130
كتابه عليه السلام إلى رُفاعَة بن شَدَّاد
[ كان رُفاعَة بن شَدَّاد البَجَلِيّ ـ بضمّ الرَّاء ـ من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو أحد أولئك النَّفر الَّذِين وُفِّقوا لدفن أبي ذرّ مع الأشْتَر رحمه الله ، وهو من الفضائل الكبيرة ؛ لشهادة الرَّسول العظيم بإيمانهم في حديث مشهور بين العامَّة والخاصَّة ، وقد شهد معه عليه السلام صفِّين ، وكان على بجيلة ، وله كلام في رفع أهل الشَّام المصاحف . ۱
ثُمَّ جعله أمير المؤمنين عليه السلام قاضيا على الأهواز ، وكتَب إليه كتابا في الأحكام ، يوصيه فيه بأمور ، وقد نقله دعائم الإسلام متفرِّقا ، ونقله عنه العلاّمة المحدِّث النُّوري في المستدرك ، ونهج السَّعادة ، ولم أجده مجتمعا ، وأشار إليه المحدِّث القمِّي رحمه اللهفي سفينة البحار في ترجمة رُفاعَة .
ثُمَّ هو من الَّذِين كتبوا إلى الحسين عليه السلام ولم ينصروه ، ثُمَّ تابوا ، وهو من رؤساء التَّوَّابين الَّذِين خرجوا إلى عَين الوردة ، وقاتلوا أهل الشَّام ، ولكنَّه لم يكن مستقتلاً كما ، استقتل سُلَيْمان والمُسَيَّب بن نَجَبَة ، وعبد اللّه بن سَعْد ، وعبد اللّه بن وال ، فلمَّا قتل هؤلاء رجع إلى الكوفة ، وخرج في أخذ الثَّار ، وقتل حينئذٍ . ] ۲
وهاك نصّ الكتاب ، نذكره مجتمعا ونشير إلى مواضعه من الدَّعائم وغيره :
« لا تُطَلُّ الدِّماءُ ، ولا تُعَطَّلُ الحُدودُ »۳.
« أقِم الحُدودَ في القَريبِ يَجتَنِبْها البَعيدُ ، لا تُطَلُّ الدِّماءُ ، ولا تُعَطَّلُ الحدودُ »۴.
« دَارِئ عَنِ المُؤْمِنِ ما استَطَعْتَ ، فإنَّ ظَهْرَه حِمَى اللّه ِ ، ونفسَه كريمةٌ علَى اللّه ِ ، ولَهُ أن يَكُونَ ثَوابُ اللّه ِ ، وظالِمُهُ خَصْمُ اللّه ِ ، فَلا يَكونُ خَصْمَك اللّه ُ »۵.
« لا تَقْضِ وأنْتَ غَضْبَانٌ ، ولا من النَّوم سَكْران »۶.
« اعْلَم يا رُفاعَة أنَّ هذهِ الإمارَةَ أمانَةٌ ، فمَن جَعَلَها خِيانَةً فَعلَيْهِ لَعنةُ اللّه ِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ ، ومَنِ استَعْمَلَ خائِنا فإنَّ محمَّدا صلى الله عليه و آله بَرِيءٌ منه في الدُّنيا والآخِرَةِ » .۷
« ذَرِ المَطَامِعَ ، وخالِفِ الهَوَى ، وزَيِّن العِلْمَ بسَمْتٍ صالِحٍ ، نِعْمَ عَوْنُ الدِّينِ الصَّبرُ ، لو كانَ الصَّبرُ رجلاً لكان رَجُلاً صالِحا ، وإيَّاك والمَلاَلَةَ ، فإنَّها من السُّخْفِ والنَّذَالَةِ ، لا تُحْضِر مَجْلِسَكَ مَن لا يَشبَهُكَ ، وتَخَيَّرْ لوِردِكَ ، اقضِ بالظَّاهِرِ ، وفَوِّضْ إلى العَالِمِ الباطِن ، دَعْ عنكَ أظُنُّ وأحسِبُ ، وأرَى لَيْسَ في الدِّينِ إشكالٌ ، لا تُمارِ سَفِيها ، ولا فَقِيها ، أمَّا الفقيهُ ، فيَحْرِمَكَ خَيْرَه . وأمَّا السَّفيهُ فيُحزِنُكَ شرُّه ، لا تُجادِل أهلَ الكِتابِ إلاَّ بالَّتي هِيَ أحسَنُ بالكتاب والسُّنَّةِ ، لا تُعَوِّدْ نفسَكَ الضَّحكَ ، فإنَّه
يَذهَبُ بالبَهاءِ ، ويُجَرِّى ءُ الخُصومَ علَى الاعتداءِ .
إيَّاكَ وقَبولَ التُّحَفِ مِنَ الخُصومِ ، وحاذِرِ الدُّخْلَةَ ، مَن ائتَمَنَ امرأةً حَمْقاءَ ، ومَن شاوَرَها فَقَبِلَ مِنها نَدِمَ ، احْذَر مِن دَمْعَةِ المُوِنِ ، فَإنَّها تَقْصِفُ من دَمَّعها ، وتُطفِئُ بُحُورَ النِّيرَانِ عَن صاحِبِها ، لا تَنْبُز الخُصومَ ، ولا تَنْهرْ السَّائِلَ ، ولا تُجالِسْ في مَجلِسِ القَضاءِ غَيْرَ فَقِيهٍ ، ولا تُشاوِرْ في الفُتيا ، فإنَّما المَشورةُ في الحَرْبِ ومَصالِحِ العاجِلِ ، والدِّينُ ليسَ هُوَ بالرَّأي ، إنَّما هُوَ الاتِّبَاعُ ، لا تُضَيِّعِ الفَرائِضَ ، وتَتَّكِلْ علَى النَّوافِلِ ، أحسِن إلى مَنْ أساءَ إليك ، واعْفُ عَمَّن ظلَمَكَ ، وادعُ لِمَن نَصَرَكَ ، وأعْطِ مَن حَرَمَك وتَواضَعْ لِمَنْ أعطَاكَ ، واشكُر اللّه َ على ما أوْلاَكَ ، واحْمَدْهُ علَى ما أبْلاَكَ .
العِلْمُ ثَلاثةٌ : آيةٌ مُحكَمةٌ ، وسُنَّةٌ مُتبَعَةٌ ، وفريضَةٌ عادِلةٌ ، ومَلاَكُهُنَّ أمرُنَا » .۸
« لا تَستعمِل مَن لا يُصدِّقُكَ ، ولا يُصَدِّقُ قَوْلَكَ فِينا ، وإلاَّ فاللّه ُ خَصْمُكَ وطالِبُكَ ، لا تُوَلِّ أمرَ السُّوقِ ذا بِدْعَةٍ وإلاَّ فأنْتَ أعلَمُ » .۹
« مَنْ تَنقّصَ نبيَّا فلا تُناظِرْهُ » .۱۰
عن عليّ عليه السلام أنَّه كتب إلى رُفاعَة ، وهو رُفاعَة بن شَدَّاد ، وكان قاضيا لعليّ عليه السلام بالأهواز :
« أنْ يأمُرَ القصَّابِينَ أنْ يُحْسِنوا الذَّبحَ ، فمَن صمَّم فَلْيُعَاقِبْهُ ، وْليُلْقِ ما ذَبَحَ إلى الكِلابِ » .۱۱
« لا قِسْمَةَ فيما لا يَتَبَعَّضُ ، يعني ما لا يَتَجَزَّأُ على أنْصِباءِ الشُّرَكاءِ » .۱۲
« أدِّ أمانَتَكَ ، وَوَفِّ صَفْقَتَكَ ، ولا تَخُنْ مَن خَانَكَ ، وأحسِن إلى مَن أساءَ إليْكَ ، وكافِ مَن أحسَنَ إليْكَ ، واعْفُ عَمَّن ظلَمكَ ، وادْعُ لمَن نَصَرَكَ ، وأَعْطِ مَن حَرَمَكَ ، وتواضَعْ لِمَنْ أعْطاكَ ، واشْكُر اللّه َ كَثِيرا على ما أولاكَ ، واحمَدْهُ على ما أبْلاكَ » .۱۳
« إنْهَ عَنِ الحُكْرَةِ ، فمَن رَكَبَ النَّهْيَ ، فأَوْجِعْهُ ، ثُمَّ عَاقِبْه بإظهار ما احْتُكِر ».۱۴
« وإيَّاكَ والنَّوحَ علَى المَيِّتِ بِبَلَدٍ يَكُونُ لَكَ بهِ سُلْطانٌ » .۱۵
كتَب عليّ عليه السلام إلى رُفاعَة ؛ يأمُرُه بطَرْد أهل الذِّمَّة من الصَّرْف .۱۶
« لا حِمى إلاَّ مِن ظَهْر مُوِنٍ ، وظَهْر فَرَسٍ مُجاهِدٍ ، وحَرِيمِ بئرٍ ، وحَرِيم نهْرٍ ، وحرِيمِ حِصْنٍ ، والحُرْمةِ بينَ الرِّجالِ والنِّساءِ وهِيَ الحُجُبُ ، وحَرِيمٍ بَيْنَ الحَلالِ والحَرامِ ، لا مَرْتَعَ فيهِ ، وحرِيمٍ لا يوَنُ في الأوَّلين والآخرين ، وحرِيمٍ حَرَّمَتْهُ الرَّحِمُ ، وحَرِيمِ ما جاوَزَ الأربَعَ مِنَ الحَرائِرِ ، وحَرِيمِ القَضاء » .۱۷
عليّ عليه السلام : ـ أنَّه استَدْرَك على ابن هَرْمَةَ خِيَانَةً ، وكان على سُوق الأهواز ، فكتَب إلى رُفاعَة ـ
« إذا قَرأْتَ كتابِي فَنَحِّ ابنَ هَرْمَةَ عَنِ السُّوقِ ، وأوقِفْهُ للنَّاسِ ، واسْجُنْهُ ، ونادِ علَيْهِ ، واكتُبْ إلى أهْلِ عَمَلِكَ تُعْلِمُهُم رَأيِي فيهِ ، ولا تَأْخُذْكَ فيهِ غَفلةٌ ولا تَفرِيطٌ فَتَهلِكَ عِندَ اللّه ِ ، وأعْزِلُكَ أَخْبَثَ عزلَةٍ ، وأُعِيذُكَ باللّه ِ مِن ذلِكَ ، فإذا كانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ
فَأخرِجْهُ مِنَ السِّجْنِ واضْرِبْهُ خَمْسَةً وثَلاثينَ سَوْطا ، وطُفْ بهِ إلى الأَسْواقِ ، فَمَنْ أتى علَيهِ بشاهِدٍ فحَلِّفْهُ مَعَ شاهدِهِ ، وادفَعْ إليْهِ مِن مَكْسَبِهِ ما شُهِدَ بهِ عَلَيْهِ ، ومُرَّ بهِ إلى السِّجنِ مُهانَا مَقْبوحا مَنْبوحا ، واحْزِمْ رِجلَيْهِ بحِزَامٍ ، وأخْرِجْهُ وَقْتَ الصَّلاةِ ، ولا تَحُلْ بَيْنَهُ وبَيْنَ مَن يأتِيه بمَطْعَمٍ أو مَشْرَبٍ أو مَلْبَسٍ أو مَفْرَشٍ ، ولا تَدَعْ أحَدا يَدخُلُ إليهِ مِمَّن يُلَقِّنُهُ اللُّدَدَ ، ويُرَجِّيهِ الخُلُوصَ ، فَإنْ صَحَّ عِندَكَ أنَّ أحدا لَقَّنَهُ ما يَضُرُّ بهِ مُسلِما فاضْرِبهُ بالدِّرَّة فاحبِسْهُ حَتَّى يَتُوبَ ، ومُرْ بإخراجِ أهْلِ السِّجْنِ في اللَّيلِ إلى صَحْنِ السِّجْنِ ليتفَرَّجُوا غَيْرَ ابنِ هَرْمَةَ ، إلاَّ أنْ تَخافَ مَوتَهُ فتُخْرِجَهُ مَعَ أهلِ السِّجْنِ إلى الصَّحْنِ ، فإنْ رأيْتَ بهِ طَاقَةً أو استطاعَةً فاضربْهُ بَعْدَ ثَلاثِينَ يَوْما خَمْسَةً وثَلاثِينَ سَوْطا بَعْدَ الخَمْسَةِ والثَّلاثِينَ الأُولى ، واكتُبْ إلَيَّ بما فعَلتَ في السُّوقِ ، ومَنِ اختَرْتَ بَعْدَ الخائِنِ ، واقطَعْ عَنِ الخائِنِ رِزقَهُ .۱۸
1.راجع : وقعة صفِّين : ص۲۰۵ و۴۸۸ .
2.راجع : رجال الكشّي : ج۱ ص۶۵ الرقم۱۱۸ ، دعائم الإسلام : ج۱ ص۲۲۷ وج۲ ص۱۷۶ و۴۹۹ ، الغارات : ج۲ ص۷۷۵ ، بحار الأنوار : ج۴۵ ص۳۶۱ ، ترجمة سفينة البحار : ج۱ مادة « رفع » ، قاموس الرجال : ج۴ ص۱۳۳ و۱۳۴ ؛ تاريخ الطبري : ج۷ ص۱۲۷ وص۲۳۳ وص۴۹۷ وص۴۹۹ وص۵۴۳ ـ ۵۶۵ وص۵۹۸ ـ ۶۵۹ ، مروج الذَّهب : ج۳ ص۱۰۳ .
3.دعائم الإسلام : ج۲ ص۴۰۴ ح۱۴۱۶ .
4.دعائم الإسلام : ج۲ ص۴۴۲ ح۱۵۴۱ ، عيون الحكم والمواعظ : ص۷۹ ح۱۹۲۳ ، دستور معالم الحكم : ص ۶۰ وفيهما إلى قوله « البعيد » .
5.دعائم الإسلام : ج۲ ص۴۴۵ ح۱۵۵۳ ، بحار الأنوار : ج۷۴ ص۲۳۰ ح۲۸ عن كتاب القضاء للصوري وفيه « دار المؤمن » بدل « دارئ المؤمن » و« فلا تكن خصمه » بدل « فلا يكن خصمك اللّه » ؛ دستور معالم الحكم : ص۱۲۳ و۱۲۴ .
6.دعائم الإسلام : ج۲ ص۵۳۷ ح۱۹۰۹ ؛ دستور معالم الحكم : ص۶۳ .
7.دعائم الإسلام : ج۲ ص۵۳۱ ح۱۸۹۰ .
8.دعائم الإسلام : ج۲ ص۵۳۴ ح۱۸۹۹ راجع : دستور معالم الحكم : ص۶۳ .
9.دعائم الإسلام : ج۲ ص۵۳۰ ح۱۸۸۲ .
10.دعائم الإسلام : ج۲ ص۴۵۹ ح۱۶۱۹ .
11.دعائم الإسلام : ج۲ ص۱۷۶ ح۶۳۴ ، بحار الأنوار : ج۶۵ ص۳۲۸ ح۴۹ .
12.دعائم الإسلام : ج۲ ص۴۹۹ ح۱۷۸۲ .
13.دعائم الإسلام : ج۲ ص۴۸۷ ح۱۷۴۱ .
14.دعائم الإسلام : ج۲ ص۳۶ ح۸۰ .
15.دعائم الإسلام : ج۱ ص۲۲۷ ، بحار الأنوار : ج۸۲ ص۱۰۱ .
16.دعائم الإسلام : ج۲ ص۳۸ ح۸۶ .
17.دستور معالم الحكم : ص۱۱۱ .
18.دعائم الإسلام : ج۲ ص۵۳۲ ح۱۸۹۲ .