169
مكاتيب الأئمّة ج1

عِلْباء بن الهَيْثَم السّدوسي ّ من رَبِيعة

بكسرِ أوَّلهِ وسُكونِ اللاّمِ بَعدَها مُوَحَّدَةً ، [ أي: بكسر العين المهملة، واللام السَّاكنة، والباء الموحَّدَة المفتوحة، والألف والهمزة . قال في القاموس : وعلبا بالكسر ممدودا اسم رجل ] ، أدرك عِلْباء الجاهليَّة والإسلام ، وشهد الفتوح في عهد عمر ، ثُمَّ شهد الجمل فاستشهد بها . ۱
عن الأصمعي : حدَّثني شيخ في مجلس أبي عَمْرو بن العلاء ، أنَّ أهل الكوفة أوفدوا عِلْباء بن الهَيْثم السّدوسي ّ إلى عمر ، فرأى هيئةً رَثَّة ، فلمَّا تكلَّم في حاجته أحسن ؛ فقال : لكلّ أناس في جَملهم خَير . ۲ ] والمعنى : أنَّ خبره فوق منظره ] .
كان عِلْباء من الَّذِين ثاروا على عثمان حَتَّى قتلوه ۳ .
إنَّ عليَّا عليه السلام قال : « مَن يَحمِلُ علَى الجَمَلِ ؟ » ، فانتدب له هند بن عَمْرو الجَمَليّ المرادي ّ ، فاعترضه عَمَّار بن يثربي ّ ، فقتله . ثُمَّ حمل عِلْباء بن الهَيْثم فاعترضه ابن
يثربي ّ فقتله . ۴ ولكن قال الطَّبريّ : إنَّ عليَّا قال : « مَن رَجُلٌ يَحمِلُ علَى الجَمَلِ ؟ » فحمل هند بن عَمْرو ، ثُمَّ سَيْحانُ بنُ صُوحان ، ثُمَّ عِلْباءُ بن الهَيْثم ۵ .
وقال ابن عبد ربّه : وقُتل من أصحاب عليّ خمسمئة رجل ، لم يُعرف منهم إلاّ عِلْباءُ بن الهَيْثم ، وهِنْد الجَمَليّ ، قتلهما ابن اليثربي ّ ۶ .
وقال ابن أعثم : خرج عَمْرو بن يثربي ّ من أصحاب الجمل ، حَتَّى وقف بين الصفّين قريبا من الجمل ، ثُمَّ دعا إلى البراز ، وسأل النِّزال ، فخرج إليه عِلْباء بن الهَيْثم ، من أصحاب عليّ رضى الله عنه ، فشدَّ عليه عمرو ، فقتله ۷ .
قال ابن أبي الحديد :[ في الجواب عن الطَّعن في سياسة عليّ عليه السلام ، بمفارقة أصحابه إيَّاه ] ، والجواب : إنَّا أوَّلاً ، لا ننكر أن يكون كلُّ مَن رَغب في حطام الدُّنيا ، وزخرفها ، وأحبّ العاجل من ملاذّها وزينتها، يميل إلى معاوية الَّذي يبذُل منها كُلَّ مطلوب ، ويسمَحُ بكلّ مأمولٍ ، ويطعِم خراج مصر عَمْرو بن العاص ، ويضمَن لذي الكِلاع ، وحَبِيب بن مَسْلَمَة َ ـ ما يوفي على الرَّجاء والاقتراح . وعليّ عليه السلام ، لا يعدل ـ فيما هو أمينٌ عليه من مال المسلمين ـ عن قضيّة الشَّريعة ، وحكم الملّة ، حَتَّى يقول خالد بن معمّر السّدوسي ، لعِلْباء بن الهَيْثم ـ وهو يحمله على مفارقة عليّ عليه السلام ، واللّحاق بمعاوية ـ :
اتَّقِ اللّه َ يا عِلْباءُ في عشيرَتِكَ ، وانظر لنفسك ولِرَحِمِكَ، ماذا تؤمِّل عند رجل أردته على أن يزيدَ في عطاء الحسن والحسين دريهماتٍ يسيرةٍ، ريثما يرأبان بها
ظَلَفَ عَيشهِما ، فأبى وغضب، فلم يفعل ۸ .
[ هذه القضية ـ إن صحّت ـ إنّما تدلّ على عظم إخلاص الَّذين اتَّبعوا عليَّا عليه السلام ، ووازروه ، ونصروه حَتَّى قُتلوا دونه . ومنهم عِلْباء بن الهَيْثم السّدوسي رضى الله عنه .
يمكن أن يشكل أحد فيقول : إنَّ عِلْباء مات يوم الجمل ، كما في هذا الكتاب والكتاب المتقدّم ، وهو ما نقله أرباب السّير والتراجم، كما في ترجمته في قاموس الرِّجال ، والطَّبري ّ ، وأنساب الأشراف ، والإصابة ، وابن أبي الحديد ۹ .
فكيف نصدّق بما دار بين السَّدوسي وبين علباء؟ والحال أنَّ لحوق المنافقين بمعاوية كان بعد وقعة الجمل ، بل بعد وقعة صفِّين ؟ والجواب هو: أنّ لحوق المنافقين بمعاوية ، لم يحدّد بفترة ما بعد الجمل وصفّين ، بل يجد المتتبّعُ أن أهل الدُّنيا وملذّاتها، مضافا إلى الذين كانوا ينصرون عثمان بن عفّان، قد التحقوا بمعاوية من مختلف الأمصار كالمدينة والكوفة والبصرة وغيرها منذ البداية، أي قبل حرب الجمل ، وحتى آخر أيّام حياته، عليه أفضل الصلاة والسلام ] .

1.راجع : الاصابة : ج۵ ص۱۰۴ .

2.الاصابة : ج۵ ص۱۰۴ الرقم ۶۴۶۵ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۲ ص۱۶۹ ؛ قاموس الرجال : ج۷ ص۲۵۳ .

3.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۹۳ .

4.أعيان الشيعة : ج۸ ص۱۴۹ .

5.راجع : تاريخ الطبرى : ج۴ ص۵۲۹ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱ ص۲۵۸ .

6.العِقد الفريد : ج۳ ص۳۲۴ .

7.الفتوح : ج۲ ص۴۷۷ .

8.شرح نهج البلاغة : ج۱۰ ص۲۵۰ ؛ قاموس الرجال : ج۷ ص۲۵۳ .

9.راجع : تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۳۰ ـ ۵۳۱ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۴۰ ، الإصابة : ج۵ ص۱۰۴ ، شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۲۵۸ ؛ قاموس الرجال : ج۷ ص۲۵۳ .


مكاتيب الأئمّة ج1
168
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112904
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي