367
مكاتيب الأئمّة ج1

مكاتيب الأئمّة ج1
366

106

كتابه عليه السلام إلى معاوية

۰.[ أورده مصنّف كتاب معادن الحكمة رحمه الله كتابه عليه السلام إلى معاوية۱، عن السَّيِّد رحمه اللهفي نهج البلاغة ، ونقل صدره عن البحراني۲، ولكنَّ نقل ابن أبي الحديد الكتاب بنحوٍ آخر قال : ] واعلم أنَّ هذه الخطبة [ يريد الكتاب الَّذي نقله السَّيِّد في نهج البلاغة۳، ونقله عنه المصنف وأوَّلُه : وكيف أنتَ إذا تَكَشَّفَتْ عَنكَ
جَلابِيبُ ما أنتَ فيهِ ] قد ذكرها نَصْر بن مزاحم في كتاب صفِّين على وجه يقتضي أنَّ ما ذكره الرَّضِيُ رحمه اللهمنها ، قد ضمَّ إليه بعضَ خطبة أخرى ، وهذه عادَتَهُ ، لأنَّ غَرَضَه الْتِقاط الفصيح والبليغ من كلامه ، والَّذي ذكره نَصْر بن مُزاحم هذه صورته : [ صورة الكتاب على نصّ المعتزليّ ]
« مِن عَبدِ اللّه ِ عَلِيٍّ أميرِ المُوِنينَ إلى مُعاوِيَة َ بنِ أبي سُفْيانَ : سَلامٌ علَى مَنِ اتَّبعَ الهُدى ، فإنِّي أحمَد إلَيْكَ اللّه َ الَّذي لا إلهَ إلاَّ هُوَ .
أمَّا بَعدُ ؛ فَإنَّكَ قَد رأيْتَ مُرورَ الدُّنيا وانقَضاءها وتَصَرُّمَها وتَصَرُّفَها بِأَهلِها ، وخيرُ ما اكتُسِبَ مِنَ الدُّنيا ما أصابَهُ العِبادُ الصَّالِحونَ مِنها مِنَ التَّقوى ، ومَن يَقِسِ الدُّنيا بِالآخِرَةِ يَجِدْ بَينَهما بَعِيدا .
واعلَمْ يا مُعاوِيَة ُ ، أنَّك قَدِ ادَّعَيتَ أمْرا لستَ مِن أهلِهِ لا فِي القَديمِ ولا في الحَديثِ ، ولَسْتَ تَقولُ فيهِ بأمرٍ بَيِّنٍ يُعرَفُ لَهُ أثرٌ ، ولا عَلَيْكَ مِنهُ شاهِدٌ مِن كِتابِ اللّه ِ ، ولَسْتَ مُتعلِّقا بِآيَةٍ مِن كِتابِ اللّه ِ ، ولا عَهْدٍ مِن رَسُولِ اللّه ِ صلى الله عليه و آله ، فَكَيْفَ أنتَ صانِعٌ إذا تقشَّعَتْ عَنكَ غَيابَةُ ما أنتَ فيهِ مِن دنيا قَدْ فَتَنَتْ بِزِينَتِها ، ورَكَنْتَ إلى لَذَّاتِها ، وخُلِّيَ بَينَكَ وبَينَ عَدُوِّكَ فِيها ، وهُوَ عَدُوٌّ وكَلِبٌ مُضِلٌّ جاهِدٌ مُليح ، ملحّ مع ما قد ثَبَتَ في نَفْسِكَ من جِهَتِها ، دَعَتْكَ فأجَبتَها ، وقادَتْكَ فاتَّبعْتَها ، وأمَرَتْكَ فأَطعْتَها ، فَاقْعَسْ ۴ عَن هذا الأمْرِ ، وخُذْ أُهبَةَ الحِسابِ ؛ فَإنَّهُ يُوشِكُ أن يَقِفَكَ واقِفٌ علَى ما لا يُجِنَّك مِجَنٌّ .
ومتَى كُنتُم يا مُعاوِيَة ُ ، ساسَةَ الرَّعيَّةِ ، أو وُلاةً لأمْرِ هذهِ الأمَّةِ ، بِلا قَدَمٍ حَسَنٍ ، ولا شَرَفٍ تَليدٍ على قَومِكُم ، فاستَيْقَظْ مِن سِنَتِكَ ، وارجِعْ إلى خالِقِكَ ، وشَمِّر لِما سَيْنزِلُ بِكَ ، ولا تُمَكِّنْ عَدُوَّكَ الشَّيطانَ مِنْ بُغْيَتِهِ فِيكَ ، مَعَ أنِّي أعْرِفُ أنَّ اللّه َ ورَسُولَهُ صادِقانِ .
نَعوذُ باللّه ِ مِن لُزومِ سابِقِ الشَّقاءِ ، وإلاَّ تَفْعَلْ فإنِّي أُعلِمْكَ ما أغفَلْتَ مِن نَفْسِكَ ، إنَّك مُترَفٌ ، قَد أخَذَ مِنكَ الشَّيطانُ مأْخَذَهُ ، فَجَرى مِنكَ مَجرَى الدَّمِ في العُروقِ ، ولَستَ مِن أئمَّةِ هذهِ الأمَّةِ ولا مِن رُعَاتِها .
واعلَم أنَّ هذا الأمرَ لو كانَ إلى النَّاسِ أو بِأيديهِم لحَسَدُوناهُ ، ولامْتَنُّوا علَينا بهِ ، ولكِنَّهُ قَضَاءٌ مِمَّن مَنَحَناهُ واختَصَّنا بهِ علَى لِسانِ نَبيِّهِ الصَّادِقِ المُصَدَّقِ ، لا أفلَحَ مَن شَكَّ بَعدَ العِرفانِ والبَيِّنَةِ ! رَبِّ احكُم بَينَنا وبَينَ عَدُوِّنا بالحَقِّ ، وأنتَ خَيرُ الحاكِمينَ » . ۵

1.معادن الحكمة : ج۱ ص۱۵۶ ـ ۱۵۸ الرقم۲ .

2.شرح نهج البلاغة لابن ميثم : ج۴ ص۳۷۰ و۳۷۱ .

3.نهج البلاغة : الكتاب ۱۰ .

4.القعس : التأخير والرجوع إلى الخلف ، والأصل : قايس من هذا الأمر ( لسان العرب: ج۶ ص۱۷۷ «قعس» ) .

5.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۵ ص۸۶ وراجع : وقعة صفِّين : ص۱۰۸ ـ ۱۱۰ ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج۵۹ ص۱۳۲ و۱۳۳ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112874
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي