387
مكاتيب الأئمّة ج1

121

كتابه عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف

كتابه عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف وهو على المدينة [ نقلوا لهذا الكتاب صورا مختلفة :
إحداها ما أورده مصنف معادن الحكمة ۱ ، والثَّانية ما نقله اليعقوبي ، وهي : ]
« أمَّا بَعدُ ؛ فَقَدْ بَلَغَنِي أنَّ رِجَالاً مِن أهْلِ المَدِينَةِ خَرجُوا إلى مُعاوِيَة َ ، فَمَنْ أدرَكْتَهُ فامنَعْهُ ، ومَن فاتَكَ فلا تأسَ عَليهِ ، فبُعدا لَهُم ، فَسوْفَ يَلْقَوْن غَيّا ، أمَّا لو بُعْثِرَتِ القُبورُ ، واجتَمَعَتِ الخُصومُ ، لَقدْ بَدا لَهُم مِنَ اللّه ِ ما لَمْ يَكونُوا يَحتَسِبونَ ، وقد جاءَني رَسولُكَ يَسأَلُني الإذنَ فأقْبِلْ ، عفا اللّه ُ عَنَّا وعَنْكَ ، ولا تَذَرْ خَلَلاً ، إن شاءَ اللّه ُ تعالَى . »۲
[ والثَّالِثَةُ : ما نقله أنساب الأشراف ، وهي : ] كتب عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف عامله على المدينة :
« أمَّا بَعدُ ، فإنَّه بَلَغَنِي أنَّ رجِالاً مِن أهْلِ المَدِينَةِ يَخرُجُون إلى مُعاوِيَة َ ، فَلا تأْسَفْ عَليهِم ، فَكَفى لَهُم غَيَّا ، ولَكَ مِنهُم شافِيا فِرارُهُم مِنَ الهُدى والحَقِّ ، وإيضاعُهُم إلى العَمى والجَهْلِ ، وإنَّما هُمْ أهلُ دُنيا مُقبِلُونَ علَيها ، قد علموا أنَّ النَّاسَ يَقبَلُونَ في الحَقِّ أُسوَة ، فَهَربُوا إلى الأثَرَةِ ، فسُحقا لَهُم وبُعْدا ، أما لَو بُعثِرَتِ القُبُور ،« وَ حُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ »، واجتَمَعَتِ الخُصومُ ، وقَضَى اللّه ُ بَينَ العِبادِ بالحَقِّ ، لَقدْ عَرَفَ القَومُ ما يَكسِبونَ ، وقَد أتاني كِتابُكَ تَسأَلُني الإذْنَ لَكَ فِي القُدومِ ، فأقدِمْ إذا شِئْتَ ، عَفا اللّه ُ عَنَّا وعَنْكَ ، والسَّلامُ . »۳

[ ونقل الشيخ الصَّدوق في الأمالي رسالة له عليه السلام إلى سَهْل بن حُنَيْف ، والمظنون أنَّها قطعة من كتابه عليه السلام إلى عثمان بن حُنَيْف عامله عليه السلام على البصرة ، وإنَّما جاء
التَّحريف من النُّسَّاخ ، حيث اشتبه عليهم اسم عثمان فبدلوه باسم سهل ، ولكِنَّا ننقلها هنا كي يتبيّن للقارِئ صحَّةُ ما قلنا ، روى الصَّدوق رحمه اللهبسندين ]أنَّ أمير المونين عليه السلام قال في رسالته إلى سَهْل بن حُنَيْف رحمه الله :
« واللّه ِ ، ما قَلَعتُ بابَ خَيْبَرَ ورَمَيْتُ بهِ خَلْفَ ظَهرِي أربَعينَ ذِراعا بِقُوّةٍ جَسَديَّة ، ولا حَرَكَةٍ غِذائيَّةٍ ، لَكِنِّي أُيِّدْتُ بِقُوَّةٍ مَلَكُوتِيَّةٍ ، ونَفْسٍ بِنُورِ رَبِّها مُضِيَّةٍ ، وأنا مِن أحمَدَ كالضَّوءِ مِنَ الضَّوءِ ، واللّه ِ ، لَو تَظاهَرَتِ العَرَبُ علَى قِتالِي لَمَا ولَّيتُ ، ولو أمْكَنَتْنِي الفُرصَةُ مِن رِقابِها لَمَا بَقَّيتُ ، ومَن لَمْ يُبالِ متى حَتْفُه عَليهِ ساقِطٌ فجَنَانُهُ في المُلِمّات رابِطٌ » .۴
استخلف أمير المؤمنين سَهْل بن حُنَيْف على المدينة حين خرج من المدينة إلى البصرة ، فلمَّا انقضى حرب الجمل استأذنه في اللُّحوق به ، فأذن الإمام عليه السلام له في ذلك ، فلحق به وشهد حرب صفِّين ثُمَّ ولاّه فارس .
وشهد بدر ا وثبت مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله يوم أحد ، وكان يَدفَعُ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، مات سهل بالكوفة ، وصلّى عليهِ أميرُ المؤمنين عليه السلام سنة38 . ۵
[ لمَّا أراد عليٌّ عليه السلام الشُّخوصَ إلى صِفِّين ] قام سَهْلُ بن حُنَيْف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثُمَّ قال : يا أمير المونين ، نحن سِلْمٌ لمَن سالمْتَ ، وحرْبٌ لمَن حاربْتَ ، ورأيُنا رأيك ، ونحن كفُّ يمينك ، وقد رأينا أن تقوم بهذا الأمر في أهل الكوفة ، فتأمرهم بالشُّخوص ، وتخبرهم بما صنع اللّه لهم في ذلك من الفضل ، فإنَّهم أهل البلد وهم النَّاس ، فإن استقاموا لك استقام لك الَّذي تريد وتطلب ، وأمَّا نحن
فليس عليك منَّا خلاف ، متى دعوتنا أجبناك ، ومتى أمرتنا أطعناك . ۶
[ هو من السَّابقين الأوَّلين الرَّاجعين إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقام وقتئذٍ ] قام سَهْل بن حُنيف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على النَّبيّ محمَّد وآله ، ثُمَّ قال :
يا معاشر قريش اشهدوا على أنِّي أشهد على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وقد رأيته في هذا المكان ـ يعني الرَّوضة ـ وقد أخذ بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو يقول : أيُّها النَّاس ، هذا عليّ إمامكم من بعدي ، ووصيّي في حياتي ، وبعد وفاتي ، وقاضي ديني ، ومنجز وعدي ، وأوَّل مَن يصافحني على حوضي ، فطوبى لمَن اتبعه ونصره ، والويل لمَن تخلف عنه وخذله . ۷

1.معادن الحكمة : ج۱ ص۲۲۴ الرقم۱۵ .

2.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۰۳ .

3.أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۸۶ .

4.الأمالي للصدوق : ص۶۰۴ ح۸۴۰ .

5.راجع : أسد الغابة : ج۲ ص۵۷۳ الرقم ۲۲۸۹ ، الاستيعاب : ج۲ ص۲۲۳ الرقم ۱۰۸۹ .

6.وقعة صفِّين : ص۹۳ ؛ نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۷۳ .

7.الاحتجاج : ج۱ ص۱۹۸ ح ۱۰ وراجع : الخصال وكشف اليقين .


مكاتيب الأئمّة ج1
386

سَعْدُ بنُ مَسْعودٍ الثَّقَفِيّ

سَعْد بن مَسعود الثَّقَفيّ عمّ المختار بن أبي عُبيد ، من أصحاب الإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السلام الأوفياء . وقيل : من أصحاب رسول اللّه ۱ . ذكرت بعض المصادر أنّه اصطدم يوما بعَمّار بن ياسِر الَّذي كان واليا على الكوفة من قبل عمر ۲ . ولاّه ۳ الإمام عليه السلام في البداية على منطقة الزَّوابي ۴ ، وعندما تحرّك الإمام عليه السلام تلقاء صفِّين ، ولاّه على المَدائِن ۵۶ .
أثنى عليه الإمام عليه السلام في رسالة له ، وذكره بالتَّقوى والنّجابة ، ودعا له ۷ .
لمّا جُرح الإمام الحسن عليه السلام في ساباط ۸ وناله سوء من أصحابه ، التجأ إلى سَعْد بن مسعود ۹ . كان المختار بن أبي عبيد الثَّقَفيّ ابن أخيه ۱۰ الَّذي استخلفه
الإمام عليه السلام على المَدائِن ۱۱ . ويُنسَب إليه أيضا المحدِّث والمؤرّخ الشيعي الكبير إبراهيم الثَّقَفيّ الكوفي ۱۲ .
في الفهرست : سَعْد بن مسعود أخو أبي عبيد بن مسعود عمّ المختار ، ولاّه عليّ عليه السلام على المَدائِن ، وهو الَّذي لجأ إليه الحسن عليه السلام يوم ساباط ۱۳ .
وقال الإمام عليّ عليه السلام ـ في كتابه إلى سَعْد بن مسعود الثَّقَفيّ عامله على المَدائِن وجوخا۱۴ـ :
« أمّا بَعدُ ، فَقَدْ وَفّرتَ علَى المُسلِمينَ فَيْأهُم وأَطَعْتَ رَبَّكَ ، ونَصَحْتَ إمامَكَ ، فِعْلَ المُتَنزِّهِ العَفيفِ ، فَقَدْ حَمَدْتُ أمْرَكَ ، ورضِيتُ هَدْيَكَ ، وأَبَبْتَ۱۵رُشدَكَ ، غَفَرَ اللّه ُ لَكَ ، والسَّلامُ »۱۶.

1.الاستيعاب : ج ۲ ص۱۶۷ الرقم ۹۶۱ ، الإصابة : ج۳ ص۷۰ الرقم ۳۲۱۰ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۱۶۳ و۱۶۴ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۱۹۸ .

3.الأخبار الطوال : ص۱۵۳ .

4.زوابي جمع زاب . وهي الزاب الأعلى بين الموصل وأربل ، والزاب الأسفل ما بين شهرزور وأذربيجان ، وبين الزاب الأعلى والأسفل مسيرة يومين أو ثلاثة ( معجم البلدان : ج۳ ص ۱۲۳ ) .

5.المدائن : أصل تسميتها هي : المدائن السبعة ، وكانت مقرّ ملوك الفُرس . وهي تقع على نهر دجلة من شرقيّها تحت بغداد على مرحلة منها . وفيها إيوان كسرى . فُتحت هذه المدينة في ( ۱۴ ه . ق ) على يد المسلمين ( راجع تقويم البلدان : ص۳۰۲ ) .

6.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۶۵ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۶۲ .

7.أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۸۷ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۰۱ .

8.ساباط : موضع في العراق معروف ، قرب المدائن وبهرسير يُعرف بساباط كسرى ( راجع معجم البلدان : ج۳ ص۱۶۶ ) .

9.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۵۹ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۴۵ ، البداية والنهاية : ج۸ ص۱۴ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۲۷ ؛ الفهرست للطوسي : ص۳۶ الرقم۷ وراجع الأخبار الطوال :ص۲۱۷ وتاريخ الإسلام للذهبي : ج۴ ص۶ .

10.تاريخ الطبري : ج۴ ص۱۶۳ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۱۹۸ .

11.تاريخ الطبري : ج۵ ص۷۶ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۹ .

12.تاريخ الطبري : ج۵ ص۷۶ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۹۹ .

13.الفهرست للطوسي : ص۳۶ الرقم۷ وراجع التاريخ الكبير : ج۴ ص۵۰ ح۱۹۲۵ ، تاريخ : ج۵ ص۱۵۹ ، الفتوح : ج۴ ص۲۸۸ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۲۷ .

14.جُوخا : اسم نهر عليه كورة ( بلدة ) واسعة في سواد بغداد ، وهو بين خانقين وخوزستان ( معجم البلدان : ج۲ ص۱۷۹ ) .

15.أبت إبابته : استقامت طريقته ( القاموس المحيط : ج۱ ص۳۵ ) .

16.أنساب الأشراف : ج۲ ص۳۸۷ ؛ نثر الدرّ : ج۱ ص۳۲۳ وفيه « اُوتيت » بدل « أببت » .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112805
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي