295
مكاتيب الأئمّة ج1

مكاتيب الأئمّة ج1
294

69

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.من كتابهِ عليه السلام إلى مُعاوِيَةَ لمّا بلَغَهُ عليه السلام كتابُ مُعاوِيةَ :« أمَّا بَعْدُ ، فإنَّ مَساوِيكَ مَعَ عِلْمِ اللّه ِ تَعالى فِيْك َ، حالَتْ بيْنَك وبَيْنَ أنْ يَصْلُحَ لَكَ أمْرُكَ ، وأنْ يَرْعَوِي قَلْبُك .
يابْنَ الصَّخرِ اللَّعِينِ زَعَمْتَ أنْ يَزِنَ الجِبالَ حِلْمُكَ ، ويَفْصِلَ بيْنَ أهْلِ الشَّكِّ عِلْمُكَ ، وأنْتَ الجِلْفُ المُنافِقُ الأغْلَفُ القَلْبُ ، القَلِيلُ العَقْل ، الجَبانُ الرَّذْلُ ، فإنْ كُنْتَ صادِقا فِيما تَسْطُرُ ، ويُعِينُك علَيْهِ أخُو بَنِي سَهْمٍ ، فَدَعِ النَّاسَ جانِبا ، وتَيَسَّرْ لِما دَعَوْتَنِي إليْه من الحَرْب ، والصَّبرِ على الضَّرْبِ ، وأعْفِ الفَرِيْقَينِ من القِتالِ ، ليُعْلَمَ أيُّنا المَرينُ علَى قَلْبِه ، المُغَطَّى علَى بَصَرِهِ ، فأنَا أبُو الحَسَن ، قاتِل جَدِّكَ وأخِيْكَ وخَالِكَ ، وما أنْتَ مِنْهم ببَعِيدٍ ، والسَّلامُ » . ۱

70

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.« أمَّا بَعْدُ ، فطَالَ ما دَعوْتَ أنْتَ وأوْلياؤُك أوْلِياءُ الشَّيْطان ِ الحقَّ أساطِيرَ ، ونَبَذْتُمُوه وَراءَ ظُهُورِكم، وحَاوَلْتُم إطفاءَه بأفْواهِكُم، « وَيَأْبَى اللَّهُ إِلآَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ و وَلَوْ كَرِهَ الْكَـفِرُونَ»۲ .
ولَعَمْرِي لَيُنْفذَنَّ العلِمُ فيْكَ ، ولَيتِمَّنَّ النُّورُ بصِغَرِك وقَماءَتِك ، ولَتُخْسأنَّ طَرِيدا
مدحورا ، أوْ قَتِيلاً مَثْبورا ، ولَتُجزَيَنَّ بعَمَلِك حَيْثُ لا ناصِرَ لَكَ ، ولا مُصَرِخَ عِنْدكَ ، وقد أسْهَبْتَ في ذِكْر عثمان ، ولَعَمْرِي ما قَتَلَه غَيْرُك ، ولا خَذَلَه سِواك ، ولقد تَرَبَّصْتَ بهِ الدَّوائِرَ ، وتَمَنَّيتَ له الأمانيَّ طَمَعا فِيما ظَهَر مِنْكَ ، ودَلَّ علَيْه فِعْلُك ، وإنِّي لأرجو أنْ أُلْحِقَكَ بِهِ على أعْظَمَ من ذَنْبهِ ، وأكْبَرَ مِن خَطِيئَتِهِ .
فأنَا ابنُ عَبْدِ المُطَّلِب صاحِبُ السَّيْفِ ، وإنَّ قائمَهُ لَفِي يَدِي ، وقد عَلِمْتَ مَن قَتَلْتُ بهِ مِن صَنادِيدِ بَنِي عَبْدِ شَمْس ٍ ، وفَراعِنَةِ بَنِي سَهْم ٍ وجُمَح ، وبَنِي مَخْزُوم ، وأيْتَمْتُ أبْناءَهُم ، وأيَّمْتُ نِساءَهم ، وأُذَكِّرُك ما لَسْتَ لَه ناسِيا يوم قَتَلْتُ أخاكَ حَنْظَلَةَ ، وجَرَرْتُ بِرِجْلِهِ إلى القَلِيبِ ، وأسَرْتُ أخاكَ عَمْرا ، فجَعَلْتُ عُنُقَهُ بيْنَ ساقَيْهِ رِباطا ، وطَلَبْتُكَ فَفَرَرْتَ ولَكَ حُصاصٌ ، فلوْلا أنِّي لا أتْبَعُ فارَّا لَجَعَلْتُكَ ثالِثَهُما ، وأنا أُوْلِي لَكَ باللّه ِ أليَّةً بَرَّةً غَيْرَ فاجِرَةٍ ، لئِن جَمَعَتْني وإيَّاك جوامِعُ الأقْدار ، لأتْرُكنَّك مَثَلاً يَتَمَثَّلُ بِهِ النَّاسُ أبَدا ، ولأُجَعْجِعَنَّ بِكَ في مَناخِكَ ، حَتَّى يَحْكُمَ اللّه بَيْني وبيْنَكَ ، وهو خَيْرُ الحاكِمين .
ولئِن أنْسَأَ اللّه ُ في أجَلِي قليلاً لأغْزِيَنَّكَ سَرايا المُسلِمينَ ، ولأَنْهَدَنَّ إليْك في جَحْفَلٍ مِن المهاجرين والأنصار ، ثُمَّ لا أقْبَلُ لَكَ مَعْذِرةً ولا شَفاعَةً ، ولا أُجِيبُكَ إلى طَلَبٍ وسؤالٍ ، ولَتَرجِعنَّ إلى تحَيُّرِكَ وتَرَدُّدِكَ وتَلَدُّدِكَ فَقَدْ شاهَدْتَ وأبْصَرتَ ، ورَأيْتَ سُحُبَ المَوْتِ كَيْفَ هَطَلَتْ عَلَيكَ بصَيِّبِها، حَتَّى اعْتَصَمْتَ بكتابٍ أنْتَ وأبوك أوَّلُ مَن كَفَر وكَذَّب بنُزُولِهِ ، ولَقَد كنْتُ تَفَرَّسْتُها وآذَنْتُك إنَّك فاعِلُها وقَد مَضى منها ما مَضى ، وانْقَضَى مِن كَيْدِك فيها ما انْقَضى ، وأنَا سائِرٌ نحْوَكَ علَى أثَرِ هذا الكِتاب .
فاخْتَر لِنَفسِكَ وانْظر لَها ، وتَدارَكْها ، فإنَّك إنْ فَطِرْتَ واسْتَمْرَرتَ علَى غَيِّك وغُلَوائِك حَتَّى يَنْهَد إليْكَ عِبادُ اللّه ِ ، أُرْتِجَتْ عليْك الأمور ، ومُنِعْتَ أمْرا هو اليَوْمَ
مِنْكَ مقْبولٌ .
يا بن حَرْبٍ ، إنَّ لِجاجَكَ في مُنازَعَةِ الأمْرِ أهْلَهُ مِن سِفاهِ الرَّأي ، فلا يُطْمِعنَّك أهلُ الضَّلال ، ولا يُوبِقنَّك سَفَهُ رَأي الجُهَّالِ .
فَوَ الَّذِي نَفْسُ عليٍّ بيَدِهِ لَئِن بَرَقَتْ في وَجْهك بارقَةٌ من ذِي الفَقار ، لَتُصْعَقَنَّ صَعْقَةً لا تُفِيقُ منْها حَتَّى يَنْفَخَ في الصُّور ، النَّفخةَ الَّتي يَئِستَ مِنْها « كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَـبِ الْقُبُورِ »۳ » . ۴

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۱۳۵ ، الفتوح : ج۲ ص۴۳۵ ، جمهرة رسائل العرب : ج۱ ص۴۲۷ .

2.التوبة :۳۲ .

3.الممتحنة: ۱۳ .

4.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۵ ص۸۳ وراجع : جمهرة رسائل العرب : ج۱ ص۴۲۴ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113033
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي