397
مكاتيب الأئمّة ج1

[ أقول : كَعْب بن مالك لم أجده فيما بين يديّ من الكتب ، وإن كان لفظ اليعقوبي والخَراج كما ذكرناه ، والظَّاهر أنَّه مُصَحَّفُ مالك بن كَعْب الأرْحَبيّ الهَمْدانِيّ ، الحاكم في عين التَّمر من قِبَل أمير المؤمنين عليه السلام ، كما في الطَّبري ۱ والقاموس ۲ ، وكان من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، الموالين المخلصين المناصحين له.
وفي الغارات : أنَّ النُّعْمان بن بشير أغار على شيعة أمير المؤمنين عليه السلام ، فقصد عين التَّمر ، وفيه مالك بن كَعْب معه مئة نفر ، فوقع بينهما حرب شديد ، فاستسلموا للموت ، فاستصرخ مِخْنَف بن سُلَيْم ، فأمدّه بابنه مع خمسين رجلاً ، فشدّوا على أهل الشَّام ، فدفعوهم ، ونجا مالك بن كَعْب ، فكتب إلى عليّ عليه السلام : ] أمَّا بعدُ ؛ فقد نزل بنا النُّعْمان بن بشير في جمع من أهل الشَّام ، كالظَّاهر علينا ، وكان عظم أصحابي متفرقين ، وكنَّا للذي كان منهم آمنين ، فخرجنا إليهم رجالاً مصلتين ، فقاتلناهم حَتَّى المساء ، واستصرخنا مِخْنَف بن سُلَيْم ، فبعث إلينا رجالاً من شيعة أمير المونين عليّ عليه السلام وولده عند المساء ، فَنِعمَ الفتى ونعم الأنصار كانوا ، فحملنا على عدوّنا وشددنا عليهم ، فأنزل اللّه علينا نصره ، وهزم عدوّه ، وأعزَّ جنده ، والحمد للّه ربّ العالمين ، والسَّلام عليك ياأمير المونين ، ورحمة اللّه وبركاته . ۳
[ شهد مالك صفِّين ، واسمه مكتوب في الصُّلح ، كما نقله الطَّبري . ۴
وهو الَّذي أجاب دعوة أمير المؤمنين عليه السلام حين حثَّ النَّاس على المسير إلى مصر لنصرة محمَّد بن أبي بكرٍ رحمه الله ، فقال : ] يا أمير المونين إندب النَّاس معي ، فإنَّه لاعطر بعد عروس، لِمِثْلِ هذا اليوم كُنتُ ، أدَّخِرُ نفسي ، وإنَّ الأجر لا يأتي إلاّ بالكَرّةِ . ثُمَّ التفت إلى النَّاس وقال : اتقوا اللّه ، وأجيبوا إمامكم ، وانصروا دعوته ، وقاتلوا عدوَّكم ، وأنا أسير إليهم يا أمير المونين . ۵
[ نقل في الأنساب صورة أخرى من هذا الكتاب ، وهي : ] وكتب عليه السلام إلى مالك بن كَعْب الأرْحَبيّ :
« إنِّي ولَّيتُكَ مَعونَةَ البِهقُباذات ِ ، فآثِرْ طاعَةَ اللّه ِ ، واعلَمْ أنَّ الدُّنيا فانِيَةٌ ، والآخِرَةَ آتِيَةٌ ، واعمَلْ صالِحا تُجْزَ خَيْرا ، فإنَّ عَمَلَ ابنِ آدَمَ مَحفُوظٌ عَليهِ ، وإنَّهُ مَجزِيٌّ بهِ ، فَعَلَ اللّه ُ بِنا وبِكَ خَيْرا والسَّلامُ » .۶

[ كأنَّ البلاذريّ لَخَّصهُ وأسقطَ أوَّلَهُ . وقال الثَّقَفيّ في الغارات ما ملخّصه : ] عبد الرَّحمن بن جُنْدُب عن أبيه : أنَّ أهل دومة الجندل من كلب ، لم يكونوا في طاعة عليّ عليه السلام ، ولا معاوية . . . فذكرهم معاوية مرَّة ، فبعث إليهم مسلم بن عُقْبَة المُرِّيّ فسألهم الصَّدَقة ، وحاصَرهُم ، فبَلَغ ذلِكَ عَليَّا عليه السلام ، وامرأ القيس بن عَدِيّ أصهاره ، فبعث إلى مالك بن كَعْب ، فقال :
« استَعْمِلْ علَى عَينِ التَّمر ِ رَجُلاً ، وأقبِلْ إليَّ » .
فولاّها عبد الرَّحمن بن عبد اللّه بن كَعْب الأرْحَبيّ ، وأقبل إلى عليّ عليه السلام ، فسرَّحه في ألف فارس ، فما شعر مسلم بن عُقْبَة إلاّ ومالك بن كَعْب إلى جنبه نازلاً ، فتواقفا قليلاً ، ثُمَّ إنَّ النَّاس اقتتلوا ، واطَّردوا يومهم ذلك إلى اللَّيل ، لم يستفز بعضهم من بعض شيئا ، حَتَّى إذا كان من الغد ، صلَّى مسلم بأصحابه ، ثُمَّ انصرف ، وأقام مالك بن كَعْب في دومة الجندل يدعوهم إلى الصُّلح عشرا ، فلم يفعلوا ، فرجع إلى عليّ عليه السلام . ۷

1.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۰۷ و۱۳۰ و۱۳۳ .

2.قاموس الرجال : ج۷ ص۴۷۳ .

3.الغارات : ج۲ ص۴۵۷ .

4.تاريخ الطبري : ج۵ ص۵۴ .

5.الغارات : ج۱ ص۲۹۲ .

6.أنساب الأشراف : ج ۲ ص۳۹۳ .

7.الغارات : ج۲ ص۴۵۹ .


مكاتيب الأئمّة ج1
396

123

كتابه عليه السلام إلى مالك بن كَعْب الأرْحَبيّ

۰.وهو عامله على عين التَّمر :« أمَّا بعدُ ؛ فاستخلِفْ عَلى عَمَلِكَ ، واخرُج في طائِفَة ٍ مِن أصحابِكَ ، حَتَّى تَمرَّ بأَرضِ كُورَةِ السَّوادِ ، فتسألُ عَن عُمّالي ، وتنظرُ في سِيرَتِهم ، فِيما بَينَ دِجلَة َ والعُذَيْب ۱ ، ثُمَّ ارجع إلى البِهقُباذات ۲ ، فَتَولَّ مَعونَتَها ، واعمَلْ بِطاعَةِ اللّه ِ فيما
ولاّكَ مِنها ، واعلَم أنَّ كُلَّ عَملِ ابنِ آدمَ مَحفوظٌ عَليهِ مَجزِيّ بهِ ، فاصنَع خَيْرا ، صَنَعَ اللّه ُ بِنا وبِكَ خَيْرا ، وأعلِمْني الصِّدق فِيما صَنَعْتَ ، والسَّلامُ » . ۳
[ وفي نقل بصورة أخرى ، لا بأس بإيرادها : ] « أمَّا بَعدُ ؛ فاستَخلِفْ علَى عَمَلِكَ ، واخرُجْ في طائِفة ٍ مِن أصْحابِكَ ، حَتَّى تَمُرَّ بأرضِ السَّوادِ كُورةً كُورةً ، فتسأَلُهم عَن عُمَّالِهِم ، وتَنظُرَ في سِيرَتِهِم ، حَتَّى تَمُرَّ بِمَنْ كان مِنهُم فِي ما بَينَ دِجلَة َ والفُرات ِ ، ثُمَّ ارجِعْ إلى البِهقُباذات ، فَتَولَّ مَعونَتَها ، واعمَلْ بِطاعَةِ اللّه ِ فِي ما ولاَّك مِنها . واعلَمْ أنَّ الدُّنيا فانِيَةٌ ، وأنَّ الآخِرَةَ باقِيَةٌ ، وأنَّ عَمَل ابنَ آدَمَ مَحفوظٌ علَيهِ ، وأنَّك مجزيّ بما أسلَفتَ ، وقادِمٌ علَى ما قدَّمْتَ مِن خَيْرٍ ، فاصنَعْ خَيْرا ، تَجِدْ خَيْرا . ۴

1.العذيب : تصغير العذب ، وهو الماء الطيب ، ماء بين القادسية والمغيثة ، بينه وبين القادسية أربعة أميال ، وإلى المغيثة اثنان وثلاثون ميلاً ، وقيل العذيب : واد لبني تميم ، وهو من منازل حاج . وقيل : هو حد السَّواد . وقال أبو عبد اللّه السَّكوني : العذيب يخرج من قادسية الكوفة إليه ، وكانت مسلحة للفرس ، بينها وبين القادسية حائطان متصلان بينهما نخل ، وهي ستة أميال ، فإذا خرجت منه دخلت البادية ثُمَّ المغيثة . وكتب عمر إلى سعد : فارتحل بالناس حَتَّى تنزل فيما بين عذيب الهجانات وعذيب القوادس ، وشرق بالناس وغرب بهم . وهذا دليل على أن هناك عذيبين . هذا ملخّص ما ذكره في باب العين والذال من معجم البلدان : ج۶ ص۱۳۱ .

2.بِهْقُبُاذ ـ بالكسر ثُمَّ السُّكون وضم القاف وباء موحدة وألف وذال معجمة ـ : اسم لثلاث كور ببغداد ، منأعمال سقي الفرات منسوبة إلى قباذ بن فيروز والد أنو شروان بن قباذ العادل ، منها ( بهقباذ الأعلى ) سقيه من الفرات ، وهو ستة طساسيج : ( طسوج خطر نيه ) ، و( طسوج النهرين ) ، و( طسوج عين التمر ) ، و( الفلوجتان ) ، العليا والسُّفلى ، و( طسوج بابل ) . ( ومنها ) : ( البهقباذ الأوسط ) ، وهي أربعة طساسيج : ( طسوج سورا ) ، و( طسوج باروسما ) ، و( الجبة والبداة ) ، و( طسوج نهر الملك ) ، ( و منها ) ، ( البهقباذ الأسفل ) ، وهي خمسة طساسيج : الكوفة . وفرات بادقلى ، والسَّيلحين وطسوج الحيرة ، وطسوج تستر ، وطسوج هرمز جرد . ( راجع : بحار الأنوار : ج۳۳ ص۴۶۸ )

3.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۰۴ .

4.كتاب الخراج : ص۱۴۱ ، جمهرة رسائل العرب : ج۱ ص۶۰۳ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112803
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي