131
كتابه عليه السلام إلى مالك الأشْتَر
من كتاب له عليه السلام كتَبَه إلى مالك بن الحارث الأشْتَر رحمه الله ، وهو عاملُه على الجَزيرة ، لمَّا فسدت مصر على محمَّد بن أبي بكر رحمه الله .
قال : أبو مِخْنَف ، عن يَزيد بن ظَبْيَان الهَمْدانِيّ ما ملخَّصه : أنَّه لمَّا قتل أهل خربتا ابن مضاهم الكلبي ، خرَج معاوية بن حُدَيْج الكِنْديّ السَّكونيّ ، فدَعا إلى الطَلب بدَم عثمان ، فأجابَه ناس آخرون ، وفَسدت مصر على محمَّد بن أبي بكر ، فبَلَغ عليَّا ، فقال عليه السلام :
« ما لِمِصْر إلاَّ أحدُ الرَّجُلَينِ : قَيْسُ بنُ سَعْدِ بنِ عُبادَةَ أو مالِكُ الأشْتَر » .
فلمَّا انْقضى أمْر الحَكَمَيْن، كَتَب عليّ عليه السلام إلى مالك الأشْتَر رحمه الله وهُو يَومَئذٍ بنَصِيبَين:
« أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّك مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ ، وأَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ الأَثِيمِ ، وأَشُدُّ بِهِ الثَّغْرَ الْمَخُوفِ ، وكنْتُ وَلَّيْتُ محمَّد بنَ أبي بَكْر مِصرَ ، فَخَرَجتْ علَيْه بها خَوارِجٌ ، وهُو غُلامٌ حَدثٌ ، لَيْسَ بِذِي تَجْرِبَةٍ للْحَرب ، ولا بِمُجَرِّبٍ للأشْياءِ ، فاقْدِم علَيَّ لِنَنْظُرَ في ذلِكَ فِيما يَنبغي ، واسْتَخلِفْ على عمَلِكَ أهْلَ الثِّقَةِ والنَّصِيحَةِ مِن أصْحابِكَ ، والسَّلامُ » .
فأقْبل مالك حتَّى دَخَل على أمير المؤمنين عليه السلام ، فحدَّثه حَدِيث أهل مصر ، وقال
له : « لَيْس لها غَيْرُكَ ، أُخْرج رَحِمَكَ اللّه ُ ، فإنِّي إنْ لَمْ أُوصِكَ اكتَفيتُ بِرَأيِكَ ، واسْتَعِنْ باللّه ِ علَى ما أهمَّكَ ، فاخلُطِ الشِّدَّةَ باللّينِ ، وارفُقْ ما كانَ الرِّفْقُ أبلغُ ، واعتَزِمْ بالشِّدَّةِ حِيْنَ لا يُغْني عَنْكَ إلاَّ الشِّدَّةَ » .
فخَرج الأشْتَر رحمه الله ، وأتى رَحله ، وتهيَّأ للخروج إلى مصر ، وقدَّم أمير المؤمنين عليه السلام أمَامَه كتابا إلى أهل مصر . . . ۱