325
مكاتيب الأئمّة ج1

90

كتابه عليه السلام إلى زياد بن النَّضْر وشُرَيْح

۰.« بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِن عَبدِ اللّه ِ عليّ أميرِ المُونين َ ، إلى زياد بنِ النَّضْر ِ وشُرَيْحِ بنِ هانئ ، سلام عليكما ، فإنّي أحمَدُ إليكُما اللّه َ الَّذي لا إلهَ إلاَّ هُوَ .
أمَّا بَعدُ ؛ فَإنّي قَد وَلَّيتُ مُقَدِّمتي زِيادَ بنَ النَّضْر ِ وأَمَّرتُهُ عليها ، وشُرَيْح ٌ علَى طائِفَةٍ مِنها أميرٌ ، فإنْ أنتُما جَمَعكُما بأسٌ فَزِيادُ بنُ النَّضْر ِ علَى النَّاسِ ، وإنِ افتَرقْتُما فَكُلُّ واحِدٍ مِنكُما أميرُ الطَّائِفَةِ الَّتي وَلَّيناهُ أمرَها .
واعلَما ، أنَّ مُقدّمَةَ القَومِ عُيونُهُم ، وعُيونُ المُقَدِّمَةِ طَلائِعُهُم ، فإذا أنتُما خَرجتُما مِن بِلادِكُما فلا تَسأما مِن توجيهِ الطَّلائِعِ ، ومِن نَفْض الشِّعاب والشَّجر والخَمَر ۱ في كُلِّ جانِبٍ ، كي لا يَغتَرَّ كُما عَدُوّ ، أو يَكونَ لَكُم كَمِينٌ .
ولا تُسيِّرُنَّ الكتائِبَ والقبائِلَ مِن لَدُنِ الصَّباحِ إلى المَساءِ إلاَّ على تَعبِيَةٍ . فإنْ دهَمَكُم داهِمٌ ، أو غَشِيَكُم مَكروهٌ ، كُنْتُم قَد تَقَدَّمتُم في التَّعبِيَةِ . وإذا نَزَلتُم بِعَدُوٍّ ، أو نَزَلَ بِكُم ، فلْيَكُن مُعَسكَرُكُم في قُبُلِ الأشرافِ ، أو سِفَاحِ الجبالِ ، أو أثناءِ الأنهارِ ، كَيْما يَكُونَ ذلِكَ لَكُم رِدْءا ، وتكون مُقاتِلَتُكُم مِن وَجْهٍ واحدٍ أو اثنَينِ ، واجعَلُوا رُقَباءَكُم في صياصي الجِبالِ ، وَبِأعالي الأَشرافِ ، وَمناكِبِ ۲ الهِضابِ يَروْنَ لَكُم ،
لِئَلاّ يأتِيكُم عَدُوٌّ مِن مَكانِ مَخافَةٍ أو أمْنٍ .
وإيَّاكُم والتَّفرُّق ، فإذا نَزَلْتُم فانزِلوا جَميعا ، وإذا رَحَلتُم فارحَلُوا جَمِيعا ، وإذا غَشِيَكُم لَيلٌ فَنَزلْتُم فَحُفُّوا عَسكَرَكُم بالرِّماحِ والأترِسَةِ ، ورماتُكُم يَلُونَ تِرسَتَكُم ورماحَكُم . وما أقمَتُم فَكذلِكَ فافعَلُوا ، كي لا تُصابَ لَكُم غَفلَةٌ ، ولا تُلفَى مِنكُم غِرَّةٌ ، فَما قومٌ حَفُّوا عَسكَرهُم بِرِماحِهِم وتِرسَتِهِم مِن ليلٍ أو نهارٍ ، إلاَّ كانُوا كأنَّهُم في حُصُونٍ . واحرِسا عَسكَركُما بأنفُسِكُما ، وإيَّاكُما أن تَذوقا نَوْما حَتَّى تُصبِحا ، إلاّ غِرارا أو مَضْمَضَةً .
ثُمَّ لِيَكُنْ ذلِكَ شَأنَكُما ودأبَكُما ، حَتَّى تَنتَهِيا إلى عَدُوِّكُما . وليَكُنْ عِندي كُلَّ يومٍ خَبَرُكُما ، ورسولٌ مِن قِبَلِكُما ، فإنّي ـ ولا شَيءَ إلاَّ ما شاءَ اللّه ُ ـ حَثِيثُ السَّيرِ في آثارِكُما ، علَيكُما في حَربِكُما بالتَّودَةِ ، وإيَّاكُم والعَجَلَةِ ، إلاَّ أن تُمكِنَكُم فُرْصَةٌ بَعدَ الإعذارِ والحُجَّةِ . وإيَّاكُما أن تُقاتِلا حَتَّى أقدِمَ عَليكُما ، إلاَّ أن تُبدَءآ ، أو يأتِيَكُما أمري إن شاءَ اللّه ُ ، والسَّلامُ » . ۳
قال نصر : عمر بن سَعْد ، حدَّثني يزيدُ بنُ خالِد بنُ قَطَن : أنَّ عليَّا حين أراد المسير إلى النُّخيلة دعا زيادَ بن النَّضْر ، وشُرَيْحَ بنَ هانِئ ـ وكانا على مَذْحِج والأشْعَرِيين ـ قال :
« يا زيادُ ، اتَّقِ اللّه َ في كُلِّ مُمْسىً ومُصْبَحٍ ، وخَف ِْ علَى نفسِكَ الدُّنيا الغَرُورَ ، ولا تأمَنْها علَى حالٍ مِنَ البلاءِ ، واعلَم أنَّكَ إن لم تَزَعْ نَفسَكَ عَن كَثيرٍ مِمَّا يُحَبُّ مَخافَةَ مكروهةِ ، سَمَتْ بِكَ الأهواءُ إلى كَثيرٍ من الضُّرِّ .
فَكُن لِنَفْسِكَ مانِعا وازِعا مِنَ البغْيِ والظُّلْمِ والعُدوانِ ؛ فَإنِّي قَدْ ولَّيتُكَ هذا الجُندَ ، فلا تَستَطِيلَنَّ عَلَيهِم ، وإنَّ خَيرَكُم عِندَ اللّه ِ أتقاكُم .
وتُعلَّم من عالِمِهِم ، وعَلِّم جاهِلَهُم ، واحلُم عَن سَفيهِهِم ، فإنَّك إنَّما تُدرِكُ الخَيرَ بالحِلمِ ، وكُفَّ الأذى والجَهلِ » .

