / ۸۷۸ ، جامع المقال : ۲۱ ، مقباس الهداية ۲ : ۳۲۸ .


فائق المقال في الحديث و الرجال
32

عن غيره أصلاً تكليفٌ بالمحال .
ولايشترط فيه غير ما ذكر من الأوصاف الخمسة : من الحرّيّة والذكورة والفقه ونحوها ؛ لأنّ الغرض منه الرواية لا المعرفة والدراية ، وهي تتحقّق بها . نعم ينبغي له المعرفة بالعربيّة حَذَرا من اللّحن والتصحيف ، بل الأولى الوجوب ؛ لما ورد عنهم عليهم السلام : «اَعرِبُوا أحاديثنا فإنّا قوم فُصَحاء» ۱ . وهو يشمل القلم واللسان .

[ 7 ] فَصلٌ

[ المعتبر من شرائط الراوي ]

المعتبر بحال الراوي وقت أداء الرواية لا وقت تحمّلها . فلو تحمّلها غير متّصف بشرائط القبول ثمّ أدّاها في وقت يُظنّ اتّصافه واستجماعه لها قُبلت منه . أمّا لو جهل حاله ، أو كان في وقت غير إمامي أو فاسقا ثمّ تاب ولم يعلم أنّ الرواية عنه هل وقعت قبل التوبة أو بعدها؟ لم تقبل ما لم يظهر وقوعُها بعدها .
فإن قلت : إنّ أجلّ اُولي الألباب من الأصحاب يعتمدون في الرواية على مثل هؤلآء ، ويثقون بالخبر الوارد عنهم ، ويقبلونه منهم من غير فرق بينهم وبين ثقات الإماميّة الّذين لم يزالوا على الحقّ ، كقبولهم رواية محمّد بن عليّ بن رياح ، وعليّ بن حمزة ، و إسحاق بن جرير الذين هم رؤساء الواقفيّة وأعيانهم ، ورواية عليّ بن أسباط ، والحُسين بن يسار مع أنّ تاريخ الرواية عنهم غير مضبُوط لِيُعلم هل كانت بعد الرجوع إلى الحقّ أم قبلَه؟
قُلْتُ : قبول الأصحاب ـ عليهم رضوان ربّ الأرباب ـ الرواية عمّن هذا حاله لابدّ من ابتنائه على وجه صبيح وجيه صحيح ، وذلك كأن يكون السماع منه قبل عدوله عن الحقّ ، أو بعد رجوعه إليه ، أو أنّ النقل من أصله الّذي ألّفه واشتهر عنه قبل

1.الكافي ۱ : ۵۲ / ۱۳ باب رواية الكتب والحديث .

  • نام منبع :
    فائق المقال في الحديث و الرجال
    المساعدون :
    قيصريه ها، غلامحسين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1422 ق / 1380 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 75538
الصفحه من 376
طباعه  ارسل الي