121
كتابه عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف
كتابه عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف وهو على المدينة [ نقلوا لهذا الكتاب صورا مختلفة :
إحداها ما أورده مصنف معادن الحكمة ۱ ، والثَّانية ما نقله اليعقوبي ، وهي : ]
« أمَّا بَعدُ ؛ فَقَدْ بَلَغَنِي أنَّ رِجَالاً مِن أهْلِ المَدِينَةِ خَرجُوا إلى مُعاوِيَة َ ، فَمَنْ أدرَكْتَهُ فامنَعْهُ ، ومَن فاتَكَ فلا تأسَ عَليهِ ، فبُعدا لَهُم ، فَسوْفَ يَلْقَوْن غَيّا ، أمَّا لو بُعْثِرَتِ القُبورُ ، واجتَمَعَتِ الخُصومُ ، لَقدْ بَدا لَهُم مِنَ اللّه ِ ما لَمْ يَكونُوا يَحتَسِبونَ ، وقد جاءَني رَسولُكَ يَسأَلُني الإذنَ فأقْبِلْ ، عفا اللّه ُ عَنَّا وعَنْكَ ، ولا تَذَرْ خَلَلاً ، إن شاءَ اللّه ُ تعالَى . »۲
[ والثَّالِثَةُ : ما نقله أنساب الأشراف ، وهي : ] كتب عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف عامله على المدينة :
« أمَّا بَعدُ ، فإنَّه بَلَغَنِي أنَّ رجِالاً مِن أهْلِ المَدِينَةِ يَخرُجُون إلى مُعاوِيَة َ ، فَلا تأْسَفْ عَليهِم ، فَكَفى لَهُم غَيَّا ، ولَكَ مِنهُم شافِيا فِرارُهُم مِنَ الهُدى والحَقِّ ، وإيضاعُهُم إلى العَمى والجَهْلِ ، وإنَّما هُمْ أهلُ دُنيا مُقبِلُونَ علَيها ، قد علموا أنَّ النَّاسَ يَقبَلُونَ في الحَقِّ أُسوَة ، فَهَربُوا إلى الأثَرَةِ ، فسُحقا لَهُم وبُعْدا ، أما لَو بُعثِرَتِ القُبُور ،« وَ حُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ »، واجتَمَعَتِ الخُصومُ ، وقَضَى اللّه ُ بَينَ العِبادِ بالحَقِّ ، لَقدْ عَرَفَ القَومُ ما يَكسِبونَ ، وقَد أتاني كِتابُكَ تَسأَلُني الإذْنَ لَكَ فِي القُدومِ ، فأقدِمْ إذا شِئْتَ ، عَفا اللّه ُ عَنَّا وعَنْكَ ، والسَّلامُ . »۳
[ ونقل الشيخ الصَّدوق في الأمالي رسالة له عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف ، والمظنون أنَّها قطعة من كتابه عليه السلام إلى عثمان بن حُنَيْف عامله عليه السلام على البصرة ، وإنَّما جاء
التَّحريف من النُّسَّاخ ، حيث اشتبه عليهم اسم عثمان فبدلوه باسم سهل ، ولكِنَّا ننقلها هنا كي يتبيّن للقارِئ صحَّةُ ما قلنا ، روى الصَّدوق رحمه اللهبسندين ]أنَّ أمير المونين عليه السلام قال في رسالته إلى سَهْل بن حُنَيْف رحمه الله :
« واللّه ِ ، ما قَلَعتُ بابَ خَيْبَرَ ورَمَيْتُ بهِ خَلْفَ ظَهرِي أربَعينَ ذِراعا بِقُوّةٍ جَسَديَّة ، ولا حَرَكَةٍ غِذائيَّةٍ ، لَكِنِّي أُيِّدْتُ بِقُوَّةٍ مَلَكُوتِيَّةٍ ، ونَفْسٍ بِنُورِ رَبِّها مُضِيَّةٍ ، وأنا مِن أحمَدَ كالضَّوءِ مِنَ الضَّوءِ ، واللّه ِ ، لَو تَظاهَرَتِ العَرَبُ علَى قِتالِي لَمَا ولَّيتُ ، ولو أمْكَنَتْنِي الفُرصَةُ مِن رِقابِها لَمَا بَقَّيتُ ، ومَن لَمْ يُبالِ متى حَتْفُه عَليهِ ساقِطٌ فجَنَانُهُ في المُلِمّات رابِطٌ » .۴
استخلف أمير المؤمنين سَهْل بن حُنَيْف على المدينة حين خرج من المدينة إلى البصرة ، فلمَّا انقضى حرب الجمل استأذنه في اللُّحوق به ، فأذن الإمام عليه السلام له في ذلك ، فلحق به وشهد حرب صفِّين ثُمَّ ولاّه فارس .
وشهد بدر ا وثبت مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم أحد ، وكان يَدفَعُ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، مات سهل بالكوفة ، وصلّى عليهِ أميرُ المؤمنين عليه السلام سنة38 . ۵
[ لمَّا أراد عليٌّ عليه السلام الشُّخوصَ إلى صِفِّين ] قام سَهْلُ بن حُنَيْف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثُمَّ قال : يا أمير المونين ، نحن سِلْمٌ لمَن سالمْتَ ، وحرْبٌ لمَن حاربْتَ ، ورأيُنا رأيك ، ونحن كفُّ يمينك ، وقد رأينا أن تقوم بهذا الأمر في أهل الكوفة ، فتأمرهم بالشُّخوص ، وتخبرهم بما صنع اللّه لهم في ذلك من الفضل ، فإنَّهم أهل البلد وهم النَّاس ، فإن استقاموا لك استقام لك الَّذي تريد وتطلب ، وأمَّا نحن
فليس عليك منَّا خلاف ، متى دعوتنا أجبناك ، ومتى أمرتنا أطعناك . ۶
[ هو من السَّابقين الأوَّلين الرَّاجعين إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقام وقتئذٍ ] قام سَهْل بن حُنيف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النَّبيّ محمَّد وآله ، ثُمَّ قال :
يا معاشر قريش اشهدوا على أنِّي أشهد على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقد رأيته في هذا المكان ـ يعني الرَّوضة ـ وقد أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو يقول : أيُّها النَّاس ، هذا عليّ إمامكم من بعدي ، ووصيّي في حياتي ، وبعد وفاتي ، وقاضي ديني ، ومنجز وعدي ، وأوَّل مَن يصافحني على حوضي ، فطوبى لمَن اتبعه ونصره ، والويل لمَن تخلف عنه وخذله . ۷
1.معادن الحكمة : ج۱ ص۲۲۴ الرقم۱۵ .
2.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۰۳ .
3.أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۸۶ .
4.الأمالي للصدوق : ص۶۰۴ ح۸۴۰ .
5.راجع : أسد الغابة : ج۲ ص۵۷۳ الرقم ۲۲۸۹ ، الاستيعاب : ج۲ ص۲۲۳ الرقم ۱۰۸۹ .
6.وقعة صفِّين : ص۹۳ ؛ نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۷۳ .
7.الاحتجاج : ج۱ ص۱۹۸ ح ۱۰ وراجع : الخصال وكشف اليقين .