279
مكاتيب الأئمّة ج1

مكاتيب الأئمّة ج1
278

58

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.عن الجاحظ في كتاب الغرَّة ، قال : كتب عليّ عليه السلام إلى معاوية :« غرَّكَ عِزُّك ، فصار قِصارُ ذلك ذُلَّك ، فاخشَ فاحِشَ فِعلِكَ ، فَعَلَّكَ تُهدى بِهذا . » ۱

59

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.« أمَّا بعدُ ، فإنّ الدُّنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ ، ذاتُ زِيْنَةٍ وبَهْجَةٍ ، لم يَصْبُ إليْها أحَدٌ إلاَّ وشَغَلَتْه بِزيْنَتِها عَمَّا هو أنْفَعُ له منها ، وبالآخِرَةِ أُمِرنا ، وعَلَيْها حُثِثْنا ، فَدَعْ ـ يا مُعاوِيَةُ ـ ما يَفْنى ، واعْمَل لِما يَبْقى ، واحْذَر المَوْت َالَّذِي إليْه مَصِيرُكَ ، والحِسابَ
الَّذِي إليْه عاقِبَتُكَ .
واعْلَم أنَّ اللّه تعالى إذَا أرَادَ بِعَبْدٍ خَيْرا حالَ بينَه وبينَ ما يَكْرَهُ ، ووَفَّقَه لطاعَتِهِ ، وإذا أرَادَ اللّه ُ بِعَبدٍ سُوءا أغْراهُ بالدُّنيا وأنْساهُ الآخِرَةَ ، وبَسَطَ له أمَلَه ، وعاقَه عمَّا فيْه صَلاحُه .
وقد وَصَلني كتابُك فَوَجَدتُكَ تَرْمِي غَيْرَ غَرَضِكَ ، وتَنْشُدُ غَيْرَ ضَالَّتِكَ ، وتَخْبِطُ في عَمايَةٍ ، وتَتِيهُ في ضَلالَةٍ ، وتَعْتَصِمُ بغَيْر حُجَّة ، وتَلُوذُ بأضْعَفِ شَبْهَةٍ .
فأمَّا سُؤالُك المُتارَكَةَ والإقْرارَ لَكَ على الشَّام ، فلو كنْتُ فاعِلاً ذلِكَ اليوْمَ ، لَفَعَلْتُهُ أمْسِ .
وأمَّا قولُك : إنَّ عُمَرَ وَلاَّكَهُ ، فَقَدْ عَزَلَ مَن كان وَلاَّه صاحِبُهُ ، وعَزَلَ عثْمان مَن كان عُمَر وَلاَّه ، ولم يُنْصَب للنَّاس إمامٌ إلاَّ لِيَرى مِن صَلاح الأمَّة إماما قَدْ كانَ ظهَرَ لِمَن قبْلَهُ ، أوْ أخْفى عنْهُم عَيْبَهُ والأمرُ يَحْدُثُ بعْدَه الأمرُ ، ولكلِّ وَالٍ رَأْيٌ واجْتِهادٌ .
فَسُبْحَانَ اللّه ِ ، مَا أَشَدَّ لُزُومَكَ لِلأَهْوَاءَ الْمُبْتَدَعَةِ ، والْحَيْرَةِ الْمُتَّبَعَةِ ، مَعَ تَضْيِيعِ الْحَقَائِقِ ، واطِّرَاحِ الْوَثَائِقِ ، الَّتي هِيَ لِلَّهِ طِلْبَةٌ ، وعَلَى عِبَادِهِ حُجَّةٌ .
فَأَمَّا إِكْثَارُكَ الْحِجَاجَ عَلَى عُثْمَانَ ، وقَتَلَتِهِ ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا نَصَرْتَ عُثْمَانَ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَكَ ، وخَذَلْتَهُ حَيْثُ كَانَ النَّصْرُ لَهُ والسَّلامُ » . ۲
ومن كلام له عليه السلام في معنى قتل عثمان ، وهو حكم له على عثمان ، وعليه وعلى النَّاس بما فعلوا ، وبراءة له من دمه :
« لَوْ أَمَرْتُ بِهِ لَكُنْتُ قَاتِلاً ، أَوْ نَهَيْتُ عَنْهُ لَكُنْتُ نَاصِرا ، غَيْرَ أَنَّ مَنْ نَصَرَهُ لا
يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ : خَذَلَهُ مَنْ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ، ومَنْ خَذَلَهُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَقُولَ : نَصَرَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي ، وأَنَا جَامِعٌ لَكُمْ أَمْرَهُ ، اسْتَأْثَرَ فَأَسَاءَ الأَثَرَةَ ، وجَزِعْتُمْ فَأَسَأْتُمُ الْجَزَعَ ، ولِلَّهِ حُكْمٌ وَاقِعٌ فِي الْمُسْتَأْثِرِ والْجَازِعِ » . ۳

1.المناقب لابن شهرآشوب : ج۲ ص۴۸ ، مطالب السؤول : ص۱۷۶ ، بحار الأنوار : ج۴۰ ص۱۶۳ ؛ سِيَر أعلامِ النبلاء : ج۱۶ ص۳۰۸ .

2.راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۱۵۳ ، جمهرة الرسائل العرب : ج۱ ص۴۷۱ ؛ نهج البلاغة : الكتاب ۳۷ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۳۰ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112833
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي