29
مكاتيب الأئمّة ج1

الباب الثّاني :مكاتيبه عليه السلام بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى حين خلافته

1

كتابه عليه السلام إلى أبي بكر

۰.وجاء في رسالة من أمير المؤمنين عليه السلام إلى أبي بكر ، لمَّا بلَغَه عنْه كَلام بعد منع الزَّهراء عليهاالسلام فدكا :« شَقُّوا متَلاَطِمات أمْواجِ الفِتَن بِحَيَازِيمِ سُفُنِ النَّجاةِ ، و حَطُّوا تِيجَانَ أَهلِ الفَخْرِ بجمع أَهْلِ الغَدرِ ، واسْتَضَاءُوا بِنُورِ الأنْوار .
وَاقْتَسَمُوا مَوَاريثَ الطَّاهراتِ الأبرارِ ، وَاحْتقَبُوا ثِقلَ الأوْزَارِ ، بِغَصْبِهِم نِحلَةَ النَّبيِّ المُختَارِ .
فَكَأنِّي بِكُم تَتَردَّدُون في العَمى ، كمَا يَتَردَّدُ البَعِيرُ فِي الطَّاحُونَةِ .
أمَا وَاللّه ِ ، لَو أُذِنَ لي بِما لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ، لَحَصَدتُ رُؤوسَكُم عَن أَجْسادِكُم كحَبِّ الحَصِيد ، بقَواضِبَ مِن حَدِيدٍ ، وَلَقَلَعتُ منِ جَماجِمِ شَجْعَانِكُم ما أُقرِحُ بِهِ آمْاقَكَم ، وَأُوحِشُ بِهِ مَحَالَّكُم ، فَإنِّي ـ مُنْذُ عُرِفْتُ ـ : مُرْدِي العَساكِر ، وَمُفْنِي
الجَحَافِل ، وَمُبِيدُ خَضرَائِكُم ، وَمُخمِّدُ ضَوضَائِكُم ، وجَزّار الدَّوَارينَ ، إذْ أنْتُم في بُيوتِكُم مُعْتَكِفونَ ، وإنِّي لَصاحِبُكُم بالأَمسِ ، لَعَمرُ أَبِي لَنْ تُحِبّوا أنْ تَكُونَ فيْنا الخلافَةُ وَالنُّبوَةُ ، وَأَنتُم تَذكُرونَ أَحْقادَ بَدْرٍ ، وثارَاتِ أُحُدٍ .
أمَا وَاللّه ِ ، لَو قُلتُ ما سَبَقَ مِنَ اللّه ِ فِيكُم ، لَتدَاخَلَت أَضلاعُكُم في أَجوَافِكُم كَتَداخُل أسْنان دِوَّارة الرَّحى ، فإنْ نَطقتُ تَقُولُونَ : حَسَدَ ، وإنْ سَكتُّ فَيُقالُ : إنَّ ابن أبي طَالِبٍ جَزعَ مِنَ المَوتِ ، هَيْهَاتَ هَيْهاتَ ! ! السَّاعةَ يُقالُ لي هَذا ؟ ! ! وأنَا المُميت المائِت ، وَخوَّاضِ المَنايَا في جَوْف لَيلٍ حَالِك ، حَامِل السّيْفَينِ الثَّقيلَينِ ، وَالرُّمْحَينِ الطَويلَيْنِ ، وَمُنَكِّس الرَّايات في غَطْامِطِ الغَمَراتِ ، وَمُفَرِّج الكُرُبات عن وَجْه خَيْرِ البَريَّات .
أيْهِنُوا ! فوَ اللّه ِ ، لاَبنُ أبي طالب آنَسُ بالمَوْتِ من الطِّفل إلَى مَحالِبِ أُمِّه .
هَبَلَتكُم الهَوَابِلُ ! لَوْ بُحتُ ۱ بما أنَزلَ اللّه ُ سُبحانَهُ فِي كتابِهِ فِيْكُم ، لاَضْطَرَبْتُم اضْطِرَابَ الأَرشِيَةِ في الطَّويّ البَعِيدةِ ، وَلَخَرَجْتُم من بيُوتِكُم هَارِبِينَ ، وَعَلَى وُجُوهِكُم هَائِمينَ ، وَلَكِنِّي أُهَوِّنُ وَجدِي حتَّى ألْقى رَبِّي بيَدٍ جَذَّاءَ صَفراءَ مِن لَذَّاتِكُم ، خِلوَا مِن طَحَناتِكُم ، فما مَثَل دُنياكُم عِنْدِي إلاَّ كمَثَل غَيمٍ ، عَلا فاسْتَعْلَى ثُمَّ اسْتَغلَظَ فاسْتَوى ، ثُمَّ تَمزَّق فانْجَلَى ، رُوَيدا ! فَعَن قَلِيلٍ يَنْجَلِي لَكُم القَسَطلُ ۲ ، وتَجنُونَ ( فتجدون ) ثَمرَ فِعلِكُم مُرّا ، وَتَحصُدُونَ غَرسَ أيْدِيكُم ذُعَافا ۳ مُمقِرا ۴ ، وَسُمَّا قَاتِلاً ، وكفَى باللّه ِ حَكِيما ، وَبِرَسُولِ اللّه ِ خَصِيما ، وبالقِيامَةِ مَوْقِفا ، فَلا أبعَدَ اللّه ُ فيها سِوَاكُم ، وَلا أتَّعسَ فيها غَيْرَكُم ، وَالسَّلامُ على مَنِ اتَّبَعَ الهُدى ۵ » .

1.البَوح : ظهور الشيء ، باح بالشيء : أظهره ( لسان العرب : ج۲ ص۴۱۶ ) .

2.القسطل : الغبار الساطع .

3.الذعاف : السمّ وطعامٌ مذعوف ، أي سريع يعجَّل القتل( الصحاح : ج۴ ص۱۱۶ ) .

4.الممقر : الشديد المرارة( لسان العرب : ج۵ ص۱۸۲ ) .

5.الاحتجاج : ج۱ ص۲۴۳ ح ۴۸ وراجع : بحار الأنوار : ج۲۹ ص۱۴۰ .


مكاتيب الأئمّة ج1
28
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113151
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي