113
مكاتيب الأئمّة ج1

24

كتابه عليه السلام إلى مَن بالكوفة

۰.« من عبد اللّه عليّ أمير المونين ، إلى مَن بالكوفة من المسلمين :أمَّا بَعدُ ؛ فإنِّي خَرَجتُ مَخرَجي هذا ؛ إمَّا ظالِما ، وإمَّا مَظلُوما ، وإمَّا باغِيا ، وإمَّا مَبغيَّا عليّ ، فأَنشُدُ اللّه َ رَجُلاً بَلَغَهُ كِتابي هذا إلاَّ نَفَرَ إليَّ ، فإن كُنتُ مَظلوما أعانَنِي ، وإن كُنتُ ظالِما استَعتَبنِي ، والسَّلامُ . »

قال أبو مِخْنَف : فحدَّثني موسى بن عبد الرَّحمن بن أبي ليلَى ، عن أبيه ، قال : أقبلنا مع الحسن وعَمَّار بن ياسِر من ذي قار ٍ ، حَتَّى نزلنا القادسيَّة . . .قال : فلمَّا
دخل الحسن وعَمَّار الكوفة ، اجتمع إليهما النَّاس ، فقام الحسن فاستنفر النَّاس . . . [ وقام بعده عَمَّار فخطب . . . ] ، قال : فلمَّا سمع أبو موسى خطبة الحسن وعَمَّار ، قام فصعد المنبر ،[ وخطب، وجرى كلام بينه وبين عَمَّار . . . ] .
قال أبو جعفر ( الطبري ) : وأتت الأخبار عليَّا عليه السلام باختلاف النَّاس بالكوفة ، فقال : للأشْتَر : أنت شفعتَ في أبي موسى ، أن أُقِرّه على الكوفة ، فاذهب فأصلِح ما أفسدتَ، فقام الأشْتَر ، فشخص نحو الكوفة ، فأقبل حَتَّى دخلَها والنَّاس في المسجد الأعظم ، فجعل لا يمرّ بقبيلة إلاَّ دعاهم ، وقال : اتَّبِعوني إلى القصر حتى وصل القصر ، فاقتحمه وأبو موسى يومئذ يخطب النَّاس على المنبر ، ويثبّطهم ، وعَمَّار يخاطبه ، والحسن عليه السلام يقول : « اعتزلْ عملَنا ، وتنحَّ عن مِنبَرِنا ، لا أُمَّ لَكَ » .
قال أبو جعفر ( الطبري ) : فروى أبو مَريم الثَّقَفيّ ، قال : واللّه ِ إنِّي لفي المسجد يومئذٍ، إذْ دخل علينا غِلمان أبي موسى ، يشتدّون ويبادِرُون أبا موسى : أيُّها الأمير ، هذا الأشْتَر قد جاء فدخل القصر ، فضربنا وأخرجنا . فنزل أبو موسى من المِنْبَر ، وجاء حَتَّى دخل القصر ، فصاح به الأشْتَر : اخرُج من قصرنا لا أمَّ لك ، أخرج اللّه نفسَك ! فو اللّه إنَّك لمن المنافقين قديما . قال : أَجِّلْني هذه العشيَّة ، قال : قد أجَّلتك ، ولا تبيتنّ في القصر . ودخل النَّاس ينتهبون متاعَ أبي موسى ، فمنعهم الأشْتَر ، وقال : إنِّي قد أخرجتُه وعزلتُه عنكم . فكفَّ النَّاس حينئذ عنه .
قال أبو جعفر ( الطبري ) : فروى الشَّعْبيّ عن أبي الطُّفيل ، قال : قال عليّ عليه السلام : يأتيكُم مِن الكُوفَةِ اثنا عَشَرَ ألفِ رَجُلٍ ورَجُلٌ واحِدٌ ، فَوَ اللّه لَقَعدتُ علَى نَجَفَةِ۱ذي قار ، فأحَصيتُهُم واحدا واحدا ، فما زادوا رَجُلاً ، ولا نَقَصُوا رَجُلاً .۲

1.النجفة : المكان المشرف على ما حوله من الارض .

2.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۴ ص۱۰ ـ ۲۱ وراجع : نهج البلاغة : الكتاب ۵۷ ، الجمل : ص۲۴۲ ـ ۲۵۲ ، الغارات : ج۲ ص۹۲۰ ؛ تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۷۷ ـ ۵۰۰ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۲۴ ـ ۳۲۹ .


مكاتيب الأئمّة ج1
112

أقولُ : تقدَّم كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة مع الحسن عليه السلام وعَمَّار بن ياسِر ، عن نهج البلاغة وغيره ، ونقل مصنّف كتاب معادن الحكمة رحمه الله ـ أيضا ـ كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة مع الحسن عليه السلام عن أماليالشَّيخ الطُّوسي رحمه الله ، وروي عن ابن ميثم : أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام أرسل مع الحسن عليه السلام الكتاب الَّذي نقله المصنف رحمه الله ۱ ؛ وهذه الرِّوايات مع الاختلاف الشديد بينها ، بحيث لا يحتمل الاتِّحاد فيها جميعا ، إمَّا لإجل أنَّ أمير المؤمنين عليه السلام أرسل بعضها مع الإمام الحسن السِّبط الأكبر عليه السلام ، وأرسل بعضها بعده ، فقرأه الحسن عليه السلام على النَّاس كما أشار إليه المفيد رحمه اللهفي الجمل ۲ .
قال : ذكر الواقدي : أنَّ أمير المونين عليه السلام كان أنفذَ إلى أهل الكوفة رسلاً ، وكتب إليهم كتابا عند خروجه من المدينة ، وقبل نزوله بذي قار ، وقال في حديث آخر رواه : إنَّه أنفذ إلى القوم من الرَّبَذَة حين فاتَه ردُّ طَلْحَة والزُبَيْر من الطَّريق .
ثُمَّ اتفق الواقدي وأبو مِخْنَف وغيرُهما من أصحاب الِسيَر على ما قدَّمنا ذكرَه ،
من إنفاذ الرُّسل ، وكَتْب الكُتب من ذي قار إلى أهل الكوفة ، ليستنفرَهم للجهاد معه، والاستعانة بهم على أعدائه النَّاكثين لِعَهده ، الخارجين عليه لحربه . . . فقال مُحَمَّد بن الحنفية رضى الله عنهلمُحَمَّد بن أبي بَكر : يا أخي، ما عِندَ هذا خَيرٌ فارجِع بِنا إلى أميرِ المُوِنينَ نُخبِرهُ الخبرَ ، فلمَّا رجَعا إليه أخبراه بالحال . وقد كان كتَب معهما كتابا إلى أبي موسى الأشْعَرِيّ : أن يبايع من قِبَله على السَّمع والطَّاعة ، وقال له في كتابه : « ارفَع عَنِ النَّاسِ سَوطَكَ ، وأخْرِجْهُم عن حُجْزَتِكَ ، واجلِس بالعِراقَيْنِ ، فإن خَفَفْت فأَقبِل ، وإن ثَقُلتَ فاقعُد » .۳
[ وغرضنا ممّا تقدّم هو الإشارة إلى أنّه عليه السلام ، كتب كتبا عديدة ، لا كتابا واحدا .
فلمَّا تمّت الحرب ، وقتل النَّاكثين ، وهدأت الأوضاع ، كتب أمير المؤمنين عليه السلام ، كُتبا متعدّدة ، منها كتابه إلى أهل الكوفة وهو : ]

1.معادن الحكمة : ج۱ ص۲۱۲ ـ ۲۱۴ .

2.الجمل : ص۲۶۱ .

3.الجمل : ص۲۵۷ وراجع : تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۷۸ ـ ۴۸۲ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112853
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي