459
مكاتيب الأئمّة ج1

131

كتابه عليه السلام إلى مالك الأشْتَر

من كتاب له عليه السلام كتَبَه إلى مالك بن الحارث الأشْتَر رحمه الله ، وهو عاملُه على الجَزيرة ، لمَّا فسدت مصر على محمَّد بن أبي بكر رحمه الله .
قال : أبو مِخْنَف ، عن يَزيد بن ظَبْيَان الهَمْدانِيّ ما ملخَّصه : أنَّه لمَّا قتل أهل خربتا ابن مضاهم الكلبي ، خرَج معاوية بن حُدَيْج الكِنْديّ السَّكونيّ ، فدَعا إلى الطَلب بدَم عثمان ، فأجابَه ناس آخرون ، وفَسدت مصر على محمَّد بن أبي بكر ، فبَلَغ عليَّا ، فقال عليه السلام :
« ما لِمِصْر إلاَّ أحدُ الرَّجُلَينِ : قَيْسُ بنُ سَعْدِ بنِ عُبادَةَ أو مالِكُ الأشْتَر » .
فلمَّا انْقضى أمْر الحَكَمَيْن، كَتَب عليّ عليه السلام إلى مالك الأشْتَر رحمه الله وهُو يَومَئذٍ بنَصِيبَين:
« أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّك مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى إِقَامَةِ الدِّينِ ، وأَقْمَعُ بِهِ نَخْوَةَ الأَثِيمِ ، وأَشُدُّ بِهِ الثَّغْرَ الْمَخُوفِ ، وكنْتُ وَلَّيْتُ محمَّد بنَ أبي بَكْر مِصرَ ، فَخَرَجتْ علَيْه بها خَوارِجٌ ، وهُو غُلامٌ حَدثٌ ، لَيْسَ بِذِي تَجْرِبَةٍ للْحَرب ، ولا بِمُجَرِّبٍ للأشْياءِ ، فاقْدِم علَيَّ لِنَنْظُرَ في ذلِكَ فِيما يَنبغي ، واسْتَخلِفْ على عمَلِكَ أهْلَ الثِّقَةِ والنَّصِيحَةِ مِن أصْحابِكَ ، والسَّلامُ » .
فأقْبل مالك حتَّى دَخَل على أمير المؤمنين عليه السلام ، فحدَّثه حَدِيث أهل مصر ، وقال
له : « لَيْس لها غَيْرُكَ ، أُخْرج رَحِمَكَ اللّه ُ ، فإنِّي إنْ لَمْ أُوصِكَ اكتَفيتُ بِرَأيِكَ ، واسْتَعِنْ باللّه ِ علَى ما أهمَّكَ ، فاخلُطِ الشِّدَّةَ باللّينِ ، وارفُقْ ما كانَ الرِّفْقُ أبلغُ ، واعتَزِمْ بالشِّدَّةِ حِيْنَ لا يُغْني عَنْكَ إلاَّ الشِّدَّةَ » .

فخَرج الأشْتَر رحمه الله ، وأتى رَحله ، وتهيَّأ للخروج إلى مصر ، وقدَّم أمير المؤمنين عليه السلام أمَامَه كتابا إلى أهل مصر . . . ۱

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۹۵ وراجع : الأمالي للمفيد : ص۵۶ ، الغارات : ج۱ ص۵۴۷ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۶ ص۷۴ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۶۷ ، الكامل لابن الأثير : ج۳ ص۳۵۲ .


مكاتيب الأئمّة ج1
458

[ أقول : ولم يوجد هذا الكتاب إلاَّ في دعائم الإسلام ، وفي البحار ۱ عن كتاب قضاء الحُقوقِ للصُّوري ، وظاهِرُ الدَّعائم في الموارد ، أنَّه كتاب واحد مشتمل على أحكام كثيرة ، نقله الدَّعائم متفرقا ، كقوله : « أنَّه كتب كتابا إلى رُفاعَةَ بن شَدَّاد كان فيه » ، وقوله : « أنَّه كتب إلى رُفاعَة لمَّا استقضاه على الأهواز فيه . . . » ، والعبارات الأخر لا دلالة فيها على وحدة الكتاب ، ولا على تعدّده ، بل المظنون أنَّ الكتاب في ابن هَرْمَة كتاب مستقلّ ، وقد اعترف بما ذكرنا في نهج السَّعادة ، قال :
لم أجد هذا الكتاب إلاَّ في دعائم الإسلام ، وصاحب الدَّعائم لم يذكره متواليا ومُنظَّما ، بل قسَّمه على الأبواب والمواضيع المختلفة من كتابه ، على ما هو ديدن الفقهاء من ذكر كل فقرة من الكلام والحديث الواحد ، في الباب الَّذي يلائمه . . .ثُمَّ
لا يخفى أنَّه لا دليل على وحدة الكتاب ، بل المظنون أنَّ ما ذكره عليه السلام في قضية ابن هَرْمَة كتاب مستقلّ . . . ۲ ] .

1.بحار الأنوار : ج۷۴ ص۲۳۰ ح۲۸ .

2.نهج السعادة : ج۵ ص۳۸ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112872
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي