329
مكاتيب الأئمّة ج1

مكاتيب الأئمّة ج1
328

زياد بن النَّضْر الحارثي

له إدراك ۱ ، [ من عيون أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وشيعته المخلصين ، وأعوانه على اقامة الدِّين ، وحسم مادّة المنافقين ، وإخماد نار الفاسقين ، ومن الملبِّين لدعوته ، والمسرعين إلى دعوته ، له خطوات راسية ، وأعمال زاكية في الحكومة العلويّة الحقّة ، وهو من الَّذِين غضبوا للّه حين عصي في أرضه ، وقد ضرب الجور سرادقه ، لمّا عمّ ظلم عثمان وعمّاله وشمل البلاد الإسلاميّة ، وتحرّك للناس للأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر ، وخرجوا على عثمان ، وقصدوا المدينة المنوّرة ، ]خرج من الكوفة جمع منهم زياد بن النَّضْر الحارثي . ۲
[ ولمّا شاور أمير المؤمنين عليه السلام في أمر القاسطين ـ مُعاويةَ وأهلِ الشَّام ـ بعد فتح البصرة ، والقفول إلى الكوفة ، فتكَلّم يَزيد بن قَيْس ، وأشار بالحرب وعدم التَّأخير والتَّأني في ذلك ] فقال زياد بن النَّضْر :
لقد نصح لكَ يا أميرَ المونينَ يَزيدُ بنُ قَيْس ٍ ، وقالَ ما يَعرِفُ ، فَتَوكَّل علَى اللّه ِ وثِقْ بهِ ، واشخَصْ بِنا إلى هذا العَدُوِّ راشدا مُعانا ، فإن يُرِدِ اللّه ُ بِهِم خَيْرا لا يَدعُوكَ رَغْبةً عَنكَ إلى مَنْ لَيسَ مِثلَكَ في السَّابِقَةِ مَعَ النَّبيِّ صلى الله عليه و آله / ، والقِدَمِ في الإسلامِ ، والقَرابةِ مِن مُحمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وإلاَّ يُنيبوا ويَقْبَلُوا ويأبَوا إلاَّ حَرْبَنا نجدْ حَرْبَهم علَينا هيِّنا ، ورَجَوْنا أن يَصرَعَهُمُ اللّه ُ مَصارِعَ إخوانِهم بالأمسِ . ۳
و[ عن ] نَصْر ، عن أبي رَوْق قال : قال زياد بن النَّضْر الحارثيّ لعبد اللّه بن بُدَيْل بن وَرْقاء : إنَّ يومَنا ويَوْمَهُم لَيومٌ عَصِيبٌ ، ما يَصبِرُ عَلَيهِ إلاَّ كلُّ مُشيَّعِ القَلبِ ۴ ، صادق النِّيَّةِ ، رابِطُ الجَأْشِ . وأيمُ اللّه ِ ما أَظُنُّ ذلِكَ اليومَ يبقى مِنّا ومِنهُم إلاَّ الرُّذَال .
قال عبد اللّه بن بُدَيْل : واللّه ِ أظُنُّ ذلِكَ .
فقال علي ٌّ : لِيَكُنْ هذا الكَلامُ مَخْزونا في صُدُورِكُما ، لا تُظهِراهُ ولا يَسمَعْهُ مِنكُما سامِعٌ . إنَّ اللّه َ كَتبَ القَتلَ علَى قَوْمٍ ، والمَوتَ علَى آخَرِينَ ، وكُلٌّ آتِيهِ مَنِيَّتُهُ كما كَتَبَ اللّه ُ لَهُ فَطُوبى . لِلمُجاهِدِينَ في سَبيلِ اللّه ِ ، والمَقتُولِينَ في طاعَتِهِ .۵
فلمّا عزم عليه السلام على الميسر جعل زياد ا على مقدمته في ثمانية الآف ، وأوصاه بما تقدَّم . ۶
[ وفي أيَّام صفِّين ] كرهوا أن يلقوا جمع أهل العِراق بجمع أهل الشَّام ، لما خافوا ، الا يكون فيه من الاستئصال والهلاك ، فكان عليّ عليه السلام يُخرجُ مرَّة الأشْتَر ، ومرَّة حُجْر بن عَدِيّ الكِنْديّ ، ومرَّة شَبَث بنَ رِبْعِيّ . . . ومرَّة زيادَ بنَ النَّضْرِ الحارثي ، . . . وكان الأشْتَر أكثرهم خروجا . ۷
وكان زياد من هؤلاء الرُّؤساء الشُّجعان .
[ إلى أن حان أوانُ اعتزال الخوارج ] فقالت الخوارج : استبقتم أنتم وأهلُ الشَّام
إلى الكفر كفَرَسَي رِهان . بايع أهل الشَّام معاوية على ما أحبّوا وكرهوا ، وبايعتم أنتم عليّا ، على أنَّكم أولياء من والى ، وأعداء مَن عادى ، فقال لهم زياد :
واللّه ما بسط عليّ يده فبايعناه قطّ ، إلاَّ على كتاب اللّه وسُنَّة نبيِّهِ صلى الله عليه و آله وسلم ، ولكنَّكم لمَّا خالفتموهُ جاءتهُ شِيعَتهُ ، فقالوا : نَحنُ أولياءُ مَنْ وَالَيتَ ، وأعداءُ مَنْ عادَيتَ ، ونَحنُ كذالِكَ وهُو علَى الحَقِّ والهدى ، ومَن خالَفَهُ ضَالّ مُضِلٌّ . ۸
[ شهد زياد بن النَّضْر مقتل رُشَيْد الهَجَريّ ] قال إبراهيم : وحدَّثني إبراهيم بن العبَّاس النَّهْديّ ، حدَّثني مبارك البَجَلِيّ عن أبي بَكر بن عَيَّاش ، قال : حدَّثني المُجالِدُ عن الشَّعْبيّ عن زياد بن النَّضْر الحارثيّ ، قال : كنت عند زياد ، وقد أُتِيَ برُشَيْد الهَجَريّ ـ وكان من خواصّ أصحاب عليّ عليه السلام ـ فقال له زياد : ما قَالَ خَلِيلُكَ لَكَ إنَّا فاعِلونَ بِكَ ؟ قال : تَقطَعونَ يَدِي ورِجْلي وتَصلِبُونَني ، فقال زياد : أما واللّه ِ لَأُكَذِبَنَّ حَدِيثَهُ ، خلّوا سبيله ، فلمَّا أراد أن يخرج قال : رُدُّوهُ لا نَجِدُ شَيئا أصلَحَ مِمّا قالَ لَكَ صاحِبُكَ ، إنَّكَ لا تَزالُ تَبغي لَنا سُوءا إنْ بقيت ، اقطعوا يَدَيهِ ورِجلَيهِ ، فَقطَعُوا يَدَيهِ ورِجْلَيهِ وهُوَ يَتكَلَّمُ ، فقال : اصلبوه خنقا في عنقه ، فقال رُشَيْد : قد بَقِيَ لي عندَكُم شَيءٌ ما أراكُم فَعَلتُموهُ ، فَقالَ زياد : اقطعوا لِسانَهُ ، فلمَّا أخرجوا لِسانَهُ لِيقطَعَ ، قال : نفّسوا عنّي أتكلَّم كلمةً واحدة ، فنفَّسوا عنه ، فقال : هذا واللّه ِ تَصدِيقُ خَبَرِ أميرِ المُوِنينَ ، أخبَرني بِقَطعِ لِسانِي ، فَقَطَعُوا لِسانَهُ وصلَبوهُ . ۹

1.الإصابة : ج۲ ص۵۳۰ الرقم۲۹۹۹ ؛ الغدير : ج۹ ص۲۵۹ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۴۹ ، الكامل في التاريخ :ج۲ ص۲۸۰ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۱۴۰ .

3.وقعة صفّين :ص۱۰۱ وراجع : المعيار والموازنة : ص۱۲۸ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۸۰ .

4.المُشيَّع: الشُّجاع، لأنّ قلبه لا يخذله كأنّه يُشيِّعهُ، أو كأنّه يُشيَّع بغيرهِ . ( النهاية: ج ۲ ص ۵۲۰ « شيع » ) .

5.وقعة وصفّين : ص۱۱۱ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۴۰۳ راجع :شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۸۳ .

6.الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۶۲ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۹۱ ؛ وقعة وصفّين : ص۱۲۱ .

7.الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۶۶ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۷۴ ؛ وقعة وصفّين : ص۱۹۵ كلاهما نحوه .

8.تاريخ الطبري : ج۵ ص۶۴ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۲ ، المعيار والموازنة :ص۱۹۴ .

9.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۲۹۴ ؛ الغارات : ج۲ ص۷۹۹ ، بحار الأنوار :ج۴۱ ص۳۴۶ ، الإرشاد : ج۱ ص۳۲۵ ، إعلام الورى : ج۱ ص۳۴۳ كلاهما نحوه .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 113063
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي