46
كتابه عليه السلام إلى مُحَمَّد بن أبي بَكر
۰.كتابه عليه السلام إلى مُحَمَّد بن أبي بَكر وأهل مصر :
فقال إبراهيم : فحدّثنا يَحْيَى بن صالح ، فقال حدّثنا مالك بن خالد الأسديّ ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن عبد اللّه بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، عن عباية . أنَّ عليَّاً ـ عليه السلام ـ كتب إلى مُحَمَّد بن أبي بَكر وأهل مصر :« أمَّا بَعدُ ؛ فإنّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللّه ِ في سِرِّ أَمْرِكَ وعَلانِيَّتِهِ وعلَى أيِّ حالٍ كُنْتَ عَلَيها ، واعلَمْ أنَّ الدُّنيا دارُ بلاءٍ وفَناءٍ ، والآخرةَ دارُ بقاءٍ وجَزاءٍ ؛ فَإنِ استَطَعْتَ أنْ تُوثِرَ ما يَبْقَى علَى ما يَفْنَى فافْعَلْ ، فإنَّ الآخِرَةَ تَبقَى وإنَّ الدُّنيا تَفْنَى ، رَزَقَنا اللّه ُ وإيَّاكَ بَصَرا لِـما بَصَّرَنا ، وفهما لمِا فَهَّمَنا حَتَّى لا نُقَصِّر عَمَّا أمرَنا بِهِ، ولا نَتَعدَّى إلى ما نَهانا عَنْهُ ، فإنَّه لابُدَّ لَكَ مِن نَصيبِكَ مِنَ الدُّنيا وأنْتَ إلى نَصِيبِكَ مِنَ الآخِرَةِ أحوجُ ، فإنْ عَرَضَ لكَ أمران : أحدُهُما لِلآخِرَةِ والآخَرُ للدُّنيا فابْدَأ بِأَمرِ الآخِرَةِ ، ولْتَعظُمْ رَغْبَتُكَ في الخيرِ، ولتَحسُن فيهِ نِيَّتُكَ ، فإنَّ اللّه َ عز و جل يُعطِي العبدَ علَى قَدْرِ نِيَّتِهِ ، وإذا أحَبَّ الخيرَ وأهلَهُ ولَم يَعمَلْهُ كانَ إنْ شاءَ اللّه ُ كَمَنْ عَمِلَهُ ، فإنَّ رَسُولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله فقالَ حِينَ رَجَعَ مِن تَبُوك : لَقدْ كانَ بالمَدِينَةِ أقوامٌ ما سِرْتُم مِن مَسيرٍ ولا هَبَطْتُم مِنْ وادٍ إلاَّ كانُوا مَعَكُم ، ما حَبَسَهُم إلاَّ المَرَضُ، يقول : كانَتْ لَهُم نِيَّةٌ .
ثُمَّ اعلَمْ يا مُحَمّدُ ، أنِّي ولَّيتُكَ أعظَمَ أجنادِي في نَفسِي أهلَ مِصر َ ، وإذْ وَلَّيتُكَ ما وَلَّيتُكَ مِن أمْرِ النَّاسِ ، فأنْتَ مَحقُوقٌ أنْ تَخافَ فِيهِ علَى نَفْسِكَ وَتحذَرَ فيهِ علَى دِينِكَ ولَو كانَ ساعَةً مِن نَهارٍ ، فإنِ استَطَعتَ أنْ لا تُسخِطَ فيها رَبَّكَ لِرِضى أحَدٍ مِن خَلقِهِ فافعَلْ ، فَإنَّ في اللّه ِ خَلَفا مِن غَيرِهِ ولَيسَ في شيءٍ غَيرِهِ خَلَفٌ مِنهُ ، فاشتدَّ على الظَّالِمِ ، وَلِنْ لِأهْلِ الخَيرِ وَقرِّبهُم إليكَ واجعَلهُم بِطانَتَكَ وإخوانَكَ ، والسَّلامُ » . ۱