93
مكاتيب الأئمّة ج1

14

كتابه عليه السلام إلى حُذَيْفَة بن اليَمان

۰.لمَّا وجَّه عثمان بن عفَّان عمَّاله في الأمصار ، كان فيمن وجَّه، الحارث بن الحَكَم إلى المَدائِن ، فأقام فيها مدَّة يتعسّف أهلها ويُسيءُ معاملتهم ، فوفد منهم إلى عثمان ، وفد يشكوه، وأعلموه بسوء ما يعاملهم به ، وأغلظوا عليه في القول ، فولّى حُذَيْفَة بن اليَمان عليهم ـ وذلك في آخر أيَّامه ـ فلم ينصرف حُذَيْفَة بن اليَمان عن المَدائِن إلى أن قُتل عثمان ، واسْتُخلِفَ عليُّ بن أبي طالب عليه السلام ، فأقام حُذَيْفَة عليها ، وكتَب إليه :« بسم اللّه الرّحمن الرحيم
مِن عَبدِ اللّه ِ عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام إلى حُذَيْفَةَ بنِ اليَمانِ ، سَلامٌ علَيْكَ .
أمَّا بَعدُ ، فإنِّي قَدْ وَلَّيتُك ما كُنتَ علَيْهِ لِمَن كانَ قَبْلِي مِن حِرَفِ المَدائِنِ ، وَقَدْ
جَعَلْتُ إليْكَ أعمالَ الخَراجِ والرَّسْتاقِ، وجِبايَةَ أهْلِ الذِّمَّةِ ، فاجمَعْ إليْك ثِقاتِكَ ومَن أحْبَبْتَ، ممَّن تَرْضى دِينَه وَأمانَتَه ، واسْتَعِن بهِم علَى أعمالِكَ ، فإنَّ ذلِكَ أعزُّ لَكَ وَلِوَليِّكَ ، وأكْبَتُ لِعَدُوِّكَ .
وإنِّي آمرُكَ بِتَقْوَى اللّه ِ وَطاعَتِهِ في السِّرِّ والعَلانِيَّةِ ، وأُحَذِّرُك عِقابَهُ في المَغِيب والمَشْهَدِ ، وأتَقَدَّمُ إليْك بالإحسانِ إلى المُحْسِنِ ، والشِدَّةِ على المُعانِدِ ، وآمُرُكَ بالرِّفقِ في أُمورِكَ ، واللِّينِ والعَدلِ على رَعيَّتِكَ ، فإنَّك مسؤولٌ عَن ذلِكَ ، وإنصافِ المظلُومِ ، والعَفوِ عَنِ النَّاسِ ، وَحُسْنِ السِّيرةِ ما اسْتَطَعْتَ ، فإنَّ اللّه َ يَجْزِي المُحسِنينَ .
وآمُرُك أنْ تُجْبِي خَراج الأرَضِينَ على الحقِّ والنَّصَفَةِ ، ولا تُجاوِز ما قَدَّمتُ بهِ إليْكَ ، ولا تَدَعَ منْه شَيْئا ، ولا تبتَدِع فيْهِ أمْرا ، ثُمَّ اقسمهُ بَينَ أهلِهِ بالسَّويَّةِ والعَدلِ ، واخْفِض لِرَعيَّتِكَ جَناحَكَ ، وواسِ بَينَهُم في مَجلِسِكَ ، وَليَكُنْ القَريبُ وَالبَعيدُ عِندَكَ في الحقِّ سَواءٌ ، واحْكُم بَينَ النَّاسِ بالحقِّ ، وأقِمْ فيْهِم بالقِسطِ ، ولا تَتَّبِعِ الهَوى ، ولا تَخَفْ في اللّه ِ لَومَةَ لائِمٍ ، فإنَّ اللّه َ مَعَ الَّذينَ اتَّقَوْا ، وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنونَ .
وَقَدْ وَجَّهْتُ إليْكَ كِتابا لتَقْرَأَهُ على أهلِ مملكتِكَ ، لِيَعْلَموا رأيَنا فيهِم، وفي جَميعِ المُسلِمينَ ، فَأَحْضِرْهُم واقْرَأهُ عَلَيْهِمْ ، وخُذْ لنا البَيْعَةَ علَى الصَّغيرِ والكبيرِ مِنْهُم ، إنْ شاءَ اللّه ُ » . ۱

1.راجع : إرشاد القلوب : ص۳۲۱ ، الدرجات الرفيعة : ص۲۸۸ ، بحار الأنوار : ج۲۸ ص۸۷ ح ۳ .


مكاتيب الأئمّة ج1
92
  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112925
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي