جَابِرُ بنُ عبدِ اللّه ِ الأنْصارِيّ

جابر بن عبد اللّه بن عَمْرو الأنْصاريّ ، يُكنّى أبا عبد اللّه . صحابيّ ذائع الصِّيت ^۱ ، عمّر طويلاً . وكان مع أبيه في تلك اللَّيلة التَّاريخيّة المصيريّة الَّتي عاهد فيها أهل يثرب رسول اللّه صلى الله عليه و آله على الدِّفاع عنه ودعمه ونصره ، وبيعتهم هي البيعة المشهورة في التَّاريخ الإسلامي ب« بيعة العَقَبَة الثَّانية » ^۲ .
ولمّا دخل النَّبيّ صلى الله عليه و آله المدينة ، صحبه وشهد معه حروبه ^۳ ولم يتنازل عن حراسة الحقّ وحمايته بعده صلى الله عليه و آله ، كما لم يدّخر وسعا في تبيان منزلة عليٍّ عليه السلام ، والتَّنويه بها ^۴ . أثنى الأئمّة عليهم السلام على رفيع مكانته في معرفة مقامهم عليهم السلام ، وعلى وعيه العميق للتيّارات المختلفة بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ومعارف التَّشيُّع خاصّةً ، وعلى فهمه النَّافذ لأسرار القرآن . وأشادوا به واحدا من القلّة الَّذين لم تتفرّق بهم السُّبل بعد النَّبيّ صلى الله عليه و آله ، ولم يستبِقوا الصِّراط بعده ، بل ظلّوا معتصمين متمسّكين به ^۵ .
قلنا: إنّه عمّر طويلاً؛ لذا ورد اسمه الكريم في صحابة الإمام أميرالمؤمنين عليه السلا ^۶ ، والإمام الحسن عليه السلام ^۷ ، والإمام الحسين عليه السلام ^۸ ، والإمام السَّجَّاد عليه السلام ^۹ ، والإمام الباقر ^۱۰ ، وهو الَّذي بلّغ الإمام الباقر عليه السلام سلامَ رسول اللّه صلى الله عليه و آله له ^۱۱ . وكان قد شهد صفِّين مع الإمام عليه السلام ^۱۲ . وهو أوّل من زار قبر الحسين عليه السلام ، وشهداء كربلاء في اليوم الأربعين من استشهادهم ، وبكى على أبي عبد اللّه كثيرا ^۱۳ .
والرِّوايات المنقولة عنه بشأن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وما اُثر عنه من أخبار تفسيريّة ، ومناظراته ، تدلّ كلّها على ثبات خُطاه ، وسلامة فكره ، وإيمانه العميق ، وعقيدته الرَّاسخة . ولجابر صحيفة مشهورة أيضا ^۱۴ ولأ نّه لم ينصر عثمان في فتنته ، فقد ختم الحجّاج بن يوسف على يده يريد إذلاله بذلك ^۱۵ . فارق جابر الحياة سنة 78ه ^۱۶ .
في علل الشرائع عن أبي الزُّبَيْر المكّيّ : رأيت جابرا متوكّئا على عصاه، وهو يدور في سكك الأنصار ومجالسهم ، وهو يقول : عليّ خير البشر ، فمن أبى فقد كفر . يا معشر الأنصار ! أدّبوا أولادكم على حبّ عليّ ، فمن أبى فانظروا في شأن اُمّه ^۱۷ .
وقال الإمام الصادق عليه السلام : « إنّ جابِرَ بنَ عَبدِ اللّه ِ الأنْصارِيَّ، كانَ آخِرَ مَن بَقِيَ مِن أصحابِ رَسُولِ اللّه صلى الله عليه و آله ، وكانَ رَجُلاً مُنقَطِعا إلينا أهلَ البَيتِ »^۱۸.