1.النفيضة : الجماعة يبعثون في الأرض متجسّسين ، لينظروا هل فيها عدوّ أو خوف (تاج العروس: ج ۱۰ ص ۱۶۷ «نفض») . والشعاب : جمع شعبة ، وهو ما انشعب من التلعة والوادي ، أي عدل عنه وأخذ في طريق غير طريقه (تاج العروس: ج ۲ ص ۱۱۷ «شعب») . والخَمَر ـ بالتحريك ـ : كلّ ما سترك من شجرٍ أو بناءٍ أو غيره (النهاية: ج ۲ ص ۷۷ «خمر») .

2.المَنكِب من الأرض : الموضع المرتفع (تاج العروس : ج ۲ ص ۴۵۳ «نكب» ) .

3.وقعة صفّين :ص۱۲۳ ، نهج البلاغة : الكتاب۱۱ وفيه من قوله : « وإذا نزلتم بعدوّ » إلى « أو مضمضة » ، تحف العقول : ص۱۹۱ وفيه من قوله : « اعلم أنّ مقدّمة القوم . . . » ، بحار الأنوار :ج۳۲ ص۴۱۰ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۹۲ ، الأخبار الطوال : ص۱۶۶ كلاهما نحوه .


مكاتيب الأئمّة ج1
324
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113157
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي